سعر الذهب اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 بعد ارتفاعه في الصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    محافظ الإسكندرية يكلف التنفيذيين ب «التواجد الميداني» لمواجهة تقلبات الطقس    وزير الطيران المدني يشارك في الاجتماع الوزاري للمفوضية الأفريقية    إسرائيل تعلن تحديد هوية رهينة بعد إعادة جثته من غزة (صور)    نانسي عجرم: والدي كان صارما وقاسيا وحقق حلمه فيّ وأنا طفلة بالثمانية من عمري    نانسي عجرم عن أغنية أنا مصري وأبويا مصري: استقبلوني كنجمة كبيرة ورصيدي أغنيتان فقررت رد التحية    مؤلف «كارثة طبيعية» يكشف كواليس الفكرة: «بدأت من صورة أبوين مصدومين بخمسة توائم»    رفع حالة الطوارئ و1500 عامل نظافة لمواجهة أمطار نوة المكنسة بالإسكندرية    مجانًا.. القنوات الناقلة مباشر لمباراة الأهلي وسموحة في نهائي سوبر اليد.. والمعلق    د. عبدالراضي البلبوشي يكتب: «المتحف المصري الكبير» وفن إدارة السمعة    الجزائر.. اندلاع 17 حريقا في عدة ولايات    «الأهلي مكسبش بفارق كبير!».. وائل القباني ينفجر غضبًا بسبب تصريحات مصطفى عبده    الدبلوماسي والسياسي مروان طوباس: «قوة الاستقرار الدولية» وصاية جديدة على فلسطين    حماية المستهلك: ضبط 11.5 طن لحوم فاسدة يُعاد تصنيعها قبل وصولها للمواطن منذ بداية نوفمبر    رئيس الجامعة اليابانية يستقبل نقيب صحفيي الإسكندرية والوفد المرافق    ميسي يحمل قميص "إلتشي".. ما علاقته بمالك النادي؟    تامر عبدالحميد: الأهلي كان الأفضل في السوبر.. وبيزيرا وإسماعيل وربيع أفضل صفقات الزمالك    بعد حلقة أمنية حجازي .. ياسمين الخطيب تعتذر ل عبدالله رشدي    وداع موجع في شبين القناطر.. جنازة فني كهرباء رحل في لحظة مأساوية أمام ابنته    السيطرة على حريق شب داخل سيارة ملاكي أعلى كورنيش المعادي    طوارئ بالبحيرة لمواجهة سوء حالة الطقس وسقوط الأمطار الغزيرة.. فيديو وصور    كلماتها مؤثرة، محمد رمضان يحول نصائح والده إلى أغنية بمشاركة المطرب إليا (فيديو)    مسؤول أوكراني: دفاعات كييف تتصدى لهجوم روسي هائل    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    هنا.. القنوات المجانية الناقلة لمباراة مصر وأوزبكستان اليوم 14 نوفمبر 2025 في بطولة العين الودية    «مينفعش لعيبة الزمالك تبقى واقعة على الأرض».. جمال عبد الحميد ينفجر غضبًا بسبب صور مباراة نهائي السوبر    جامعة المنيا تنظم ورشة عمل لأعضاء هيئة التدريس حول طرق التدريس الدامجة    «احترمي خصوصياتهم وبادري بالود».. 7 نصائح ضرورية لتعزيز علاقتك بأقارب زوجك    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سرّ الصلاة على النبي يوم الجمعة    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    ابتلاع طفل لخاتم معدنى بالبحيرة يثير الجدل على مواقع التواصل.. اعرف التفاصيل    أمراض بكتيرية حولت مسار التاريخ الأوروبي: تحليل الحمض النووي يكشف أسباب كارثة جيش نابليون في روسيا    المركز الأفريقى لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي ل«مرض السكر»    نتنياهو يربط التعامل مع أحمد الشرع بهذا الشرط    مصرع 3 أشخاص وإصابة 4 في حادث تصادم سيارتين بالكيلو 17 غرب العريش    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    رسميًا بعد تطويرها.. موعد افتتاح حديقة الحيوان بالجيزة وخطة تجديدها وربطها بالأورمان    وزير الدفاع الأمريكي يعلن بدء عملية "الرمح