في ميدان التحرير، قال بتاع الكبدة وهو يقدم لي طبق السندوتشات: بعد ما تخلّص سندوتشاتك بالهنا والشفا تاخد الشاي بتاعك وحجرين تفاحة عند عنتر أخويا، الفرْش بتاعه جنب فرْش زينب .. مش عارفها؟ ده مافيش حد في الميدان مايعرفهاش، ست جدعة وبتجري علي يتامي ونَفَسها حلو في الطبيخ.. وأشار بأصبعه إلي فرْش عنتر الذي لا يبعد أكثر من 05 مترا وأضاف: تشرب من إيده أحلي كباية شاي تخليك مصهلل لحد الفجر علشان تعرف تسمع وتتفرج وانت رايق.. لأن شكلك مش بتاع كلام . يعني مالكش في الثورة ولا السياسة وجاي تفرفش. بعد ان تناولت آخر سندوتش دفعت له الحساب، وقبل أن يعطيني باقي العشرين جنيها سألني: سيادتك يا محامي يا دكتور يا مدير عام في وزارة.. صح ؟ قلت: لا.. أنا صحفي. اتسعت عيناه، وارتفع حاجباه، واتجه ببصره يسارا حيث توجد عربة لبيع العصائر والمشروبات ونادي بأعلي صوته: واحد سوبيا كبير للباشا ياشحتة ربنا يكرمك، ثم التفت إليّ قائلا: حصل لنا الشرف، عاوز أسمع من سيادتك كلمتين يطمنوا قلبي ع البلد.. وأشار إلي عشرات الخيام والتجمعات واللافتات وقال وهو يقدم إليّ كباية السوبيا: مش عاوزين يتفقوا علي حاجة.. العواطلي اللي مافيش حاجة تشغله لاِبد في الميدان يسلْي وقته ويطلع في التليفزيون ولقمته تيجي لحد عنده بلوشي، وبيرفض أي حاجة تعملها الحكومة من غير مايفهم . واللي فاهم برضه معسكر في الميدان ، بس عاوز الحكومة تعمل اللي في دماغه وطز في مصلحة البلد..وكلهم لامؤاخذة وصلوا الميدان بعد الثورة ما نجحت واترستقت.. ثم توقف عن الحديث ليسأل سيدة عن سبب صراخها، فعلم منها أن ابنها تاه ، ونصحها بسرعة إبلاغ لجان شباب الثورة قبل أن يخرج به البلطجية من الميدان ويبيعوه ب003 جنيه، ثم استأنف الحديث : الميدان بقي زي المولد لا مؤاخذة، وأضاف : هنيا.. وأخذ من يدي كوب السوبيا الفارغ، وواصل الكلام : ..وإخواننا اللي جايين يلحسوا عسل الثورة ع الجاهز مغلوشين علي شباب الثورة الحقيقي، ركبوا الموجة ودلدلوا رجيلهم وراسهم وألف سيف ان طلباتهم تتحقق، والحكومة تايهة وبتشد شعرها مش عارفة ترضي مين ولاّمين، ثم سألني: تاكل بطاطا مشوية ؟ فشكرته. قال : البلد رايحة علي فين؟ أجبته : العِِِِِِِِِِِِِِِِلم عند ربنا، لكن اطمئن، مسيرنا نستقر ونعرف طريقنا، وساعتها الناس اللي في الميدان يرجعوا شغلهم وبيوتهم ، فانتفض مذعورا وصرخ في وجهي: والميدان يرجع زي زمان؟ دي تبقي مصيبة.. وأنا ذنبي إيه؟ بلاش أنا.. عبوده الفطاطري وخليل الحلاق وسُمعة الخطاط وسعيد بتاع حمص الشام وزينب اللي بتربي يتامي.. وكل الناس الأرزقية اللي الميدان فاتح بيوتهم يعيشوا منين؟ يا عم فال الله ولا فالك، لو عندك كلمة حلوة قولها.. ماعندكش وريني عرض كتافك.. وودعني وهو يهتف : لو جيت الميدان تاني ماتكلش من عندي كبده !