منذ فجر السبت: 47 شهيدا بنيران وغارات الاحتلال المتواصلة على قطاع غزة    إعلام: إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    زلزال قوي يضرب منطقة قبالة سواحل جواتيمالا ولا تقارير عن أضرار    عرض فيلم "روكي الغلابة" لدنيا سمير غانم في الدول العربية.. 14 أغسطس    ترتيب الدوري المصري بعد تعثر الأهلي وبيراميدز وفوز الزمالك    نبيل شعيل ومحمود الليثي يتألقان في مهرجان ليالي مراسي بالساحل الشمالي (صور)    بعد غلق التسجيل اليوم.. متى تعلن نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025؟    «التعليم العالي»: اليوم الفرصة الأخيرة لتنسيق المرحلة الثانية    قروض السلع المعمرة بفائدة 26%.. البنوك تتدخل لتخفيف أعباء الصيف    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال يوليو    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 10 أغسطس 2025    «بيت التمويل الكويتى- مصر» يطلق المدفوعات اللحظية عبر الإنترنت والموبايل البنكي    إن بي سي نيوز: البيت الأبيض يبحث دعوة زيلينسكي لزيارة "ألاسكا"    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    تعرف على أعلى شهادة ادخار في البنوك المصرية    " مركز معايا ".. تفاصيل مشاهدة زيزو وحكم مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    أمير هشام: الأهلي ظهر بشكل عشوائي أمام مودرن.. وأخطاء ريبيرو وراء التعادل    دون فوز وضعف دفاعي.. ماذا قدم ريبيرو مع الأهلي حتى الآن؟    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    20 صفقة تدعم كهرباء الإسماعيلية قبل بداية مشواره في الدوري الممتاز    داروين نونيز.. ماكينة أهداف تنتقل من أوروبا إلى الهلال    ننشر أسماء المصابين في حريق محلات شبرا الخيمة    طقس مصر اليوم.. ارتفاع جديد في درجات الحرارة اليوم الأحد.. والقاهرة تسجل 38 درجة    الضرائب: 12 أغسطس آخر موعد لانتهاء التسهيلات الضريبية    حقائق جديدة حول اتفاقية الغاز بين مصر وإسرائيل يكشفها وزير البترول الأسبق    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    التفاصيل الكاملة ل لقاء اشرف زكي مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية    لا تبخل على صحتك.. حظك اليوم برج الدلو 10 أغسطس    محمود العزازي يرد على تامر عبدالمنعم: «وعهد الله ما حصل» (تفاصيل)    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    يعاني ولا يستطيع التعبير.. كيف يمكن لك حماية حيوانك الأليف خلال ارتفاع درجات الحرارة؟    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    مصدر طبي بالمنيا ينفي الشائعات حول إصابة سيدة دلجا بفيروس غامض    مصرع وإصابة طفلين سقطت عليهما بلكونة منزل بكفر الدوار بالبحيرة    وزير العمل: غرامة تصل إلى 200 ألف جنيه للأجنبي الذي يعمل بدون تصريح بدءا من سبتمبر    القبض على بلوجر في دمياط بتهمة التعدي على قيم المجتمع    مصادر طبية بغزة: استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا 40 منهم من منتظري المساعدات    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    خالد الجندي: أعدت شقة إيجار قديم ب3 جنيهات ونصف لصاحبها تطبيقا للقرآن الكريم    مراد مكرم: تربيت على أن مناداة المرأة باسمها في مكان عام عيب.. والهجوم عليَ كان مقصودا    هل هناك مد لتسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية؟.. مكتب التنسيق يجيب    ترامب يعين «تامي بروس» نائبة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    توقف مترو الأنفاق وإصابة 4 أشخاص.. تفاصيل حريق محلات شبرا الخيمة -آخر تحديث    رغم تجميد تصدير الأسلحة.. ألمانيا تعتزم مواصلة المساعدة في ضمان أمن إسرائيل    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    نرمين الفقي بفستان أنيق وكارولين عزمي على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بشكاوى تداعيات ارتفاع الحرارة في بعض الفترات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباعة الجائلون فى (التحرير).. مجتمع مغلق فى مكان مفتوح
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 07 - 2011

«الباعة الجائلون فى الميدان أغلبهم بلطجية أو مرشدين للشرطة، ووجودهم أدى لتشويه الميدان شكلا وسمعة»، «المتظاهرون يتعاملون بعجرفة ويطردون الغلابة الذين استجاروا بالميدان بحثا عن لقمة عيش»، شكوى متبادلة بين الباعة الجائلين فى ميدان التحرير، وبين المعتصمين فيه.
قبل نحو أسبوعين، اندلعت معركة بين باعة الشاى وبين شباب وأهالى الشهداء الذين اعتصموا فى الميدان، وتسببت الاشتباكات فى إصابة 360 شخصا من الجانبين، واحتراق عدة خيام.
