»ارتفاع عجز الموازنة العامة، والبحث عن مصادر لتمويله يعتبر احد اكبر التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة خاصة وان الاستمرار في الاقتراض من البنوك بطرح أذون خزانة وسندات بات أمرا خطيرا وذلك في ضوء ارتفاع أسعار الفائدة علي أذون الخزانة ليصل الي 51٪!. إلي أي مدي تتحمل البنوك مسئولية إغراق الحكومة في الدين واستغلال حاجتها للاقتراض؟«. بداية لابد ان نؤكد علي عدد من الحقائق والارقام حول الدين العام وأسعار الفائدة.. ووفقا لما أعلنه مؤخرا وزير المالية السابق د. حازم الببلاوي فإن 55٪ من الموازنة العامة خارج سلطة وزير المالية منها 22٪ فوائد متراكمة عبر سنوات عن الدين العام، 33٪ للدعم، ولو نظرنا الي عجز الموازنة العامة هذا العام فسنجد انه يقدر ب431 مليار جنيه منها 82 مليار جنيه عجزا فعليا و601 مليارات جنيه فوائد للدين العام السابق. أما أسعار الفائدة علي أذون الخزانة والتي يمكن معرفتها من خلال البنك المركزي فقد ارتفعت من 94.9٪ علي الاذون لمدة ثلاثة شهور قبل ثورة يناير مباشرة لتصل الي 53.41٪ علي الاذون لمدة 3 شهور الاسبوع الماضي و51٪ علي الاذون لمدة 372 يوما. خبراء العمل المصرفي واجهوا اتهام البنوك بالاستغلال بدرجة كبيرة من التفاوت في الاراء فكان منهم المؤيد للاتهام ومنهم المدافع والمعارض له. د. فائقة الرفاعي نائب محافظ البنك المركزي سابقا تري انه لا يمكن إلقاء اللوم علي البنوك لحرصها علي تحقيق مكاسب أمام الطلب المستمر من الحكومة لسد عجز الموازنة. وتضيف إن التسهيلات الائتمانية التي حصلت عليها الحكومة من البنوك تقدر ب94٪ من التسهيلات التي تقدمها البنوك، أي ان الحكومة تهيمن علي الائتمان المصرفي، وتقول د. فائقة لاشك ان الوضع الحالي يمثل عبئا علي الموازنة العامة ولكن اللوم لا يقع علي البنوك وانما يجب ان يوجه للحكومة التي لم تعمل علي إعادة هيكلة الموازنة العامة فهي التي تعطي الفرصة للبنوك لرفع سعر الفائدة عند اقراضها، وترفض د. فائقة اللجوء للاقتراض سواء من الداخل أو الخارج، وتطالب الحكومة بأن تقوم بدورها كحكومة ثورة فتواجه المجتمع بحقيقة الوضع الاقتصادي، وتعمل علي ترشيد الانفاق وزيادة الايرادات ومواجهة الاختلالات الهيكلية في الموازنة بدلا من التمادي في الاقتراض خاصة انه اقتراض لاغراض استهلاكية وليس للاستثمار. علي النقيض تماما كان رأي بسنت فهمي الخبيرة المصرفية والتي تري أن البنوك تستغل حاجة الحكومة للاقتراض وتبالغ في رفع سعر الفائدة علي الاذون والسندات الحكومية، وتقول حتي البنوك العامة لا تراعي الظروف غير الطبيعية التي تمر بها البلاد.. وتسعي لزيادة أرباحها علي حساب الصالح العام فالزيادة تصب في أرباح البنوك ولا تنعكس بدرجة كافية علي اصحاب الودائع. وتضيف بسنت أنه يجب علي الحكومة ألا تستسلم لهذا الوضع ولها ان تتخذ ما تراه من اجراءات إما باللجوء الي الاقتراض من الخارج، أو إعادة النظر في وضع الادارات الحالية بالبنوك العامة. أمام هذين الرأيين المتناقضين يقف المسئولون في البنوك في موقف دفاع عن أدائهم مؤكدين أنهم لم يستغلوا الموقف وان الحسابات والارقام تؤكد ذلك.. ويشرح محمد نجيب الرئيس التنفيذي لبنك الشركة المصرفية العربية الوضع قائلا: ان البنوك لا تبالغ في سعر الفائدة الذي تقرض به الحكومة من خلال أذون الخزانة والسندات فلو اننا خصمنا 02٪ من سعر الفائدة علي الاذون وهو قيمة الضريبة التي تدفعها البنوك عن هذا العائد وسنجد أن ما تحصل عليه البنوك فعليا هو 21٪ تقريبا وهو أقل سعر فائدة للتمويل يحصل عليه أي عميل من البنوك. ويضيف قائلا إن البنوك توجه الفائض لديها لتمويل الحكومة من خلال أذون الخزانة وارتفاع سعر الفائدة يتوقف علي حجم السيولة المتاح في السوق، ولو اخذنا في الاعتبار ان معدل نمو الودائع في السوق يتراوح بين 6٪ و7٪ فقط فمن الطبيعي أن يؤدي الطلب المتزايد لتمويل عجز الموازنة المستمر الي ارتفاع تكلفة الاقراض. ويري نجيب ان اللجوء للاقتراض من الخارج ليس عيبا ولكنه يحذر من كون الاقتراض لا يوجه الي مشروعات منتجة وانما لسد عجز الموازنة.. أي لاغراض استهلاكية وهو أمر غير مطلوب سيؤدي الي مزيد من الاقتراض.