للشعر في الثقافة العربية مكانة عظيمة، فهو أحد الروافد التي حفظ العرب من خلالها تاريخهم وسجلوا الأحداث التي شكلت ذلك التاريخ العظيم، وأعلام الشعر العربي كثيرون ولكل منهم أسلوبه الذي يتميز به والذي يجعل لشعره مذاقاً يميزه عن قصائد الآخرين من الشعراء، فكل منهم قد ملك ناصية اللغة ومفرداتها فبرع في انتقاء الأساليب البلاغية التي يوصل بها رسالته من خلال قصائده إلي جمهور المتلقين، ولقد قرأت عديدا من دواوين الأشعار التي نظمها أساطين الشعراء العرب، إلا أن أكثر ما أثر في نفسي شعر أبوفراس الحمداني لأنه الشاعر الوحيد الذي كان ينقد نفسه ويقومها من خلال أبيات شعره ليقدم نموذجا لانتقاد الذات في سبيل إصلاحها، وقد كان رمزا من رموز الشجاعة والفروسية العربية في حروب العرب ضد دولة الروم، وقد وقع أسيرا في إحدي معاركها فنظم أروع قصائده التي اعتبرها نقاد ودارسو الشعر العربي نموذجا لزرع قيم الشجاعة والاعتزاز بالنفس والمحافظة علي الكبرياء والكرامة في نفس شباب الأمة حتي وإن كانت لتبدو انها رسالة إلي محبوبته إلا انها هي أفضل ما يجب علي الشاب قراءته والتأثر به في مقتبل حياته ليشب علي تلك القيم العربية الأصيلة، بدأ الشاعر العظيم قصيدته قائلا »اراك عصي الدمع شيمتك الصبر« ليسري عن نفسه مرارة الأسر ويروي أنه لن يبكي أبدا لأن دمعه يعصي الذرف من عينيه فمن صفاته كقائد للجند الصبر علي المكاره.. حضرتني رسالة بيت الشعر هذا وأنا أطالع نتائج انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الشوري والتي جرت أحداثها من أيام قليلة مضت لأسأل كل من فاز بشرف عضوية المجلس.. هل سوف اراك »عصي« الجمع بين مشاغلك وبين تحقيق كل الوعود التي قطعتها علي نفسك وتعهدت بتحقيقها أثناء جولاتك الميدانية أم ستحقق التوازن المطلوب بين حياتك وحياة أبناء دائرتك؟ هل ستكون شيمتك »الهجر« لشوارع وحواري وأزقة دائرتك الانتخابية التي كنت تجوبها ليل نهار للاجتماع بالناخبين ولن تعود للسير فيها إلا قبل موعد الانتخابات القادمة بقليل أم سوف تستمر في التواجد بينهم كواحد منهم حتي وإن لم تكن من القاطنين في أحد أحياء الدائرة؟ هل سوف أراك »عصي« التذكر لملامح وجوه أبناء الدائرة الذين أوصلوك ممثلا لهم تحت قبة مجلس الشوري أم ستحافظ علي معرفة اسمائهم ووجوههم قدر ما استطعت؟ هل ستكون شيمتك »الهجر« لمقرك الانتخابي الذي كنت تلتقي فيه مواطنيك لتقول لهم حديث الصباح والمساء أم سوف ترتب لهم موعدا ثابتا ولو كل شهر تلتقي فيه معهم؟ هل سوف أراك »عصي« الإجابة علي هاتفك المحمول الذي وزعت رقمه مع كل رغيف عيش لكل أبناء دائرتك الانتخابية أثناء جولاتك المكوكية أم سوف تحترم ناخبيك وتتلقي اتصالاتهم وتجيب عليها؟ هل ستكون شيمتك »الهجر« لذلك الرقم وتعود ثانية إلي رقمك الأصلي الذي لا يعلمه إلا المقربون أم سوف تبقي ذلك الرقم فاعلا لأنه الرقم المخصص لأبناء دائرتك الانتخابية؟ هل سوف أراك »عصي« الخدمة لأي ابن من أبناء الدائرة حتي وإن لم يكن أحد ساكنيها أم أنك ستخدم أي مواطن أيا كان محل سكنه من أنه لا يمثل لك صوتا انتخابيا؟ هل ستكون شيمتك »الهجر« للباس المشاركات الاجتماعية في الأفراح والأتراح أم ستكون دائم التفاعل معهم مشاركا مجاملا كما كنت أثناء حملتك الانتخابية؟ كل الإجابات الآن عند سيادة النائب الفائز.. ومع كل التهاني بالفوز ادعو الله ألا أراه »عصي« الإجابة »شيمته« الصمت..