لا ينسى الكل مشهد أحد الباعة وهو يمسك «أنبوبة بوتاجاز» وقد أشعل فى طرفها النار ملوحا بها لمن أمامه. الثوار يقولون: هؤلاء هم الباعة وهذا خطرهم، ويرد الباعة: ليس منا من رفع سنجة.
فى التحرير حوالى 500 بائع متجول يتناوبون عليه، يبدون كمجتمع مغلق فى مكان مفتوح. ما بين رجال وشباب وسيدات وفتيات وأطفال، ينظرون إلى معتصمى الميدان ك«آخر، مستبد وظالم»، ويراهم أهل الميدان «طبقة منعزلة لا سبيل للوثوق فيها بشكل مطلق».
«الشروق» حاولت أن تقترب منهم، وتتعرف على عالمهم من قريب.
أم هشام.. فى عرض ميدان التحرير
«إنت نازل عشان تشتغل وتجيب اتنين جنيه لعيالك، هتبلطج؟»، بصوت حاد تطرح أم هشام سؤالها وهى تجلس على أحد أرصفة ميدان التحرير، وحولها الهتافات تتقاطع قادمة من منصتى الميدان.
قبل 7 سنوات توفى زوجها، تاركا لها 4 أبناء، كان أصغرهم وقتها لا يزال فى بطنها، من وقتهان وحتى شهرين مضيا، وهى تقتات من «فرشتى سجائر ونظارات» فى ميدان العتبة، لكن زملاء لها فى الميدان «استقووا عليا ورموا لى فرشتى، عشان هما بيتعاملوا بمبدأ البقاء للأقوى، طلعت أشوف لى مكان أكل منه عيالى». «معنى البقاء للأقوى إنى أضربك وأهينك وأقلب لك فرشك وأرميك»، تضع أم هشام تعريفا خاصا لمصطلح قديم.
لا يبدو الحال فى ميدان التحرير مرضيا لأم هشام، فالسيدة التى تبدو فى منتصف الثلاثين تشكو «الذل والإهانة من المتظاهرين، أنا عشان آكل عيش لازم أقف معاك وأقول لك يا بيه وأسايسك وأحايلك وأقول لك يا باشا وجزمتك فوق راسى، النهارده كنت ببوس على إيد بتوع المظاهرات عشان يوقفونا فى الميدان نبيع، كنت بعيط لهم بالدموع: يا جدعان أنا عندى القلب وجاية آكل عيش وسطيكم».
ومن وجهة نظرها، فالسيدة لم تر من «الداخلية» ما رأته من «ظلم المتظاهرين، عشان هما بيقولوا علينا بلطجية، رغم أن البياع اللى ولع الأنبوبة مش تبعنا، جه يوم وسطينا وعمل الفتنة دى، واحنا من يوم 25 وسطيهم، يقولوا لنا نضفوا المكان، نقول حاضر، انقلوا مية، حاضر».
تقتصر أحلام أم هشام فى «عايزة أطلع ابنى حاجة فى الدنيا، وأستر بنتى مع واحد محترم، وأكفى ابنى اللى بياخد كل شهر جلسة كهربا فى دماغه ب300 جنيه، و3 إبر الواحدة ب150».
تطل الدموع من عينى السيدة وهى تقسم: «والله احنا ولاد ناس مش بلطجية، بس الظروف هى اللى خلتنا نقف هنا، أنا رحت أقدم على كشك، قالوا لى انتى صغيرة، طيب أنا صغيرة أأكل عيالى طوب يا بيه؟».
فى الصباح، جاء عدد من الثوار إلى أم هشام وطلبوا منها الخروج بعربتها من الميدان، والوقوف خارج الحواجز: «قالوا لنا اللى عايز يشرب هيجى لكم، سمعت كلامهم، طول النهار يا بيه ما بعتش ب10 جنيه على بعضها، واحد من المعتصمين ضرب الواد على وشه، وبرده قلنا له حقكم علينا، ده مش ضعف، احنا عايزين ناكل عيش».
تحكى أم هشام عن «مصطفى بيه الجزار» الضابط بقسم الموسكى، الذى دخلت إليه تشكو إصرار شرطة المرافق على منعها من البيع فى الشارع: «دخلت له، وقلت له يا بيه دول عيالى الأربعة، أكلهم لى وأنا مش هنزل الشارع، وبكيت له، قال لى افرشى فى مكانك، والحتة اللى تريحك، ومحدش هيقرب لك، ومن بعدها مفيش بلدية كلمتنى».
«عايزة ابنى لما ييجى زميله يذاكر معاه يلاقى شقة ناس محترمين، أسرة نضيفة، وماعنديش غير البيع فى الشارع، بدل ما أبيع لحمى أو أبيع مخدرات، واحدة زيى مكانها بيتها، وعمرى ما هشتغل خدامة عند حد، عشان اللى هخدمها مش أحسن منى».