الجنوبي" ضد شبكات مخدرات في الغرب    العثور على حطام طائرة إطفاء تركية ووفاة قائدها    القانون يحدد شروطا للتدريس بالمدارس الفنية.. تعرف عليها    محافظ بورسعيد يبحث استعدادات إجراء انتخابات مجلس النواب 2025    التفاصيل الكاملة لمشروع جنة مصر وسكن مصر.. فيديو    القانون ينظم عمل ذوي الاعاقة.. تفاصيل    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    أول تعليق من «الأطباء» على واقعة إصابة طبيب بطلق ناري خلال مشاركته في قافلة طبية بقنا    إنجلترا تواصل حملة الانتصارات مع توخيل وتعبر صربيا بثنائي أرسنال    تفاصيل محاكمة المتهمين بالتنمر على الطفل جان رامز على مواقع التواصل    أذكار المساء يوم الجمعة – حصنك من الشر والهم والضيق    الإمارات تعلن نتائج تحقيقات تهريب العتاد العسكري إلى السودان    اليوم.. أوقاف الفيوم تفتتح مسجد"الرحمة"بمركز سنورس    إيران تطالب الأمم المتحدة بمحاسبة واشنطن وتل أبيب على ضرباتها النووية في يونيو    4 أبراج «بيجيلهم اكتئاب الشتاء».. حسّاسون يتأثرون بشدة من البرد ويحتاجون للدفء العاطفي    «الصحة»: التطعيم ضد الإنفلونزا يمنع الإصابة بنسبة تزيد على 70%    عمر هشام طلعت يفوز بعضوية المكتب التنفيذى للاتحاد العربى للجولف..والرميان يحتفظ بالرئاسة    "الصحة" تنظم جلسة لمناقشة تطبيق التحول الأخضر في المستشفيات وإدارة المخلفات الطبية    الشيخ خالد الجندي: كل لحظة انتظار للصلاة تُكتب في ميزانك وتجعلك من القانتين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اخبار اليوم تنشر صفحات من مذكرات عادل حموده «26»
المفاوضات السرية بين الداخلية وأمراء الإرهاب برعاية لجنة الشعراوي والغزالي وهويدي والعوا !
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 07 - 2018

التقي عمر عبد الرحمن بوزير الداخلية عبد الحليم موسي وعندما خرج من مكتبه اتهمه بالكفر!
يدخل رئيس التحرير مكتبه أنيقا.. متعاليا.. صارما.. ينفخ سيجارته من مبسم ذهبي.. ويهرول خلفه سكرتيره حاملا حقيبته بينما صغار المحررين الذين يصادفونه ينظرون إليه وكأنه نصف إله.
وما أن يجلس علي مقعده حتي يرفع سماعة التليفون طالبا المطبعة لترسل له بروفات الصحيفة.. ولكنه.. لا ينظر فيها وإنما يرد علي تليفون آخر خاص لتدعوه راقصة لسهرة في بيتها.
مشهد يتكرر في الأفلام التي تجري أحداثها في كواليس الصحافة لم يخرج عنه كل النجوم الذين مثلوا دور رئيس تحرير وأشهرهم كمال الشناوي ومحمود مرسي وسمير صبري ومن شدة إتقانهم للمشهد رسخ في أذهان الناس أننا مثلهم.. وربما لو اتيح لمصطفي أمين أو أحمد بهاء الدين أو موسي صبري أو هيكل تمثيل دور رئيس تحرير في السينما كما يعيشونه في الواقع ما صدقهم الجمهور فلا أحد منهم يشبه الصورة الذهنية التي شاعت عن رئيس التحرير حتي أصبحت أقوي من الحقيقة.
شروط الإرهابيين لإيقاف العنف : تغيير التعليم والإعلام ومنع المسلسلات والغناء وتطبيق الشريعة في دولة الخلافة!
أحد شيوخ النساء أقنع واحدة منهن بأن علاقته الآثمة بها حلال .. وآخر خرس تماما بعد أن شاهد فيديو سجل له وهو يمارس الفحشاء مع أخت زوجته!
نشرنا تفاصيل المبادرة فكذبنا رئيس الحكومة عاطف صدقي ولكن عمر سليمان أكد لمبارك أننا علي حق فأقال الوزير بعد ساعات
من التكذيب!
لو مثل مصطفي أمين أو هيكل
أو أحمد بهاء الدين دور رئيس التحرير في السينما
ما صدقهم الجمهور كما يصدق كمال الشناوي!
»صدقي»‬ اعتذر لي مؤكداً أنه وهو رئيس حكومة كان آخر من يعلم!
