ظهر أخيراً تعبير المفوض العام علي لسان د.أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية بعد اقتراح من لجنة الشفافية والنزاهة باستحداث هذا الموقع لمواجهة الفساد الإداري اللجنة الأخيرة محايدة وتضم 15 عضوا من الحكوميين والإعلاميين والمجتمع المدني.. وقد رأت أن هذا المنصب سيكون مؤثرا في محاربة الفساد في كل مصلحة حكومية إلي جانب التأكيد علي الشفافية في التعاملات بين الموظف والمواطن وذلك من خلال تلقي شكاوي المواطن في حالة تعثر حصوله علي حقه كاملا والعمل فوراً علي استرداد هذا الحق. المنصب الجديد يقصد منه القضاء علي الفساد في كل هيئة وإدارة وأن يكون بديلاً عن جهات وأجهزة رقابية موجودة حالياً مثل مكتب خدمة المواطنين. هذا التوجه الحكومي أثار العديد من الأسئلة مثل ما مقومات المفوض العام؟ وهل سيكون هيئة رقابية جديدة مماثلة للرقابة الإدارية أم أنه بديل عن منصب النيابة الإدارية؟ ومدي إمكانية وفاعلية المنصب الجديد في القضاء علي الفساد الإداري في المصالح الحكومية في ظل تعدد الأجهزة الرقابية الموجودة حالياً ومنها مباحث الأموال العامة، الكسب غير المشروع والرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات. الخبراء تباينت أراؤهم فبعضهم أكد أن المنصب الجديد لن يضيف شيئا خاصة وأنه سيكون تابعا للحكومة أي أن الجهة ستكون خصما وحكما في نفس الوقت. البعض الآخر أشار إلي أن الفكرة جيدة إذا ما تم تنفيذها في ظل ضوابط تمنح المسئول القدرة علي مواجهة الفساد. توضح أنيسة حسونة مدير عام منتدي مصر الاقتصادي وعضو لجنة الشفافية والنزاهة التابعة لوزارة الدولة للتنمية الإدارية أن الفكرة مازالت تحت مسمي مبدئي هو "المفوض العام" ونهدف من وراء هذا المنصب الجديد استحداث كيان محايد ومستقل يقوم بمساعدة المواطن في حصوله علي حقوقه في الخدمات الحكومية في حالة تعثر الحصول عليها علي سبيل المثال إذا ذهب المواطن إلي جهة حكومية بهدف الحصول علي مبلغ له ثم فوجئ بأن المبلغ أقل من حقه ففي هذه الحالة يستطيع المواطن التوجه إلي مكتب خدمة المواطنين وهذا المكتب تابع لنفس الجهة الحكومية مما يعني أنها أصبحت خصما وحكما في نفس الوقت مما كان يشعر المواطن بظلم حتي لو لم يكن له أي حقوق طبقا للقانون وبالتالي فإن وجود مفوض عام يستطيع الحكم علي مدي استحقاقه لهذا الحق من عدمه ضروري. تضيف أنيسة حسونة أن الفكرة ليست مستحدثة ولا جديدة فقديماً في مصر وفي عصر الممالية كان يوجد المحتسب.. كما أن منصب المفوض العام يوجد في العديد من الدول العربية والأوروبية، كما أن أداء عمله يختلف بشكل كلي عن الجهات الرقابية مشيرة إلي أن هذه الفكرة جاءت من منطلق ترسيخ مبدأ العدالة والمساواة والمواطنة. وتوضح أنيسة حسونة أن الفكرة لم تتبلور بعد حيث يتم مناقشتها حاليا بين أعضاء لجنة الشفافية والنزاهة وبعد هذا سيتم عرضها علي صناع القرار للوصول إلي شكل نهائي لها. ويشير د.صلاح الدسوقي -عميد المركز العربي للإدارة والتنمية إلي أن فكرة المفوض العام تعد هروباً من تطوير الجهاز الإداري للدولة، مضيفا أن الأصل هو تقديم خدمة جيدة وأن يكون القائمون أكفاء للعمل.. ولكن المشكلة أننا نفكر دائماً في آليات جديدة هربا من التعامل مع المشكلات والتي يجب ضرورة العمل علي حلها قبل التفكير في إنشاء أجهزة جديدة مشيرا إلي أن مشاكل الجهاز الإداري كثيرة ومتعددة مثل انخفاض القدرات الإدارية وغياب الرقابة والمتابعة وغياب تطوير النظم مما يؤدي في النهاية إلي انخفاض مستوي الأداء. ويوضح د.الدسوقي أن الفساد الإداري واضح للعيان وهناك قصور في مواجهته نتيجة انتشاره وتورط بعض المستويات العليا فيه منوهاً إلي أن المستويات الوظيفية العليا إذا لم تستطع أن تكون قدوة حسنة فلم نستطيع السيطرة علي فساد المستويات الأدني حتي لو تم تعيين عشرة مفوضيين في كل مصلحة حكومية. مشيرا إلي أن قضية الفساد الإداري باتت أكبر من مجرد تعيين موظف جديد في منصب مفوض عام.. ويري د.الدسوقي أن مواجهة الفساد يبدأ بالاختيار الجيد للقيادات بعيداً عن الوساطة والمحسوبية وتدريب هذه القيادات علي الإدارة الحديثة وعلي أساليب تحليل وحل المشكلات، وإعمال نظم متطورة للرقابة والمتابعة واكتشاف الانحرافات والتعامل معها أولا بأول وتطوير نظم الإدارة ونظم الأداء بحيث تكون قادرة علي اكتشاف الأخطاء في الجهاز الحكومي. ويري د.صلاح جودة -الخبير الاقتصادي- أن مصر بها أجهزة رقابية كثيرة ومتعددة ومع ذلك الفساد الإداري يتفشي يوما بعد الاخر ويتساءل هل المفوض العام سيكون بديلا عن الجهات والأجهزة الرقابية الموجودة أم سيكون موازيا لها؟ وهل عمله سيقتصر علي مراجعة الأعمال التي تتم بين الأفراد والجهات الحكومية والإدارية فقط .. أي سيكون مثل النيابة الإدارية إلي سلطة معاقبة الموظفين أم أنه سيصبح حكما، بين الأفراد والجهات الإدارية عند اختلافها.