كانت الأم المريضة تحتضر علي سريرها بالمستشفي وكان الأبناء الأربعة يقفون ببابها، يجهشون في البكاء أما الابن الاصغر الأكثر تعلقا بأمه فكان في حالة ذهول، نظراته تائهة، أنفاسه متلاحقة يكاد لا يصدق أن تغيب هذه السيدة العظيمة عن دنياه الي الابد. وفي غمرة الاحزان حانت لحظة القدر. ماتت الأم.. تعالت الأصوات بالبكاء والنشيج وطلب الابن الاصغرمن الاطباء ان يسمحوا له بان يلقي نظرة الوداع علي أمه وتقديرا للموقف سمحوا له بالدخول الي غرفتها. وفي مشهد أغرب من الخيال، هبط الابن الاصغر علي صدر أمه يحتضنها ويقبلها القبلة الاخيرة فاذا بمشاعره تهزمه واذا به يسقط ميتا علي الصدر الحنون الذي طالما أحتضن أحلامه وآلامه! في تلك اللحظة الاسطورية التي يهتز في حضرتها الوجدان انطلق شيطان الجشع من نفوس اخوته الثلاثة وبدلا من أن تنخلع قلوبهم علي فقدان أخيهم الاصغر بعد دقائق من موت أمهم، راودهم الطمع علي انفسهم فهرعوا مسرعين الي قسم البوليس ليثبتوا وفاة أخيهم قبل ان يستخرجوا شهادة وفاة أمهم! أما السبب الذي فقدوا انسانيتهم من أجله فهو الاستئثار بنصيب أخيهم في ميراث أمهم بدلا من دخول أولادهم معهم في ميراث جدتهم باعتبارهم الورثة الطبيعيين لوالدهم. لذلك أسرع الاشقاء الثلاثة الي المحكمة لحرمان أخيهم من ميراث أمهم مدعين انه توفي قبلها وبالتالي ليس له الحق في ميراثها.. بينما أقامت زوجته دعوي للحصول علي حق ابنائها في ميراث جدتهم لأبيهم. قصة أغرب من الخيال لكنها حدثت بالفعل في الواقع