في الواقع لا يطلب رئيس التحرير المطبعة وإنما يطلب مدير التحرير أو سكرتير التحرير ليعرف منه سير العمل كما أنني كنت أحمل حقيبتي بنفسي ولم تكن سكرتيرتي في روز اليوسف حنان شعراوي قادرة علي منع محرر من مقابلتي إلا إذا كنت أكتب.. كما أن السنوات الطوال التي قضيتها في رئاسة التحرير لم أتلق دعوة واحدة من راقصة للسهر في بيتها.
أما السهرة فكانت غالبا في مطبخ العمل بحثا عن غلاف مميز أو تحقيق صحفي يجعل القارئ يستمر في شراء المجلة أو الصحيفة التي اديرها.
ذات مساء وأنا في »‬ صوت الأمة » أصرت سيدة منتقبة أن تقابلني مع محاميها وهددت بالانتحار إذا لم أستجب لها.
راحت بلا مقدمات تروي قصتها مع رجل دين أشتهر بقراءة القرآن بطريقة مؤثرة تثير بكاء مستمعيه كما كان يؤم المصلين في »‬ عرفات »‬ بتكليف من إحدي شركات الحج السياحي ويعظ النساء في سوبر ماركت شهير أياما في شهر رمضان مقابل ثروة من المال.
سجلت المرأة اعترافها بخط يدها وعلي شرائط كاسيت ولم تتردد في تقديم بلاغ إلي النيابة العامة ضد الشيخ واهتمت مباحث أمن الدولة بالقصة ورغم ذلك كله نشر محمد الباز القصة بلا أسماء.
أقام الرجل علاقة آثمة معها بعد أن اقنعها بأنها شرعية باعتباره فقيها يعرف الحلال من الحرام وكانت تذهب إلي شقته في دور مرتفع من عمارة بها مسجد في الدور الأول يلتقي فيه بالنساء اللاتي يبحثن عن فتاوي تخص علاقتهن بأزواجهن.
وصفت المرأة الشقة بدقة ووصفت علامات مميزة في جسده كما ذكرت مقاسات ملابسه الخارجية والداخلية.
وما أن نشرت القصة حتي وجدت لوما من مدير مباحث أمن الدولة اللواء صلاح سلامة الذي التقيته ونحن نغادر احتفالا بعيد الشرطة قائلا : »‬ هو إحنا ناقصين توتر مع المشايخ» ولم يكن من الصعب إدراك أن الشيخ أحد اتباعه المخلصين الذي أحرجه بما فعل وحاول التغطية عليه.
وحاول الشيخ الدفاع عن نفسه في إعلان مدفوع نشر علي الصفحة الأولي في الأهرام مستخدما آيات قرآنية تصور أنها مناسبة لحماية شركة الحج والعمرة التي يمتلكها وقاطعها زبائنها وعندما كنت علي جبل عرفات وجدت إماما للصلاة فابتعدت عنه وصليت بمفردي.
استسلم الشيخ لمطلب المرأة العنيدة بأن تزوجها ثم طلقها حسب رغبتها وعاد لمسرحيات البكاء ومحاضرات السوبر ماركت مروجا للزيت والسكر والياميش.
وفيما بعد جاءت دعاء فاروق لتسجل حلقة تليفزيونية عني في برنامجها »‬ حياتنا » علي شاشة النهار ولم تتردد في الكشف عن شهادة في هذه الواقعة.
كانت دعاء تقدم برنامجا دينيا في قنوات ايه أر تي وذهبت لتحاور الرجل وترد عنه ما تصورته ظلما ومحاربة للدين لكنها فوجئت بزوجته تؤكد لها صحة ما كتبنا كما أنها عندما التقت به قبل التسجيل لم تسترح لكلماته وتصرفاته.
ولم تختلف هذه القصة عن قصة سابقة عن داعية تخصص في وعظ النساء ولكنه لم يتردد في الهجوم علي الأقباط والسخرية منهم إلا انه تراجع عما يدعو إليه عندما شاهد فيديو يمارس فيه الفحشاء مع أخت زوجته.
علي أن الأمر كان مختلفا عندما كتب إبراهيم عيسي في روز اليوسف عن الشيخ متولي الشعراوي لفتواه في تحريم الاختلاط في الجامعات وكانت الحجة وجود كتابات فاضحة علي دورات المياه ولرفضه وجود بطالة بين الشباب إذا ما قبل الشاب ما يعرض عليه من وظيفة حتي لو كانت في محطة بنزين ولو كان يحمل شهادة دكتوراه في الكومبيوتر.
