الشعب يريد إعلاء ثورة العقلاء، فليس من المعقول أو المقبول أن يرضي شعب مصر مفجر ثورة 25 يناير بأي اخفاقات في الأداء، سواء كانت ممن يملكون زمام إدارة البلاد، أو من حكومة الإنقاذ التي جاءت لتحمل آمال وأحلام الشعب نحو تحقيق أهداف ثورته علي أرض الواقع، والتي ينتظر منها الشارع المصري العمل علي تجاوز الأزمات، وإيجاد الحلول، في إطار الحفاظ علي الشعب حياة ودم وكرامة ومكاسب وصالح مواطنيه، وتكون هي الخط الأحمر، نحو بناء المستقبل الذي قامت من أجله الثورة. لقد مضي 11 شهرا كاملا بالتمام والكمال علي ثورة الشعب، التي تواصل خلالها بين المشاركة والتفاعل والالتحام، سعيا لتحقيق أهدافها.. وعاني الشعب خلالها الكثير، وواصل الخروج في مليونيات من منطلق الحفاظ علي مقدرات ثورته، ولم يعبأ بتضحيته بالكثير من زهرة شبابه ولم يثن عزيمته تعرض الكثير لإصابات موجعة سببت إعاقات هي شرف لأهلها، كل ذلك في مواجهات هي الأسوأ، حيث غاب عنها حكمة المعالجة، فهان دم الإنسان المصري، وامتهنت كرامة فتياته علي أيدي من هم المنوط بهم حماية الشعب، في سقطة صادمة هي الأولي، وأدعو الله أن تكون الأخيرة. خلال تلك الفترة المنقضية، تبدلت الحكومات في إخفاقات متتالية، وكثرت أصوات متباينة التوجهات كل يغني علي ليلاه ليعلي مآربه، في تغييب للصالح العام لمصر ولمواطنيها، وتاهت سبل تحقيق آمال وأحلام الشعب في زحمة مهاترات وتعنت ومؤامرات ما تبقي من ذيول النظام البائد، وكادت أن تأتي علي الثورة وتغتالها لولا جسارة شباب الثورة وإصرارهم علي استمرارها في حماية شعبية هي الأقوي، حالت بها الغلبة لفصيل دون الآخر، لتظل الغلبة للشعب جميعا بمختلف طوائفه وأطيافه ممتلكا لناصية أمره، وحاميا لمكاسب ثورته. الشعب يريد إعلاء ثورة العقلاء، فبانتهاء المرحلة الثانية من انتخابات برلمان الثورة، والوقوف علي أعتاب المرحلة الثالثة والأخيرة، وما تحقق نتاج الإرادة الشعبية من إعلاء وتسمية لأعضاء برلمان الثورة، وبصدور قرار دعوة مجلس شعب الثورة للانعقاد في 23 يناير القادم، يتطلع الشعب لتجاوز الأزمات، وتحقيق حلمه في الإسراع للخروج من مرحلة الحكم الانتقالية التي طالت قياسا إلي ما تحقق للأشقاء من الشعب التونسي، وكيف ذلك ونحن شعب حضارة تجاوزت سبعة آلاف عام؟!، وينتظر إعمال العقل في كل المعالجات والقرارات والسعي نحو التلاحم مع الشعب، في وعي كامل لمن يتحمل المسئولية بأن الشعب هو مالك هذا البلد، وأنه صاحب الحق في كل الخير، وأن مسئولية من يجلسون علي كراسي الحكم بمختلف مواقعهم تتركز في خدمته، وهو ما يلزمهم بوضوح الرؤية وإخلاص النوايا، دون إعمال حسابات يري الشعب أنها لوغاريتمات تفسد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فشعب مصر بعد 25 يناير أبناء ثورة تصبو لبناء مصر جديدة، ويري أن مليونياته المستمرة هي إحياء لما خبا من توهج ثورته، ومعبرة عما يريده وهو ما لم يتحقق من أهداف الثورة حتي الآن. الشعب يريد إعلاء ثورة العقلاء، فحق الشعب أن يخاطب عقله، ومن حقه أيضا عدم تكرار الإخفاقات، ويري الشعب الحماية لثورته في مليونياته، ويؤمن بتوقيفها في حال لمس واقع التغيير إذا تحقق، ويؤرقه تأخر توليه زمام الأمور بيده، فلنعجل بنقل السلطة للشعب إذا أردنا صلاحا للأمور.. أليس كذلك؟