في الوقت الذي اثار فيه رحيل المتهمين الأمريكيين من مصر موجة من الغضب في الشارع المصري ، إلا أنه قوبل بالترحيب من قبل واشنطن، وحظي بتغطية واسعة من قبل الصحف ووسائل الإعلام الغربية التي أجمعت علي أن العلاقات المصرية الأمريكية تمر بمرحلة تاريخية. ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا بعنون " التنازل الصغير لمصر " قالت فيه إنه علي الرغم من أن الحكومة المصرية سمحت للمتهمين الأمريكيين بمغادرة البلاد ،إلا أنها لم تتراجع في ادعاءاتها بأنهم قاموا بالتآمر من اجل الإطاحة بالحكومة وتقسيم الدولة. وأضافت الصحيفة إن اطلاق سراح الأمريكيين تسبب في إحداث رد فعل عنيف مناهض لأمريكا في مصر، مما جعل بعض الليبراليين المصريين ومن بينهم أحد المتهمين في نفس القضية يحتجون علي ما اعتبروه تدخلاً في العملية القضائية من قبل المجلس العسكري الحاكم والمتهم أيضا بالرضوخ لضغط واشنطن.وتقول الصحيفة إن المداهمات التي تم شنها علي المنظمات غير الحكومية استندت الي قانون قديم وقمعي لم يحاول حتي نظام حسني مبارك نفسه تفعيله أو تنفيذه ، وهو يتطلب ان يتم تسجيل كل المنظمات غير الحكومية والحصول علي موافقة رسمية عن كل اموال التمويل والمنح التي تأتي اليها. وتقدمت المنظمات بأوراق الترخيص منذ عام ،غير انها لم تتلق الرد وشنت الحكومة المصرية حملة "غوغائية" علي هذه المنظمات لعبت علي أوتار الوطنية المصرية من خلال اتهام هذه المنظمات بالعمل لحساب أجندة ال "سي اي ايه " وإسرائيل. وتناولت مجلة "فورن بولسي" الأمريكية الأزمة ، حيث يقول الكاتب" جيمس تراوب" إن المجلس العسكري قرر إنهاء الأزمة التي إختلقها، وبدلا من المخاطرة بخسارة المعونة العسكرية، ومع تهديد الكونجرس، فقد سمحت مصر للمتهمين الأمريكيين بالمغادرة. ويضيف الكاتب ، انه علي الرغم منذ ذلك إلا أن الشرخ الذي حدث في العلاقات المصرية الأمريكية لن يلتئم بسهولة ، ولن تهدأ المخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية في مصر . ويقول الكاتب إن المجلس العسكري المصري قد نجح بعدم كفاءته أو بدون قصد في إثارة الكونجرس ووضع العلاقات مع أمريكا علي المحك، كما أن تراجع المجلس تحت الضغط الأمريكي اثار موجة جديدة من الغضب الوطني في مصر. بينما يؤكد الموقع الإخباري »demdigest « والمهتم بالقضايا الديمقراطية عبر العالم ،علي أن رحيل المتهمين الأمريكيين من مصر لن يصرف الانتباه عن حملات القمع المستمرة ضد المجتمع المدني. ويحث الموقع الكونجرس علي انتهاز هذه الفرصة للضغط علي إدارة اوباما لكي تفرض شروطا جديدة خاصة بالمعونة، وإرسال رسالة واضحة الي المجلس العسكري بأن " زمن الشيكات علي بياض قد انتهي". ويقول الموقع إنه يمكن قراءة الانهيار في القضية علي أنه دليل إضافي علي عدم كفاءة المجلس العسكري ،كما إنه "فضح" نوايا السلطات المصرية ليس في مواجهة واشنطن ولكن في تقويض القنوات الديمقراطية الناشئة. وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن الثمن النقدي والسياسي المرتفع الذي تم دفعه من اجل السماح للمتهمين بالسفر يؤكد علي عظم التحدي الذي يواجه الولاياتالمتحدة للحفاظ علي علاقاتها الوطيدة مع اكثر حلفائها العرب أهمية خلال المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية.