روسيا تتهم واشنطن بإشعال نيران الحرب وفرنسا تدعو لضبط النفس تراجع الرئيس دونالد ترامب في اللحظات الاخيرة ،فجر الجمعة، عن توجيه ضربة عسكرية ضد أهداف إيرانية كان قد أقرها بالفعل ، كرد علي إسقاط ايران لطائرة امريكية بدون طيار في اليوم السابق. وجاء تعليق الضربة الامريكية بعد ارسال ترامب ، عبر عمان ، برسالة لطهران تحذرها من الضربة الوشيكة وتمنحها مهلة قصيرة للتفاوض. وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نقلت عن مسئولين في البنتاجون» إن معدات عسكرية في المنطقة وضعت قيد التأهب حتي الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي، فيما كان يتوقع شن ضربة ضد ايران خلال ساعة، قبل أن يتم إلغاؤها.. وفي حدود الساعة السادسة والنصف صباحا قيل إن المخطط لا يزال قائما دون كشف تفاصيل». وقال احد المسئولين إن إعداد العملية كان يسير بشكل جيد حيث أقلعت الطائرات واتخذت البوارج الحربية مواقعها عندما قرر ترامب إلغاءها قبل إطلاق أي قذيفة. كما أكد المسئولون لمجلة »نيوزويك» أن قوات الولاياتالمتحدة في المنطقة، بما فيها الطراد USS Leyte Gulf المزود بصواريخ مجنحة، وضعت في حالة تأهب لمدة 72 ساعة، وتم إيقاظ العسكريين في الساعة الثانية من ليل الخميس بالتوقيت المحلي، وكان من المقرر أصلا أن تنفذ الضربات في غضون ساعة، لكن لم يحدث شيء، وبقيت خطة الهجوم معتمدة حتي الساعة 3:00-3:30 من صباح الجمعة. وأكد المسئولون أن بين الأهداف التي كان من المقرر ضربها منظومة صاروخية أرض-جو من طراز »إس-125 نيفا/ بيتشورا» سوفيتية الصنع، يعتقد البنتاجون أنها هي التي أسقطت الطائرة المسيرة الأمريكية، رغم إعلان الحرس الثوري الإيراني عن استخدام منظومة »خرداد» محلية الصنع في العملية. فيما ذكر مسئول آخر لوكالة »أسوشيتد برس» أن قائمة الأهداف التي أعدها البنتاجون شملت رادارات وبطاريات صاروخية. ووسط حالة من الغموض حول الغاء الضربة او ارجائها لوقت لاحق، قالت مصادر لوكالة »رويترز» أن الرئيس ترامب، أرسل رسالة لطهران ليل الخميس قال فيها »نحن لا نريد حربا ولكننا نريد محادثات»، كما منحهم »مهلة قصيرة» للرد علي رسالته وبدء محادثات. من جانبها قالت وكالة فارس الإيرانية إن إيران أبلغت الولاياتالمتحدة عبر السفير السويسري (ممثل المصالح الأمريكية في ايران) أن واشنطن ستكون مسئولة عن عواقب أي عمل عسكري ضد إيران. ونقلت الوكالة عن محسن بهارفاند ، مدير وزارة الخارجية الإيرانية للأمريكتين ، قوله: »إذا اتخذ الجانب الذي يواجهنا إجراءات استفزازية وغير مدروسة، فسوف يتلقون رداً متبادلاً لا يمكن التنبؤ بعواقبه، والخسارة و الأضرار التي لحقت به ستكون علي جميع الجوانب. وكان الرئيس ترامب قال إن إيران »ارتكبت خطأ كبيرا» في إسقاط طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار فوق مضيق هرمز، ولكنه رجح أن يكون إسقاط الطائرة نتيجة خطأ بشري قائلا »أجد صعوبة في تصديق أنه كان عملا مقصودا». في المقابل أكدت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، أن إيران تمتلك »أدلة لا يمكن إنكارها» علي أن الطائرة الأمريكية المسيرة »كانت في المجال الجوي الإيراني»، خلافاً لما تؤكده واشنطن. و قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن إيران