والحقيقة أننا تعرضنا لهجوم أشد بسبب المساس بالشيخ الجليل بل أكثر من ذلك أمتنع كثير من متعهدي الصحف عن بيع روز اليوسف ولكنني لم أوقف نشر ما يكتبه إبراهيم عيسي الذي جمع مقالاته في كتاب »‬ عمائم وخناجر ».
في ذلك الوقت تقريبا حمل منتصر الزيات المحامي الذي يتولي الدفاع عن المتهمين في قضايا إرهابية وساطة من الجماعة الإسلامية في السجون إلي الدكتورين سليم العوا ومحمد عمارة لإبلاغها لوزير الداخلية اللواء عبد الحليم موسي وأطلقت لجنة الوساطة علي نفسها اسم : »‬ المسلمين المستقلين » أو »‬ لجنة العلماء» وتشكلت اللجنة بمبادرة من الشيخ الشعراوي وقررت أن تكون جسر تفاوض بين الإرهابيين والداخلية وضمت اللجنة الشيخ محمد الغزالي والدكتور كمال أبو المجد وفهمي هويدي والشيخ عبد الرشيد صقر والدكتور عبد الصبور شاهين والإذاعي أحمد فراج الذي كان مستشارا إعلاميا لرئيس الحكومة الدكتور عاطف صدقي والدكتور سيد رزق الطويل والدكتور عبد الحي الفرماوي وعقدت اللجنة اجتماعا أوليا في مقر جمعية »‬ دعوة الحق »‬ التي يرأسها الطويل ولكن هذه لم تكن البداية كما أنها لم تكن الوساطة الوحيدة.
حسب ما كتب إبراهيم خليل في روز اليوسف فإن وزير الداخلية أخرج عبود الزمر ( ضابط المخابرات الحربية الذي كان مسجونا في قضية اغتيال السادات وتنظيم الجهاد ) من محبسه والتقي به لمدة خمس ساعات في مكتبه وكان اللقاء إشارة مرور خضراء لتشكيل لجنة العلماء التي تولت الوساطة وقدمت للوزير بنود الاتفاق بين الحكومة والجماعة الإسلامية ونصت علي أن توقف الجماعة أعمال العنف مقابل الإفراج عن 60 % من المعتقلين طبقا لقانون الطوارئ وتحويل القضايا من المحاكم العسكرية إلي المحاكم المدنية ومنع الأمن من الاغتيال العشوائي لأفراد الجماعة ولو سلمت الجماعة أسلحتها يفرج عن جميع المسجونين منها علي أن تحتفظ بمساجدها ويعاد النظر في قانون الطوارئ.
ووافق الوزير علي تجاوز اغتيال اللواء محمد الشيمي في أسيوط قبل لقاء أعضاء اللجنة بيوم بجانب موافقته علي سفر أعضاء من اللجنة إلي نيوجرسي للتعرف علي شروط عمر عبد الرحمن ( مفتي تنظيم الجهاد ) الذي منحته السفارة الأمريكية تأشيرة دخول فسافر إلي نيويورك ومارس نشاطه الخفي هناك فقبض عليه وسجن فيما بعد.
والتقي أعضاء اللجنة بمدير مباحث أمن الدولة اللواء مصطفي عبد القادر لترتيب زياراتهم للسجون لمقابلة الزمر وعاصم عبد الماجد وكرم زهدي وناجح إبراهيم وعصام دربالة الذين يطلقون علي أنفسهم أمراء الجماعة الإسلامية.
وحسب ما كتب أسامة سلامة علي لسان منتصر الزيات فإن الوساطة ستشمل تنظيمات أخري مثل الجهاد والشوقيين وسوف تؤثر علي القضايا المنظورة أمام المحاكم وتوصل المتهمين إلي البراءة.
وعندما اجتمعت اللجنة ناقشت ثلاثة موضوعات شديدة الأهمية : (1) ما أسموه بفساد أجهزة الإعلام وما تذيعه من برامج وأفلام ومسلسلات (2) زيادة الجرعات الدينية في المدارس لمواجهة فساد السياسة التعليمية (3) الحالة الاقتصادية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم.
