دعوت منذ سنوات إلي ضرورة إنشاء متحف للخالدين يضم مقتنيات كبار الأدباء والفنانين أصحاب القامات العالية في بلادنا وبكل أسف لم يستجب أحد لهذه الدعوة بحجة أن هناك متاحف قد تم تخصيصها تحمل أسماء بعض المشاهير من فنانينا مثل محمد عبدالوهاب وأم كلثوم إلي جانب كرمة بن هانئ التي تضم كل المقتنيات الخاصة بشاعرنا العظيم أحمد شوقي وفيما عدا ذلك لا يوجد شيء آخر يمثل ذاكرة الأمة للخالدين من مبدعيها في شتي مجالات العلوم والفنون والآداب وتلك كارثة! وعقب رحيل كاتبنا الكبير أنيس منصور منذ أيام عادت فكرة إنشاء متحف للخالدين تطاردني مرة أخري خاصة بعد الاستجابة السريعة لما طالبت به شقيقتنا »الأخبار« منذ أيام حول تحقيق حلم الراحل الكبير أنيس منصور بأن تستقر مكتبته في مكان لائق علي نيل بلدته المنصورة حيث قرر محافظ الدقهلية اللواء صلاح الدين المعداوي تخصيص جناح كامل بمكتبة المنصورة ليحتضن مكتبة أديب مصر القدير الذي أثري وجدان الأمة بمئات الكتب في شتي مجالات المعرفة الإنسانية إلي جانب امتلاكه لما يزيد عن 08 ألف كتاب تمثل حصيلة قراءاته علي مدي أكثر من نصف قرن. وأتصور أن احتضان محافظة الدقهلية لمكتبة وتراث أنيس منصور الأدبي والثقافي لا يمنع أن تنتقل كل مقتنياته الشخصية إلي مكان لائق في القاهرة ليكون نواة لمتحف الخالدين حيث تخصص قاعات أخري تضم مقتنيات غيره من مشاهير الفن والأدب فمن غير المعقول ألا نحتفظ بمقتنيات يوسف إدريس ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وأحمد رامي وصالح جودت ويوسف السباعي وإحسان عبدالقدوس والعقاد وطه حسين ومروراً بأسماء أخري كثيرة رحلت عن دنيانا خلال الفترة الماضية وكان آخرها خيري شلبي وفنان الكاريكاتير الموهوب حجازي.. هذا بالإضافة إلي فنانينا الكبار في عالم الموسيقي والغناء والتأليف فلا يوجد لهم أثر لمقتنياتهم الشخصية ومن هؤلاء أذكر محمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي ورياض السنباطي وأحمد رامي وحسين السيد وصلاح جاهين ومرسي جميل عزيز وفتحي قورة ومحمود الشريف وسيد مكاوي ومحمد رشدي ومحرم فؤاد ومحمد عبدالمطلب وغيرهم من جيل الأساتذة. وربما الوحيد الذي حافظت أسرته علي مقتنياته بصفة خاصة كان الراحل الخالد عبدالحليم حافظ حيث لايزال مسكنه بالزمالك علي ما هو عليه يفتح في ذكراه كمزار يتردد عليه عشاق فنه وباستثناء ذلك لا يحتفظ الآخرون بأي مقتنيات تمثل رائحة من رحلوا من عظماء هذا الزمن الجميل. ليت عماد أبو غازي وزير الثقافة يتبني مشروع إقامة متحف الخالدين في أحد مباني دار الأوبرا أو في قصر من قصور الثقافة المنتشرة في القاهرة وبعضها أصبح غير قادر علي أداء رسالته أو أي مكان آخر يكون جديراً بمثل هذا المتحف الذي يعد جزءاً مهماً من تاريخنا الإنساني. يا سادة إقامة متحف للخالدين من مبدعينا ليس بدعة فمعظم شعوب العالم المتحضر من حولنا تكرم مبدعيها وتجعل منهم عنواناً لحضارتها رغم انهم لا يمتلكون أمثالنا حضارة تمتد لآلاف السنين ولاتزال شمسها ساطعة علي أرضنا الطيبة.