صراخك يصل إلى عنان السماء.. بكاؤك يوقظ النائمين.. منذ ولادتك يا صغيرتى وأنت تتعذبين وتعذبيننى معك، ولكن عذابى يصل إلى ذروته عندما تنسين آلامك لثوان معدودة وتبتسمين.. وتضىء وجهك الجميل الابتسامة.. ابتسامتك تقتلنى.. تقول لى أنا هنا أحبك.. احتاج إلى لمساتك الحانية.. احتاج إلى قلبك.. احتاج إلى أن تتذكرينى أكثر.. أن تبذلى ما فى وسعك لتخففى آلامك، ولكن هل تعلمين يا صغيرتى أننى بعنا ما نملك لكى نخفف عنك آلامك، ولكن لم نستطع تخفيف هذه الآلام.. نجلس أنا وأبوك مكتوفى الأيدى.. نتمنى أن نكون مكانك.. أن تنتقل آلامك من جسدك الصغير إلينا.. ولا اسمع صرخة واحدة منك تمزق كبدى.. فأنت يا صغيرتى لم تبلغى عامك الرابع بعد.. ومع ذلك تحملت آلاما وأحزانا لا يتحملها أعتى الرجال.. عندما جاءنى المخاض كنت أتألم كثيراً، ولكن زال الألم وانتابتنى فرحة عارمة بوصولك إلى دنيانا.. كم كانت فرحتى وسعادتى.. فكم تمنيت أن يرزقنى الله بابنة جميلة ورقيقة.. تؤنس وحدتى وتكون سندا لى فى سنوات عمرى وكنت أنت ابنتى بكريتى.. حبيبتى.. قطعة من قلبى، ولكننى لم أكن أعلم أن قلبى سيفطر حزناً عليك.. ما دامت تمنيت وحلمت بك تجرين هنا وهناك.. تلعبين معى.. تداعبيننى.. كم كانت سعادتى بك عندما وقفت على قدميك واستطعتى أن تنتقلى واحدة تلو الأخرى فى خطوات مترنحة كم كانت سعادتى عندما أخرجتى كلمة «ماما» من بين شفتيك الصغيرتين.. ومرت الأيام والشهور وكل ساعة تمر تزداد سعادتى، ويزداد خوفى عليك من أى شىء وكل شىء.. حتى جاء يوم لن أنساه أبداً.. عندما استيقظتى من النوم وأنت غير قادرة على الابتسامة.. تصرخى.. تبكى بدون توقف.. حاولت أن أجعلك تهدئين ولكن لم تنفع أى حيلة معك.. مددت يدى لأحملك.. وجدت جسدك تبعث منه حرارة شديدة.. أسرعت أنادى على جدتك التى جاءت تهرول لتتبين الأمر وعندما عرفت حاولت أن تطمئننى ولكن عينيها كانت تمتلأن بالقلق ساعدتنى فى عمل كمادات حتى تنخفض درجة حرارة جسدك.. استخدمت مخفضات الحرارة التى لم يستجب لها جسدك.. حملتك إلى المستشفى.. طوال الطريق والوساوس لم تترك رأسى وكلها خوفا عليك.. فحصك طبيب الأطفال، ووصف الدواء وطلب العودة للاستشارة بعد يومين.. الدواء لم يأت بثماره فمازالت درجة الحرارة مرتفعة وأنت غير قادرة على الحركة أو حتى الابتسامة.. فى اليوم التالى عدت بك إلى المستشفى مرة أخرى هنا طلب الطبيب إجراء بعض التحاليل.. قمنا بها ورجعت مرة ثالثة ليرى نتيجة التحاليل وشاهدتها على ملامحه التى تجمدت، ثم نظر إلى وطلب منى حملك والسفر إلى القاهرة إلى مستشفى 57357 أول الأمر لم أفهم فحاول أن يشرح لى حالتك وياليتنى لم أعش حتى أسمع ما سمعت فأنت يا حبيبتى مصابة بسرطان بالدم وتحتاجى إلى أطباء متخصصين وأشياء كثيرة وعلاج خاص لم أعى ما قال الطبيب وطوال الطريق من المستشفى إلى البيت ودموعى لم تجف.. الحزن خيم على الأسرة الصغيرة وفى صباح اليوم الثانى تركت أنا وأبوك بيتنا وحملناك من أجل ابتسامة عذبة ترسم على شفتيك.. تضىء وجهك الجميل.. ركبنا الأتوبيس من مدينتا الساحلية الباسلة إلى القاهرة وكلنا أمل أن يخلف ظن الطبيب الذى شخص حالتك.. ولكن للأسف أكد الأطباء بمستشفى سرطان الأطفال كل ما جاء على لسانه وكان عليك يا صغيرتى أن تخضعى لجلسات علاج كيماوى وإشعاعى ما يقرب من عامين وأنت تترددين على المستشفى للعلاج ولكن والدك أصبح غير قادر على الوفاء باحتياجات الأسرة ومصاريف العلاج والسفر.. واضطرت الأم إلى مد يدها طلبا للمساعدة لتواصل علاج ابنتها وخاصة الأب أرزقى دخله لا يتعدى 250 جنيها شهريا وقد رزقهما الله بطفلة جديدة فهل تجد الأسرة من يقف بجانبها ويساعدها؟ من يرد فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.