يسدل مهرجان كان السينمائي الدولي الليلة الستار علي واحدة من أهم وأكثر دوراته إثارة، حيث شهدت منافسة قوية بين العديد من الاعمال الفنية المتميزة في جميع اقسام المهرجان، ومشاركة كبار النجوم في العالم ويتم اعلان الجوائز في تمام السابعة مساء بالمسرح الكبير بقصر المهرجانات لتتويج أهم الاعمال بالسعفة الذهبية. طوال مدة المهرجان لم يمر يوم مرور الكرام أو دون حدث هام بداية من عروض الافلام التي انتظرها الجمهور بالآلاف خارج قصر المهرجانات باحثين عن دعوات، او الذين يقفون منذ الصباح الباكر امام السجادة الحمراء لمشاهدة نجمهم المفضل، أوالفرصة الكبيرة التي يقدمها المهرجان من خلال عقد ندوات مع كبار النجوم مثل آلان ديلون وسيلفستر ستالوني. فقد أثار تكريم النجم آلان ديلون الجدل بعد أن شنت الصحف المحلية حملة تطالب بإلغاء تكريمه مع منظمات حقوق المرأة لتورطه في حوادث عنف منزلي، ووصفه بزير نساء ومعاد لحقوق المثليين ؛ ولكن إدارة المهرجان أعلنت تمسكها به وخلال تكريمه، قال ديلون: »سبق ان اعتذرت لإدارة المهرجان قبل سنوات، لأن مسيرتي السينمائية لم تكن لتعرف بهذا الشكل والشهرة لولا عملي مع مخرجين كبار، فهم أولي بهذا التكريم.. عادت ادارة المهرجان هذا العام وفاتحتني بموضوع التكريم مرة اخري، فقلت لهم نفس الكلام، الشيء المحزن هذه المرة ان مدير المهرجان قال لي انا احترم موقفك تجاه المخرجين، لكن لا يوجد احد منهم الان علي قيد الحياة، فمن هنا جاءت موافقتي وقبولي التكريم وأهدي هذه السعفة التكريمية لكل المخرجين الذين صنعوا مني آلان ديلون».. وفي المسابقة الرسمية للمهرجن جمع المخرج كوانتين تارانتينو في فيلمه »ذات مرة في هوليوود» توليفة من النجوم العالميين أبرزهم براد بيت، وليوناردودي كابريو، ومارجوروبي، وإميل هيرش، آل باتشينو، ليخلق مزيجا لا يقاوم من سحر الأداء لكل نجم في دوره. الفيلم بكل تفاصيله يأخذنا لرحلة نوستالجيا في العصر الذهبي في هوليوود، حيث يقدم نموذجا لكل الشخصيات المتعلقة بصناعة السينما التي جسدت مراحل الصعود والهبوط في حياة النجوم. أما فيلم »حياة خفية» لترنس ماليك فهو يعتبر من الافلام الطويلة في المسابقة حيث اقترب للثلاث ساعات، ولكن ما هون علي الجمهور التصوير الرائع؛ فبعد ثمانية أعوام من فيلمه »شجرة الحياة»، المتوج بالسعفة الذهبية في مهرجان كان 2011، يعود ماليك ب»حياة خفية»، للمنافسة والفيلم يقدم رؤية ماليك للإنسانية وللحياة والإيمان بالمبدأ، حتي لوتطلب ذلك السير عكس التيار. وقلب فيلم »طفيلي» للمخرج الكوري بونج جون الموازين في اخر لحظة، بعد أن اصبح منافسا قويا، حيث تفاعل معه الجمهور من خلال التصفيق، ليس فقط في نهاية العرض، ولكن أيضًا في أثناء العرض وهوكوميديا سوداء حول الوضع الاجتماعي والطموح . ولايزال فيلم بيدروألمودوفار »الالم والمجد» يتربع علي عرش قائمة الافلام المرشحة للفوز بسعفة ذهبية، فبجانب تقديمه لفيلم اشبه بلوحة فنية من خلال اللعب بالالوان والجدران المزخرفة والديكور الداخلي والموسيقي الرائعة المصاحبة للحوار الرشيق، يعتبر اداء النجم انطونيوبانديراس الاقوي والاعظم في الفيلم، فقد قدم شخصية مختلفة تماما عما عرفه الجمهور به، حيث قدم شخصية مخرج في ال60 من عمره وطوال الفيلم لا يسعك سوي التعجب، من اين لك كل هذه الموهبة، كيف استطاع المودوفار أن يخرج من بانديراس هذه التعبيرات والاداء الذي جعله المرشح الاقوي لجائزة أفضل ممثل. أما فيلمي »البؤساء» للمخرج لادج لي و»أحمد الصغير» للأخوين داردين فهما من الافلام التي عبرت عن واقع المجتمع الفرنسي المشتعل هذه الفترة،علي رغم تباين مستوي الفيلمين إلا أن ما جمع بينهما هوملامسة القصة لواقع فرنسا الان.. وكالعادة، يتجه بعض المخرجين للقصص المناصرة لحقوق مثليي الجنس، باعتبارها حديث الساعة كما أنها كارت مضمون لنجاح الفيلم اواثارته للجدل علي اقل تقدير. فيلم »لوحة لامرأة علي نار» للمخرجة سيلين سياما و»ماتيس وماكسيم» للمخرج خافيير دولان. وفي مسابقة »نظرة ما»، ثاني اهم مسابقة في المهرجان، والتي تترأس لجنة تحكيمها المخرجة اللبنانية نادين لبكي، شهدت العديد من الافلام القوية منها افلام عربية رائعة علي رأسها فيلم افتتاح المسابقة»حبيبة اخي» للمخرجة التونسية مونيا شكري، ويتحدث عن حب العائلة وتماسكها في الغربة؛ وفيلم »بابيشا» للجزائرية مونيا مدور ويتناول موجة الارهاب والتطرف التي اجتاحت الجزائر في التسعينات، واطلق عليها »العشرية السوداء»اما فيلم »آدم» للمخرجةِ المغربية مريام توزاني، فهو ينتصر لأوضاع المرأة العربية في المغرب. لحظات استثنائية شهدها جمهور مهرجان كان السينمائي ال 72 حيث غني الجمهور بصوت واحد الأغنية الشهيرة لفيلم »رجل وامرأة » تحية لمخرج العمل كلود لولوش وبطليه جان- لوي ترانتينيان وأنوك إيميه حيث استمر التصفيق لاكثر من 10 دقائق ثم بدأ بعدها المسرح الكبير بأكمله يغني اغنية الفيلم. سبب هذا التأثر الكبير هوقدرة ليلوش علي جمع أبطال العمل الأول حيث يروي قصة اللقاء بين بطلي فيلم »رجل وامرأة» الحائز السعفة الذهبية العام 1966.