أحمد.. فيسبوكى ضد الثورة
«لأ، دى حاططها عشان أشرب منها»، يقول أحمد لطفل فى حوالى الثالثة عشرة من عمره التقط كوب الماء ورفعه إلى فمه ليشرب. يتغير لون الطفل بتأثير الجملة، ويبدو مبهوتا لثوان، قبل أن يضع الكوب وينصرف فى هدوء دون أن يروى عطشه.
أحمد سمعان، 25 عاما، يبيع العصير فى ميدان التحرير، يقف على عربة خشبية، يغير موقعها كل عدة ساعات، لا يبدو مؤمنا بالثورة ولا يعتبر ضحاياها شهداء، كما لا يظن أنها ستؤدى إلى خير: «ناس بتجر البلد لمكان مجهول، بالمنظر ده، أكتر رئيس جمهورية هياخد فى الحكم شهر، ده لو طوّل ع الكرسى، انتو كده بتسقطوا شرعية البلد».
تخرج أحمد فى كلية التجارة جامعة القاهرة عام 2002، اتخذ لنفسه بعدها «استاند كتب فى وسط البلد، بعدها رحت محل ملابس، وبعدين فرش فى العتبة»، لكن ومنذ الثورة، بارك الله فى الرزق طالما فى الميدان معتصمون.
أحمد، لديه «كاونت»، كما ينطقها، على موقع فيسبوك، ولهذا يعتبر نفسه «من شباب الفيسبوك»، وبالنسبة له ف«ائتلاف ثورة 25 يناير وحزب الجبهة واللا الناصرى واللا الوفد ابتدوا يضربوا فى بعض، لما جه وقت تقسيم التورتة».
يؤكد أحمد أن من نزلوا مظاهرات 25 يناير، وهو منهم، لم ينزلوا الميدان بعدها: «اللى كانوا فى التحرير يوم 25 ملهمش علاقة تماما باللى نزلوا بعد كده»، حتى موقعة الجمل، يعتبرها «فخا» نصبه المتظاهرون لراكبى الجمال والأحصنة الذين جاءوا يحتفلون قريبا من الثوار بخطاب «الريس مبارك اللى كان قوى وجامد جدا».
يصف أحمد نفسه بأنه «غاوى تاريخ»، ولهذا يعود بالحديث إلى ثورة 1952: «تعال بص على 23 يوليو، فضلت تعمل كل يوم ثورة واعتصامات؟ واللا كانت ليلة وخلاص؟»، ويستدرك: «أنا مش متعاطف مع حسنى مبارك، (يقولها براء مكسورة)، بس الملك فاروق عمل إيه فى مصر؟»، ويجيب: «سلم فلسطين لليهود وجاب أسلحة فاسدة لجيشنا، وسلم أرضنا للانجليز، لما جيت تمشيه من مصر عملت له إيه؟».
يوضح أحمد أن سؤاله الأخير هو بيت القصيد، فالملك فاروق خرج من مصر مكرما: «قلت له اختار المجوهرات اللى انت عايزها، وضربت له 26 مدفع، وأكبر باخرة طلعت بيه، رغم إنه عثمانى، يعنى تركى، لكن مبارك (براء مكسورة أيضا)، عملتوا فيه ايه؟ أنا مقلتش إنه كويس، يا سيدى حرامى، بس برده، ارحموا عزيز قوم ذل».
لا يعترف أحمد أن قتلى الثورة شهداء: «ديننا بيقول إذا اقتتل مسلمان...، مع احترامى الكبير للأستاذة سعاد صالح اللى فى مجمع البحوث، واللى مش عارف ماسكة إيه بالظبط، اسمع كلامها يوم 31 يناير، على قناة معينة كده، تلاقيها مع النظام قلبا وقالبا، بعد التنحى قلبت على النقيض التام، تقول لك نحسبه شهيدا، لما رجل الدين بيتكلم كده، بيخليك انت مش عارف الصح م الغلط».
يتذكر أحمد موقعه من الميدان، ويعود ليتحدث عنه: «اتفرج على بتوع الائتلاف وحزب الجبهة بيعاملوا البياع ازاى، وشوف درجة الاستفزاز، حط نفسك مكان البياع، واسأل نفسك، لما واحد يزق لك عربيتك ويقول لك اطلع برة الميدان بتاعى، (يقولها بلهجة أنثوية ناعمة)».
ويبدو أحمد عاتبا على مبارك أنه لم يفعل كما فعل رئيسا ليبيا وسوريا: «ساعات بسأل نفسى: ليه الريس معملش ليه زى القذافى وزى بشار»، ويكمل: «بعدين مفيش حكومة هتحكم بحرية، هيقولوا لها هتعملى القرار ده واللا ننزل التحرير؟ شالوا ديكتاتور عشان يعملوا 80 مليون ديكتاتور، عصام شرف انتو معينينه من التحرير ودلوقتى نازلين له التحرير لإقالته».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.