يبدو أن طوفان المطالبات الذي أغرق الشارع المصري في أعقاب ثورة 25 يناير لن ينحسر قريبا حيث تشهد مصر كل يوم مطالب جديدة من مختلف فئات المجتمع.. ومن جديد تخرج " حواء " لتطالب بحق جديد من الحقوق التي تعتقد أنها محرومة منها، ولكن هذه المرة جاءت من داخل أروقة الأزهر الشريف، حيث تشتكي الداعيات الإسلاميات وفقيهات جامعة الأزهر من حرمانها من عضوية مجمع البحوث الإسلامية التي إقتصرت عضويته منذ نشأته وحتي الآن علي العلماء والفقهاء الرجال. وبحسب عدد من فقيهات الأزهر فإن حرمان المرأة من عضوية المجمع يتم بفعل فاعل، وهو وضع خاطئ وحرام ولابد من تصحيحه فورا، ولاسيما بعد أن وجدت المرأة العالمة التي تتمتع بقدر كبير من العلم والمعرفة والاطلاع في شتي فروع الثقافة الإسلامية. " أخباراليوم " تطرح في سطور التحقيق التالي القضية للنقاش.. وإلي التفاصيل : د. أمنه نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات العربية والإسلامية " بنات " بجامعة الأزهر تعرب عن إستيائها الشديد من حرمان المرأة من عضوية مجمع البحوث الإسلامية.. وتتساءل : لماذا لايكون للمرأة دور في أروقة مجمع البحوث الإسلامية، ولاسيما في ظل وجود نماذج وكوادر نسائية مؤهلة في العلم الشرعي بقدر كاف ؟.. وتقول : يُسأل في هذا الأمر القائمون علي الأزهر الشريف، والحقيقة أنني في غاية التعجب لهذا الأمر، والحق أننا مازلنا حتي الآن في مجتمعاتنا الشرقية ننظر إلي المرأة بشئ من الاختزال. المسئولون عن مجمع البحوث الإسلامية كثيرا ما يؤكدون أنه ليس هناك ما يحرم المرأة من عضوية المجمع، وحتي الآن لم تتقدم واحدة منهن لتترشح لعضوية المجمع، ومن جانبي أؤكد أن هذا الأمر غير صحيح بالمرة، وأعلم أن هناك احدي الزميلات قد تقدمت لعضوية المجمع، وقد قوبل طلبها بالرفض، وعن نفسي أنا لم أتقدم في الماضي لطلب عضوية مجمع البحوث ، ولن أتقدم في المستقبل، ولكنني أقولها قولة حق لا أبغي بها مغنما أو مكسبا شخصيا. وتشدد د. أمنه علي ضرورة توسيع عضوية مجمع البحوث الإسلامية بحيث لا تقتصر كما هو الحال الآن علي العلماء الرجال فحسب.. مشيرة إلي أن الشروط التي حددها القانون لعضوية المجمع لا تلزم أن يكون العضو ذكرا، وإنما جاءت هذه الشروط عامة، ويمكن أن تتوافر في الرجل والمرأة معا. أمر مؤسف ومن جانب أخر تصف د. إلهام شاهين إستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر إقتصارعضوية المجمع منذ تأسيسه وحتي الآن علي العلماء والفقهاء الرجال بالأمر المؤسف الذي يجب تصحيحه فورا.. وتتساءل : لماذا تحرم المرأة من عضوية المجمع وهي الآن تساهم في بناء الفقه والفكر وتوجيه المجتمع ؟.. وتقول : لقد أعطي الإسلام المرأة هذه الحقوق، وكانت المرأة منذ القدم من أهل التفسير والفقه، ومن أهل العطاء في الخدمات الإجتماعية والتأليف في العلوم الإسلامية، والآن تضاعفت إساهمات المرأة في كل مجالات الحياة.. وليس هناك ما يمنع من أن تنضم المرأة لعضوية مجمع البحوث الإسلامية، ولاسيما في ظل وجود الفقيهات والعالمات في أمور الدين والدين ومن ثم فإن من حق المرأة أن يكون لها نصيب في مقاعد مجمع البحوث الإسلامية،وليت يتحقق هذا الأمر ضمن خطة إصلاح وتطوير الأزهر الشريف ومؤسساته المختلفة فلا ذكورية في العلم الشرعي حيث جعل الإسلام طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة، هذا ويوجد في مصر وغيرها من الدول الإسلامية والعربية نماذج نسائية مؤهلة للحصول علي عضوية مجمع البحوث الإسلامية. وتضيف د. إلهام: الشروط المطلوب توافرها لعضوية مجمع البحوث الإسلامية