بالرغم من تواجد الأجهزة الرقابية في العديد من دول العالم سواء كانت رسمية أو غير رسمية، إلا أن نظام »الأمبودسمان« أو »المفوض العام« انتشر في 031 دولة. وعندما حاول البعض تطبيقه وطرح الفكرة علي المجتمع المدني في مصر العام الماضي، اثار جدلا كبيرا ورفضته بعض الهيئات علي رأسها الرقابة الإدارية والنيابة الإدارية، خوفا من سحب البساط من تحت أقدامهم.. بينما اعترض البعض الآخر بحجة ان يكون »المفوض العام« هو عشماوي موظفي الدولة..! تعددت المسميات والأفكار من مفوض عام أو مراقب أو والي المظالم أو محامي الشعب وغيرها، إلا أن الخوف مازال يملأ النفوس في تنفيذ قرار يكافح الفساد ويواجهه بشكل سريع وفوري ويقضي عليه من جذوره..! القصة تعود لفكرة أطلقتها لجنة الشفافية والنزاهة التابعة لوزارة التنمية الإدارية في العام الماضي، عندما اقترح أعضاؤها طرح فكرة »المفوض العام« للدفاع عن حقوق المواطنين ومواجهة فساد بعض موظفي الدولة.. إلا انه كالعادة اختلف علي وجوده الكثيرون ونجحوا في ان يعترضوا طريق هذا المشروع، بالاضافة إلي اصرار الحكومة السابقة وحتي الآن علي وجود »هيئة عليا لمكافحة الفساد«، ولكن علي الورق فقط! مفوض محايد يقول د.أحمد درويش وزير التنمية الإدارية السابق ان الأمبودسمان أو المفوض العام هو مبادرة لمناقشة شكاوي المواطنين حول الخدمات الحكومية ووضع آليات جديدة لتلافيها، وهو نظام لا يتخذ قرارات ولا تتعارض مهامه مع أية جهات رقابية، وليس له ولاية في الفصل في قضايا إدارية أو سياسات تجاه الجهة أو المؤسسة المشكو في حقها. ويضيف ان المفوض العام هو شخص محايد يحمي حقوق المواطنين والملفات التي تقدم إليه، وليس بالضرورة ان تكون الشكوي المقدمة إليه مخالفة قانونية، وجاء تطبيق هذا النظام في معظم دول العالم ليكفل حق التظلم وتقديم الشكوي وحق مخاطبة السلطات العامة، وذلك نتيجة لثقافة الاستماع لاهتمامات المواطن والتي أصبحت من أولويات الإدارة الرشيدة في الدول وتعزيز شفافية ونزاهة موظفي الأجهزة الإدارية ومسئوليها. التقرير الثالث ويشير د.أحمد درويش إلي ان الفكرة طُرحت بعد مناقشات التقرير الثالث لأعضاء لجنة الشفافية والنزاهة وعرضها علي المجتمع لتطبيقها إلا ان هناك جهات رفضت الفكرة من بابها!! وفي محاولة لتفسير معني »المفوض العام« الذي سيساعد الدولة في تعزيز قدراتها في الرقابة والمساءلة والمحاسبة إلا ان جميع محاولات تنفيذه باءت بالفشل، متسائلا لماذا الاصرار علي إنشاء هيئة لمكافحة الفساد رغم عدم احتياجنا إليها في ظل تعدد الجهات الرقابية، في حين ان نظاما صغيرا يمكن تفعيله قد يساهم في مكافحة الفساد بجميع أشكاله..؟! 92 جهة رقابية وعن الجهات الرقابية في مصر يحدد درويش عددها فيما يقرب من 92 جهة وآلية للرقابة والتنظيم واستقبال الشكاوي، وبالرغم من ان يكون هذا العدد مفيدا في بعض الأحيان لملاحقة الفساد إلا انه قد يؤدي إلي ازدواجية القرار واهدار للموارد المالية وبخاصة في حالات شكاوي المواطنين، نظرا لان المواطن يرسل شكواه لأكثر من جهة وبالتالي لأكبر عدد من المسئولين، ولعدم تخصص بعض هذه الجهات قد يتم ارسال الشكوي إلي الجهة المشكو في حقها، لنعود إلي اشكالية الخصم والحكم وبالتالي تذهب الشكوي لأدراج المسئولين، وكأننا لم نفعل شيئا. للأمبودسمان أنواع ويصف وزير التنمية الإدارية السابق »الأمبودسمان« أو »المفوض العام« بأنه مسئول رسمي يتم تعيينه بواسطة رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو البرلمان ويعمل علي تمثيل مصالح المواطنين لدي الإدارة وحمايتهم من التعسف وسوء استخدام السلطة وتعطل مصالحهم، ويوجد نوعان من هذا النظام : برلماني أو حكومي وفي نفس الوقت هو نظام غير قضائي للتظلم.. ويذكر درويش ان الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية والنيابة الإدارية، قد أبدت تحفظها علي الفكرة وانه لا حاجة إلي استحداث كيان جديد، وان تقترح دراسة حول تطوير أداء الأنظمة القائمة بالفعل وايجاد حلول فورية.