الكاتب الكبير أحمد بهجت أحد القامات في بلدي أدبا وخلقا وعلما وإبداعا، لا أنكر انه أحد الذين أثروا في حياتي علي المستوي الشخصي عندما كنت صحفية مبتدئة في بلاط صاحبة الجلالة، ابحث عن مكان في هذا العالم المتسع للعمل الصحفي وكان بالنسبة لي المرشد والمساند والمشجع بكلماته الرصينة العاقلة كأب ينصح ابنته، ولا يمكن أن أنسي أول مرة سافرت إلي أمريكا في مهمة لمدة شهر وذهبت إليه في مكتبه الكائن في الدور السادس بجريدة الأهرام مع الكاتبة المبدعة الحنونة سناء البيسي والفنان المبدع يوسف فرنسيس قال لي بسخريته المعهودة: خلي بالك من نفسك وأوعي تتأمركي. وضحكنا وقلت له: ولا مليون أمريكا ممكن أن تنال من مصريتي، ويوم أنجبت ابنتي سلمي أهداني كعبة من الذهب الخالص وقال لي هذه لابنتك الصغيرة ليحفظها الله، وكنت إذا وقعت في أي مشكلة مهنية أو شخصية أجري إليه وكنت دائما أجد الحل الأكيد لديه، وعندما مات أبي ودخلت في حالة حزن شديد لم يخرجني منها سوي كلماته الإيمانية ونصيحته بقراءة القرآن الكريم، وعندما حكيت له قصة القطة الغريبة التي دخلت بيتنا قبل وفاة أبي بأسبوع ولازمته طوال فترة مرضه ولم تفارقه لحظة واحدة وكلما أبعدناها عنه كانت تزداد التصاقا به، ويوم وفاته اختفت ولم نعد نراها!!، وعندما سألت أستاذي عن سر وجود هذه القطة في بيتنا، أجابني: بكل تأكيد هي روح كانت تؤنس والدك في أيامه الأخيرة التي كان فيها معكم بجسده ولكن روحه كانت في العالم الآخر، كنت أعلم أن أستاذي ومعلمي لديه العلم والمعرفة بعالم القطط وانه أكثر شخص يمكن أن يبدد لي حيرتي من تصرف تلك القطة التي دخلت وخرجت من بيتنا دون أن نعرف من أين أتت ولا أين ذهبت؟!! كان رحمة الله عليه لديه علم ودراية بعالم الحيوانات يحب محاورتهم ويفضل الجلوس معهم وخاصة مع كلبه الوفي سلطان وكان أستاذي يقول إذا كانت القطط تعلم الناس كيف تعطي الحب، فإن الكلاب تعلم الناس كيف تستقبل الحب. لقد مرت سنوات طويلة شغلتني الدنيا وباعدت بيني وبين معلمي الأول.. لكن خبر وفاته ادمي قلبي وكأن أبي فارق الحياة مرة ثانية.