د. الصعيدي: رعاية الأيتام واجبة.. والله يحسن لمن أحسن إليهم د. مندور: الإسلام أول دستور يمنح اليتيم حقوقه گاملة تحتفل مصر يوم الجمعة المقبل بيوم اليتيم، والذي اعتدنا ان نحتفل به علي مدي السنوات السبع الماضية في أول جمعة من شهر ابريل لتذكير أفراد المجتمع بحقوق الأيتام في الرعاية والاهتمام والمشاركة الوجدانية معهم، وهو الأمر الذي يأتي متفقا مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي أوصت بكفالة اليتيم وتقديم جميع أوجه الرعاية له. »أخبار اليوم« طرحت هذه القضية للنقاش في التحقيق التالي. يشيد د.عبدالحكم الصعيدي الاستاذ بجامعة الأزهر بفكرة تخصيص يوم لليتيم لتذكير الناس بأهمية تقديم أوجه الرعاية لليتامي.. مؤكدا ان هذا الأمر يتفق مع تعاليم الإسلام الحنيف التي تولي رعاية الأيتام عناية فائقة، استنادا لآيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث علي الاهتمام بالاطفال الأيتام، وتبشر الذين يحسنون إليهم بالثواب والأجر العظيم. ويقول د.الصعيدي: اليتامي في المجتمع الإسلامي فئة مكفولة، ويتضح ذلك من توجيه الله تعالي لنبيه محمد »صلي الله عليه وسلم« في قوله عز وجل: »فأما اليتيم فلا تقهر«، والقهر هنا يعني التكليف بما لا يطيق لذا يجب علينا أن نبتسم في وجه اليتيم ونرعاه رعاية متكاملة، ولعل من أهم ما يمكن أن نقدمه لليتيم هو الحرص علي تعليمه، وتوفير له الحرفة أو الصنعة التي تحفظ ماء وجهه وتصون حياته، ولقد ورد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب جئ إليه بلقيط فما كان من عمر إلا أن بين الحقوق التي تجب لهذا الطفل فقال: »هو حر« أي أثبت له الحرية ونفي عنه الرق والعبودية لغير الله تعالي، ثم قال: »ونفقته علينا« أي من بيت مال المسلمين. واجب وأمانة ويؤكد د.الصعيدي أنه لا حرج في أن تربي بعض الأسر القادرة الطفل اليتيم إذا كان أهله لا يستطيعون ذلك، فهذا واجب ينتقل إلي المسلمين حيث بينت الشريعة الإسلامية هذه الأمور بوضوح من خلال مواقف الرسول »صلي الله عليه وسلم« التي توضح هذا المعني، كما أن كفالة اليتيم من الأمور الاجتماعية التي تعود بالخير علي فاعلها، فقد أتي رجل إلي رسول الله »صلي اله عليه وسلم« يشكو إليه قسوة قلبه ويسأله أمرا يعالج به هذه القسوة، فقال النبي: »مسح رأس اليتيم بيدك فإن لك بكل شعرة تمر عليها حسنة«، كذلك بين القرآن الكريم أن الذين يعاملون اليتامي بغلظة فهم علي حافة الهاوية، فقال تعالي: »أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم«، فالنظرة الغليظة والقاسية لليتيم هي إشارة إلي أن فاعلها لا يؤمن بيوم الدين، ومن هنا وجب علي المجتمع رعاية اليتامي، وأن يحسن إليهم حتي يحسن الله تعالي إلينا في الدنيا والآخرة. كفالة اليتيم ويتفق د.منصور مندور من علماء الأزهر الشريف مع د.