وحسب تقرير حمدي رزق فإن هناك سوابق للحوار بين المسئولين والإرهابيين في أسوان وسوهاج وأسيوط وحالف بعضها النجاح ولكن الجماعة الإسلامية متحالفة مع الجهاد أصرت علي اخذ رأي عمر عبد الرحمن واعتبار موافقته شرطا لا مفر منه لقبول الوساطة وفي الوقت نفسه يبدأ فورا الإفراج عن المعتقلين خاصة من مر عليه أكثر من خمس أو ست سنوات ولكن الشرط الأهم هو ان تعلن الدولة تطبيق الشريعة الإسلامية.
وحسب تقرير إبراهيم عيسي فإن هذه الوساطة لم تكن الأولي من نوعها فقد حكي وزير الداخلية في نفس لقائه مع لجنة الشعراوي أنه استقبل عمر عبد الرحمن في نفس المكتب وطلب منه إجراء حوار حول كل شيء ووعد بحمايته بل واعطاه أرقام تليفوناته الخاصة ليتصل به مباشرة ولكن عمر عبد الرحمن فور خروجه من اللقاء رمي الوزير بالكفر وسمع الوزير ما قال عبر أجهزة التنصت التي كانت تتبعه وترصد أنفاسه.
وكان هناك وساطة من نوع آخر في لقاء جري بين الوزير والدكتور عبد الصبور شاهين انتهت بالإفراج عن ثلاثين متطرفا تائبا ولكن قبض عليهم في أحداث وقعت في إمبابة.
وفي المباحثات التمهيدية دافع عبد الصبور شاهين عن أفكار المتطرفين وصرح أمام الوزير بأنه لا يخشي من إرهاب الشباب المتدين بقدر ما يخشب من إرهاب الدكتور نصر أبو زيد وروجيه جارودي.
ولو كانت الدولة ستكسب من الوساطة بعض الهدوء وعودة السياحة فإن المتطرفين سيحظون بمكاسب أكثر ومنها الاعتراف بهم قوة سياسية وجماهيرية قوية ومؤثرة وليس مجرد مجرمين وقتلة ويثبتون لقطاعات كبيرة من الشعب خاصة الذين يرفضونهم أن الحكومة تجلس معهم علي مائدة مفاوضات واحدة وتعترف بهم قوة لا سبيل للتشكيك فيها أو التهوين منها ومن ثم تسقط كل مقاومة ضد الاعتراف بهذا التيار ونقلة من صف الإرهاب إلي طابور الصراع علي السلطة.
أما المكسب الثالث للإرهابيين فهو مزيد من التحقق السياسي والإعلامي علي الساحة الخارجية خصوصا الأمريكية ولتدعيم صورتهم ومواقفهم في مفاوضات أخري يعقدونها مع رجال السلطة في واشنطن.
كذلك وضمن شروط المصالحة أو الهدنة طلبات الإفراج عن مئات المعتقلين والتوقف عن حملات الملاحقة والمطاردة الأمنية مما يسمح لهم بإعادة تشغيل قواهم المعطلة وترتيب صفوفهم استعدادا لأي تحرك أو خرق لبنود الاتفاق فضلا عن براءتهم من جرائم الدم التي ارتكبوها.
وحسب ما كتب عبد القادر شهيب فإنه تمني من كل قلبه نجاح المبادرة وتوقف نزيف الدم ووضع نهاية للإرهاب الذي يهدد الأخضر واليابس ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه »‬ وأخشي أن يتمخض الأمر عن مزيد من الإرهاب فهذه ليست المرة الأولي التي يبادر فيها البعض مشكورا للسعي لوقف الإرهاب ولكن الإرهاب لم يتراجع ولم ينحسر بل تضخم واتسع ليشمل السياح والمواطنين بعد أن كان يقتصر علي رجال الأمن والمسيحيين وأحيانا الفتيات غير المحجبات ».
وحتي عندما شرعت لجنة المصالحة في الوساطة الجديدة لم تتوقف العمليات الإرهابية ووقعت خمس عمليات في يوم واحد.
أما الشروط والمطالب التي تقدم بها قادة الجماعات والتنظيمات فتلقي بظلال من الشك حول إمكانية نجاح الوساطة الجديدة فقد طلبوا بما يشبه الإعتراف الرسمي بهم لينشطوا ويتحركوا بحرية بلا قيود بما في ذلك استعادة المساجد التي طردوا منها بعد أن حولوها إلي ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة والمتفجرات توطئة لإنشاء حزب لهم فضلا عن إلزام الحكومة بما يحبذون في مجالات الإعلام والتعليم وغيرها وهو ما يمنحهم مزيدا من القوة يمكن أن يستثمروها عند أول خلاف بينهم وبين الدولة أو القوي السياسية الأخري لأنهم ببساطة يرفضون الجميع ولا يقبلون إلا بمن يسايرهم.
