انتقد عدد من خبراء الاقتصاد تواصل موجة ارتفاع حجم القروض الحكومية للبنوك والتي بلغت قرابة 349 مليار جنيه في أبريل الماضي حيث بلغ صافي ديون الحكومة للبنوك المصرية حسب التقرير الأخير للبنك المركزي الصادر نهاية الأسبوع الماضي نحو 311.7 مليار جنيه، بالإضافة إلي بلوغ صافي ديون شركات قطاع الأعمال العام نحو 36 مليارا و961 مليون جنيه، واعتبروا أن ارتفاع القروض الحكومية لدي البنوك سبب رئيسي وراء استمرار البنك المركزي في تثبيت أسعار الفائدة علي الإقراض عند 9.75% بعد أن كانت 13.5% لأن ذلك يوفر للحكومة ملايين الجنيهات التي ستدفعها فائدة لهذه الديون. يقول أحمد قورة رئيس البنك الوطني المصري السابق إن الحكومة لم يعد أمامها أي طرق لسد عجز الموازنة العامة المتزايد والمستمر سوي الاقتراض من البنوك أو إصدار أذون وسندات الخزانة العامة، موضحا أن الحكومة تلجأ إلي الاقتراض من البنوك بأسعار فائدة محكومة، حيث تلجأ عند ارتفاع حجم القروض إلي تخفيض أسعار الفائدة عليها وهو ما يخفض تكلفة هذه القروض الحكومية ويخفض فاتورة الفوائد، فالحكومة قامت بتخفيض أسعار الفائدة علي الإقراض والمحافظة عليها عند 9.75% بعدما كانت قد سجلت نحو13.5% في 2009 لأن ذلك يوفر للحكومة ملايين الجنيهات التي ستدفعها فائدة لهذه الديون. وأوضح «قورة» أن اتجاه البنوك إلي التوسع في إقراض الحكومة يأتي علي حساب تمويل البنوك للمشروعات الاستثمارية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة قاطرة النمو في أي بلد. ويقول محمود عبد العزيز الرئيس السابق لاتحاد البنوك : توسع الجهاز المصرفي في الإقراض بشكل عام والإقراض الحكومي بشكل خاص أمر كارثي، لأنه سيؤدي إلي خلل في السياسة النقدية لأن الحكومة ستبذل كل جهدها للإبقاء علي سعر فائدة منخفض وهذا شأن أغلب الدول النامية. وأضاف: ارتفاع مديونية الحكومة للبنوك ما هو إلا استسهال مصرفي لأن البنوك لا تريد أي درجة من المخاطرة لأن القروض الحكومية تضمن فائدة ثابتة دون حد أدني من المخاطرة لكن بإغفال الدور التنموي والاستثماري الذي يجب أن تمارسه البنوك في المجتمع، موضحا أن التوسع في الإقراض المصرفي قد يؤدي إلي أزمة سيولة في السوق. ويقول شريف دلاور الخبير الاقتصادي: إن المديونيات المتعثرة التي شهدتها البنوك في الفترة من 1998 إلي 2004 قضت علي الفكر التنموي للبنوك وأنشأت مدرسة مصرفية تهتم بالجوانب الفنية والتي تعتمد علي مبدأ تجاري بحت يستند إلي أقل درجات المخاطرة في المعاملات المصرفية.. وأكد «دلاور» أن الاقتراض الحكومي يؤثر بشكل مباشر في سعر الفائدة، موضحا أنه حينما تدخل الحكومة مقترضة من خلال أذون خزانة فهي بذلك تنافس القطاع الاستثماري علي السيولة وهو ما يرفع سعر الفائدة نتيجة زيادة الطلب في ظل معدل عرض ثابت (السيولة) وهو ما يدفع الحكومة لتقديم إغراءات للبنوك لشراء أذون الخزانة وهو ما حدث تحديداً حينما طرحت الحكومة سندات دولارية بداية هذا العام وقدمت سعر فائدة وصل إلي 4.5 % في الوقت الذي انخفض فيه سعر الفائدة علي الدولار لأقل من 1%. و يؤكد «دلاور» أن الحكومة تقوم بالضغط وقت الدفع لتخفيض سعر الفائدة وهو ما قد يصيب السياسة النقدية بنوع من الخلل.