الصعيدي في تأييده لفكرة تخصيص يوم للاحتفاء باليتامي، وتفعيل قيم كفالة اليتيم بين أفراد المجتمع انطلاقا من دعوة الإسلام إلي رعاية هذه الفئة.. ويقول: لقد كرم الإسلام اليتيم علي مدي الدهر، وكان أول دستور منحه حقوقه كاملة من رعاية مادية ونفسية حتي يؤمن له حياة مستقرة، ويجعل له حياة آمنة ومتوازنة، وخصص لرعايته ثوابا عظيما فهو بمثابة جسر للجنة، ولا يشترط في كفالة اليتيم إلا صفاء النية، والرغبة في مرضاة الله ورسوله، وذلك بالسؤال عنهم والعطف عليهم والمحافظة علي حقوقهم، حيث يقول رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: »أنا أول من يفتح باب الجنة إلا أن تأتي امرأة تبادرني فأقول لها: مالك ومن أنت؟.. فتقول: أنا امرأة قعدت علي أيتام لي«. كما يقول »صلي الله عليه وسلم« أيضا: »أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة« وأشار بالسبابة والوسطي، وفي المقابل حذر الإسلام من الاعتداء علي حقوق الأيتام، فقال تعالي: »إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا«، كما ورد ذكر اليتيم في قوله تعالي: »ألم يجدك يتيما فآوي ووجدك ضالا فهدي ووجدك عائلا فأغني فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر«. ويضيف د.منصور: وكل هذا يدل علي مكانة كافل اليتيم عند الله تعالي، ومدي كبر أجره وثوابه، حتي ان رسول الله »صلي الله عليه وسلم« قال: »خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيوت المسلمين بيت فيه يتيم ويساء إليه«، بالاضافة إلي هذا فإن العطف علي الأيتام من شأنه ان يورث العطف والرحمة في قلوب الناس، فعلي المسلم الذي يتخلق بأخلاق الإسلام ورسوله ان يتحري خلق الرحمة في تصرفاته خاصة مع الضعفاء والأيتام. فكرة طيبة ومن ناحية أخري تصف د.هناء أبوشهبة استاذة علم النفس بجامعة الأزهر يوم اليتيم بأنه فكرة طيبة وعمل عظيم، مؤكدة انه من الأمور الطيبة أن يتحرك المجتمع لكفالة اليتيم، حيث ان تخصيص يوم له يساعده علي الحياة بشكل طبيعي دون الوقوع في تأثيرات نفسية ضارة قد تتولد لديه نتيجة عدم وجود من يحنو عليه أو يعطف عليه أو يهتم به، كما أن المجتمع الذي يرعي الايتام تسوده قيم الرحمة والتعاون والتكافل، مشددة علي أن رعاية الأيتام واجب وأمانة. وتقول د.هناء: الطفل في الخمس سنوات الأولي من عمره يحتاج إلي العطف والحنان، بالاضافة إلي حاجته الفسيولوجية إلي الأمن والمودة والحنان وهو الأمر الذي يجعله ينشأ علي حب الآخرين وحب الحياة الاجتماعية، وإذا ما حرم من هذه الأمور سوف يكون غير محب للحياة الاجتماعية وغير محب للآخرين، والكفالة لا تعني فقط الانفاق المادي بل تشمل أيضا الحنان والعطف والمودة، فمسح رأس اليتيم حتي ولو من الأم التي توفي زوجها سيعوضه عن فقده لأبيه. وتضيف: ويجب علي المجتمع أن يجعل الطفل اليتيم لا يعيش أحاسيس اليتم وذلك بالمساواة بينه وبين الطفل الذي يعيش وسط أسرته في الحقوق والواجبات، وبذلك سنتجنب الكثير من المشاكل والاضرار التي قد تحدث نتيجة وجود أجيال تحمل أحقادا وضغائن نحو مجتمعها، ويستلزم ذلك تضافر الجهود من الجانب الإعلامي والتربوي لتهيئة المجتمع لكي يقوم بهذا الأمر علي الوجه الأمثل.. وتؤكد انه لا بأس من الاحتفال بيوم اليتيم بتنظيم الحفلات وتوزيع الجوائز وتكريم المتفوقين منهم حتي يشعر اليتيم بأنه فرد من أفراد المجتمع محذرة من سوء سلوكيات التربية والتعليم داخل دور الأيتام والملاجئ حيث تحتاج تلك المؤسسات إلي الكثير من التطوير في جميع الاتجاهات.