إحساس بالذنب يلون كلماته، ورغبة في العودة إلي المنطقة البيضاء في حياته.. تلك المساحة التي كانت واحته التي يملؤها الحب، وتحميها الثقة، وتضيئها راحة الضمير. كتب رسالته علي استحياء.. وبدأها بسؤال مباشر، وكأنه يريد أن يلقي هذا العبء الثقيل الذي يحمله وحده من بضعة اشهر. قال: هل من حقنا نحن الرجال ان نشكو.. ان نصرخ.. ان نبكي أحيانا؟ هل يمكن ان تصدقي سيدتي ان الرجل انسان يتألم.. يتعذب.. ويعيش في بعض المواقف صراعا قد يجعله نهبا للتمزق الداخلي والحيرة؟ اذا كنت تؤمنين بحق الرجل في الشكوي.. في البكاء فإليك مشكلتي الصعبة التي لم اكن اتخيل ان اواجهها، فقد حرصت كل الحرص الا اقع في هذا الفخ.. ولكنني رغم ما فعلت لاتفاداه وقعت فيه.. وها انا اصرخ.. أبكي وحدي بلا صوت أو دموع! وها هي قصتي.. تزوجت عن قصة حب بل وصداقة استمرت أربع سنوات. كان حلمي دائما ان تكون زوجتي هي صديقتي، وان نظل كذلك طوال رحلة العمر.. يربط بيننا التفاهم، ويغذينا الحوار المتجدد. ومر شهر العسل جميلا رائعا يفوق الحلم، وظننت ان اسلوبي في اختيار حياتي، ورفضي لنصائح الناس المختلفة.. قد انقذني من الوقوع في الفخ، ولكن ما حدث بعد شهر العسل هزني بعنف، وأصابني بإحباط لا حدود له، فقد تغيرت زوجتي التي كانت صديقتي!! وفجأة.. وبعد ان كانت حياتي مليئة بالبهجة والسعادة.. اصبحت وحيدا،اعود من عملي فأجدها مشغولة باعداد غذاء اليوم التالي، وعندما اطلب منها ان نخرج معا بعد ان تنتهي من ذلك ترفض، وتبرر هذا الرفض بالتعب الشديد والاجهاد بعد يوم طويل من العمل خارج البيت وداخله. ووجدتني دون ان أدري اقع في الفخ الذي طالما راهنت علي عدم الوقوع فيه، وبدأت اخرج مع إحدي الزميلات، وكانت تبدي اعجابا بي منذ فترة لكنني لم اكن استجيب لاي تلميحات من جانبها، ولم اكن اشعر بها أصلا! لكن.. الآن اعرف ماذا حدث لي؟! اصبحت مقاومتي ضعيفة، وارادتي اضعف. خرجت معها عدة مرات حتي الآن، وبعد كل مرة اشعر بتأنيب ضمير رهيب،احتقر نفسي، واقسم الا افعل ذلك مرة ثانية، لكنني افعله.. وافعله.. فما رأيك؟! المعذب ش. ص الكاتبة: بداية احب ان اؤكد لك انني اؤمن بحق الرجل في الشكوي.. وفي البكاء والصراخ أحيانا.. ولم لا؟ أليس الرجل انسانا.. يحب، وتداهمه مشاعر العشق بمختلف اعراضه وتقلباته.. ومن قال ان التعبير عن المشاعر يقلل من الرجولة أو ينتقص منها؟ الرجولة الحقة هي القدرة علي مواجهة الموقف بشجاعة.. والرجولة لا يفترض ان تتنافي مع كون الرجل انسانا له نقاط قوة.. ونقاط ضعف. لذلك ارحب برسالتك.. واقدر تماما المحنة التي تعيش فيها الآن.. ودعني لا أقوم بدور الواعظ واقول لك انك خائن، أو انك مخطئ.. فيكفي حسابك أنت لذاتك، وقد استشعرت من سطور رسالتك انك صاحب ضمير يقظ، يمارس جلدك صباحا ومساء. لكن.. تعال نناقش المشكلة بأسلوب منطقي حتي نصل الي أسبابه، ثم نحاول التفكير في كيفية الخروج من هذا الفخ الذي وصفته في رسالتك. أنا معك ان المسئولية في جزء مما حدث يقع علي زوجتك، التي تحولت الي زوجة تقليدية، وانسانة عملية للغاية، ونسيت ما تعاهدتما عليه قبل الزواج، وكأنها لم تقرأك جيدا، ولم تفهم تركيبتك الانسانية بالقدر الكافي. وهذا خطأ تقع فيه الكثيرات بعد الزواج لكنني لا أعفيك من المسئولية يا عزيزي.. ولا اغمض عيني عن أنانية واضحة تطفو فوق تصرفاتك، تجعلك ترغب في الحصول علي كل شيء دون ان تعطي شيئا! وهذا ايضا خطأ يقع فيه الكثير من الازواج بعد الزواج. رأيي.. ان تتخلي قليلا عن أنانيتك وتتقدم خطوة واحدة، فاذا كنت تطلب منها ان تشاركك جنونك وشطحاتك غير التقليدية، شاركها همومها، وواجباتها التقليدية. فليس من المعقول ان تقف هي في المطبخ بعد رجوعها من عملها.. لتقوم بكل العمل وحدها دون مساعدة.. بينما أنت مستلق علي السرير تعاني من الوحدة والفراغ والتفكير في الرومانسية المفقودة في حياتك! جرب أن تشعرها بتقديرك لها، وإحساسك بالأعباء العديدة التي تحملها خارج وداخل البيت.. شاركها في اعداد مائدة الطعام.. قف معها قليلا في المطبخ حتي ولو من باب المؤازرة النفسية.. وسوف تري اثر تلك المشاركة البسيطة علي مشاعرها، ومن ثم علي عطائها لك.. إن المرأة تتأثر كثيرا بأي لمسة رقيقة.. أو هدية بسيطة من حبيبها.. ومثل تلك التصرفات من شأنها ان تعيد اليكما اللحظات المفقودة والسعادة الغائبة.. وان تعود الي المساحة البيضاء التي تحلم بالعودة اليها .