أما القول إنهم سوف يسلمون أسلحتهم فهذا أمر غير مضمون فمن السهل الحصول علي غيرها كما حدث من قبل.
وسنكون ساذجين إذا اكتفينا فقط بالتعهدات الكلامية أو حتي المكتوبة وسوف ندفع ثمنا فادحا لساذجتنا حتي نفاجأ باغتيالات وتفجيرات جديدة ووقتها سنكتشف أن الوساطة الجديدة قاتلة.
نشر تقرير تضمن هذه الأفكار كتبه خمسة من محرري روز اليوسف يوم 19 إبريل عام 1993 علي خمس صفحات تحت عنوان : »‬ شروط المتطرفين لإيقاف العنف »‬ وكان العنوان هو نفسه عنوان الغلاف وإن سبقه عنوان تمهيدي : »‬ مفاوضات الشعراوي والحكومة »‬.
نزل العدد مساء يوم سبت وبدأت إجازة عيد الفصح وشم النسيم ورحت لقضائها مع عائلتي في فندق الواحة علي الطريق الصحراوي المؤدي إلي الإسكندرية وفي صباح اليوم التالي الأحد وجدت علي الصفحة الأولي للجرائد القومية صورة لرئيس الحكومة عاطف صدقي محاطا بمراسلي الصحف ووكالات الأنباء الذين لم يوجهوا إليه سؤالا واحدا كان عن مبادرة الصلح بين الحكومة والإرهابيين التي نشرتها روز اليوسف وأجاب الرجل بثقة : »‬ ما نشرته روز اليوسف عار تماما من الصحة »‬ بل زاد علي ذلك الرجاء المعتاد من كبار المسئولين للصحف بتحري الدقة.
وجن جنوني ولكن سرعان ما هدأت بعد أن عرفت من فاروق حسني (وزير الثقافة) أن الرئيس طلب من عمر سليمان (مدير المخابرات) تقريرا عاجلا عما نشرنا فأكد صحته فلم يتردد في إقالة وزير الداخلية (عبد الحليم موسي ) وعين في منصبه محافظ أسيوط حسن الالفي.
ونشرنا في العدد التالي : »‬ إننا علي حق ».
وأضفنا : »‬ نفي رئيس مجلس الوزراء الدكتور عاطف صدقي ما نشرته روز اليوسف في العدد الماضي ولكن فات السيد رئيس الوزراء أن يقدم تفسيرا للموقف خاصة أنه كان خارجا للتو من ردهة أقسم فيها وزير الداخلية الجديد اليمين القانونية للوزارة التي تولاها بعد إقالة سلفه وكان سبب الإقالة ما كشفته روز اليوسف من حقائق حول لقاءالوزير الراحل وعدد من مساعديه مع متطرفين دون استراتيجية واضحة وكذا الموافقة علي حوار مع إرهابيين عبر وسطاء يرفع بعضهم شعار الاعتدال ويمثل البعض الآخر التطرف بعينه.. روز اليوسف علي حق.. وهي علي حق أيضا حين تذيع بالمستندات أسرارا جديدة في هذا الملف الذي فجرته منذ البداية ».
فيما بعد التقيت بالدكتور عاطف صدقي ولم يتردد الرجل بتواضع جم في الاعتذار لي قائلا: »‬ لم أصدق أن وزيرا يتصرف من دماغه في أمر علي هذه الدرجة من الأهمية والخطورة والمساس بالأمن القومي فسارعت بتكذيب الخبر ».
والمشكلة أن رئيس الحكومة عادة ما يكون بعيدا عن مثل هذه القضايا ويكاد عمله يكون مقصورا علي الشئون الاقتصادية وتنفيذ ما يؤمر به من الرئيس ولذلك فإن الرجل كان آخر من يعلم.
ولكنه أضاف : »‬ لقد أصابتنا فضائح الوزير عبد الحليم موسي من قضية لوسي أرتين إلي قضية فتاة قويسنا التي احرجتني في مجلس الشعب ولكن ما أثار دهشتي أنه كان لا يستغني عن شاب درويش جاء به من أسيوط ووضعه في مكتبه يتبرك به مما يعني أن اختياره كان خطئا ولكنه لم يكن الاختيار الخاطئ الوحيد في وزارة الداخلية ».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.