ليست من بينها شرط الذكورة، ولذلك لا يوجد ما يحول دون إنضمام المرأة إلي مجمع البحوث، وخاصة أن كل الشروط التي يحددها القانون متوافرة لدي عدد لا بأس به من إستاذات جامعة الأزهر، ولكن يبدو أن هناك لدي القائمين علي المجمع نوعا من الرفض لقبول المرأة في مجلس ولجان مجمع البحوث الإسلامية. الرفض والقبول وتحمل د. إلهام المرأة نفسها مسئولية حرمانها من عضوية مجمع البحوث حيث تبدي المرأة نوعا من التراخي والاستسلام في مسألة حصولها علي عضوية المجمع. وتقول : يجب علي كل إمرأة أن لا تتوقع أن تأتيها حقوقها علي طبق من فضة وهي جالسة في بيتها، ولكن لابد أن تسعي للحصول علي حقوقها، ومن ثم علي كل من تري في نفسها الأهلية والشروط المطلوبة لعضوية المجمع أن تتقدم للحصول عليها، وإن قُوبل طلبها بالرفض، فلا داعي لليأس أو الاستسلام، وعليها أن تقدم طلبا أخر، وثالثا، ورابعا حتي تحصل علي حقها. الاختيار بالانتخاب ومن جانبه يؤكد الشيخ علي عبدالباقي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية أنه ليس هناك قصد لحرمان المرأة من عضوية مجمع البحوث الإسلامية، مشيرا إلي أن هناك نظاما لإختيار عضو المجمع حيث يتم الاختيار بالانتخاب، ومن يحصل علي أعلي الاصوات يتم تعيينه بغض النظر عن جنس العضو سواء كان رجلا أو امرأة.. وأشار الشيخ عبدالباقي إلي أنه سبق للداعية الإسلامية المعروفة د. سعاد صالح أن تقدمت لعضوية المجمع، ولم تحصل علي العضوية لأنها لم تحصل علي أعلي الأصوات، وفيما عدا د. سعاد فإنه لم تتقدم امرأة أخري لعضوية المجمع. وأوضح أمين عام المجمع إلي أن الباب الثالث من القانون (رقم 103لسنة 1961) المعروف بقانون تطوير الأزهرحدد مهام مجمع البحوث الإسلامية وطرق اختيار اعضائه والمعايير التي يتم بناءا عليها اختيار هؤلاء الاعضاء. وقال : تشترط المادة السابعة عشرة من القانون في اختيار أعضاء مجمع البحوث الإسلامية ألا يقل سن العضو عن 40 سنة، وأن يكون معروفا بالتقوي والورع في حاضره وماضيه، وأن يكون حائزا لاحد المؤهلات العلمية العليا من الأزهر أو احدي الكليات أو المعاهد العليا التي تهتم بالدراسات الاسلامية، وأن يكون له انتاج علمي بارز في الدراسات الاسلامية، أو اشتغل بالتدريس لمادة من مواد الدراسات الإسلامية في كلية او معهد من معاهد التعليم العالي لمدة ادناها خمس سنوات، أو شغل احدي الوظائف الاسلامية في القضاء او الافتاء او التشريع لمدة ادناها خمس سنوات. وأكد أنه مادامت توافرت هذه الشروط في الشخص المرشح لعضوية مجمع البحوث الإسلامية فإنه يحق له الحصول علي العضوية عندما يحصل علي أعلي الاصوات في الانتخابات التي تتم لاختيار عضو المجمع. الجدير بالذكر أن مجمع البحوث الإسلامية هو أعلي هيئة إسلامية في مصر ويتولي متابعة ودراسة القضايا والموضوعات الإسلامية المطروحة علي الساحة المحلية والعالمية،هذا فضلا عن تتبع ما ينشر من بحوث عن الإسلام الحنيف والتي بها مغالطات وافتراءات، ومواجهتها بالرد والتصحيح. مجمع البحوث ويتألف مجمع البحوث الاسلامية من خمسين عضوا من كبار علماء الاسلام يمثلون جميع المذاهب الاسلامية من بينهم عشرون عضوا يحملون جنسيات مختلفة من الدول العربية والإسلامية الأخري. ويرأس مجلس المجمع شيخ الأزهر، ومجلس المجمع يؤلف من بين أعضائه لجانا أساسية تختص كل منها بجانب من البحوث في مجال الثقافة الإسلامية، مثل: لجنة بحوث القرآن الكريم، ولجنة بحوث السنة النبوية الشريفة، ولجنة البحوث الفقهية، ولجنة العقيدة والفلسفة، ولجنة التعريف بالإسلام، ولجنة القدس والأقليات الإسلامية.