ستتقدم بشكوي للأمم المتحدة، مفادها أن الولاياتالمتحدة »تتعدي علي أراضينا، نحن لا نسعي إلي الحرب ولكننا سندافع بحزم عن سمائنا وأرضنا ومياهنا». من جانبها اتهمت روسياالولاياتالمتحدة بإذكاء توترات خطيرة حول الموقف الإيراني ودفع الوضع إلي حافة الحرب ، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الروسية. ودعا نائب وزير الخارجية الروسي ، سيرجي ريابكوف ، واشنطن إلي دراسة العواقب المحتملة للصراع مع إيران ، وقال إن تقريرا نشرته صحيفة نيويورك تايمز أظهر أن الوضع خطير للغاية. وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد حذر من أن الحرب بين الولاياتالمتحدةوإيران ستكون »كارثة لها عواقب لا يمكن التنبؤ بها».فيما حث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، جميع الأطراف علي التحلي بأقصي درجات ضبط النفس. اما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فحثّ طهرانوواشنطن علي وقف التصعيد العسكري، وضبط النفس في منطقة الخليج مؤكداً: »أن التصعيد، وخاصة العسكري، لن يعود علي أحد بشيء. سنبذل قصاري جهدنا لتهدئة الوضع». كما أشار الرئيس الفرنسي إلي أن باريس ستعمل علي بقاء إيران ضمن الاتفاق النووي المبرم معها. في الوقت نفسه يثير التصعيد ضد ايران جدلاً واسعاً في الكونجرس ، حيث يدعو الجمهوريون الي رد محسوب علي اسقاط الطائرة الامريكية ، فيما يدعو الديمقراطيين للتروي وخفض التصعيد. ومن جانبه قال زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر إن موافقة الكونجرس ضرورية لتمويل أي صراع مع طهران.، داعياً الجمهوريين في مجلس الشيوخ إلي السماح بإجراء تصويت علي تعديل مشروع قانون الدفاع السنوي، الذي يحظر استخدام الأموال للعمليات العسكرية ضد إيران دون إذن صريح من الكونجرس. كما دعت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، الديمقراطية نانسي بيلوسي الي خفض التصعيد مع إيران، قائلة »من المهم أن نبقي علي تواصل مع حلفائنا وأن نقر بأننا لا نتعامل مع خصم مسئول وأن نفعل كل ما بوسعنا لخفض التصعيد، فهذا موقف خطير وشديد التوتر يتطلب نهجا قويا وذكيا واستراتيجيا وليس متهورا». في حين وصف، جو بايدن، المرشح الأساسي عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، استراتيجية ترامب في إيران بأنها »كارثية. وفي اول تداعيات لأزمة اسقاط الطائرة أصدرت إدارة الطيران الاتحادية الأمريكية أمرا طارئا يحظر علي شركات الطيران الأمريكية التحليق في مجال جوي تسيطر عليه إيران فوق مضيق هرمز وخليج عمان وسط تزايد التوترات. وجاء القرار بعد أن قالت شركة الخطوط الجوية المتحدة (يونايتد إيرلاينز) إنها علقت رحلاتها من مطار نيوارك بولاية نيوجيرسي الأمريكية إلي مومباي. كما قالت شركتا الطيران الأمريكيتان (أمريكان إيرلاينز) و(دلتا إير لاينز) إن طائراتهما لا تحلق فوق إيران. كذلك علقت »الخطوط الجوية الملكية الهولندية» رحلاتها عبر أجزاء محددة من الأجواء الإيرانية، تلتها شركة »كوانتاس» الأسترالية للطيران، التي أعلنت أنها ستتجنب التحليق في أجواء مضيق هرمز وخليج عمان. فيما ذكرت الخطوط الجوية الماليزية أنها تتجنب المجال الجوي الذي كانت تستخدمه سابقا في رحلات جوية بين كوالالمبور ولندن وجدة والمدينة المنورة.