لم يكن حسب يوم الشعب العظيم في الثلاثين من يونيو 2013، هذا الإعلان العظيم المشهود لإرادة المصريين، والتعبير عن رغبة الشعب في رحيل حكم الإخوان، فالشعب هو الأصيل صاحب السلطة، والكل يستمد منه، وهو الذي يضفي الشرعية ويعطي الولاية إذا أراد، وبإرادته وحده، وهو الذي يسحب ما أضفاه، ويعزل من ولاه، وبإرادته وحده. وكان من أول نتائج هذا اليوم العظيم، تخبط الإخوان ورئيسهم، وأبرز شواهد هذا التخبط أنهم أداروا ظهرهم للإسلام الذي يتشحون به، وخرجوا عن قيمه ومبادئه. ألقي الإخوان وراء ظهورهم القدوة التي أعطاها الأنصار يوم سقيفة بني ساعدة،. هؤلاء المؤمنون حقًّا الذين لم يبدلوا ولم يغيروا إثر ما حدث يوم السقيفة، بل استمر عطاؤهم غزيرًا موصولاً للأمة بلا انقطاع. كان أول نتائج يوم الشعب العظيم، أن كشف مرسي الإخوان عن الوجه القبيح، فتمنطق رئيس الإخوان، ليلقي خطابًا عجيبًا كشف فيه نفسه وكشف الإخوان، ألقاه عشية انتهاء المهلة العادلة الحكيمة التي أُعطيت له لإجابة طلبات الشعب، بيد أنه أبي هو والإخوان قبول هذا الطلب الشعبي المنطقي والعادل، وأبوا إلا العناد الضرير، وألقي رئيس الإخوان خطابًا عجبًا يؤدي بمصر إلي حرب أهلية تراق فيها دماء المصريين،. والأعجب في هذا الخطاب العجيب الذي رفع فيه مرسي راية الجهاد لمقاتلة وقتل المصريين، أنه تماحك في »شرعية» لم يحترمها وعشيرته يومًا واحًدا، بل كانت كل عنايتهم ضرب الشرعية في مقتل! تصرف من اليوم الأول كرئيس للإخوان لا لمصر يعبر عن أهله وعشيرته من الإخوان، أما مصر والمصريون فقد وضعهم وراء ظهره، حاول وعشيرته خلافًا لحكم المحكمة الدستورية العليا، إعادة إحياء مجلس الشعب المقضي باعتباره غير قائم، وفرضه بالقوة، وحاولوا اقتحام مبني البرلمان عنوة، وقام مرسي بإصدار قرار جمهوري في 8 يوليو 2012، باطل وغير مشروع، يصادر به الحكم النهائي للمحكمة الدستورية العليا، أصدر قرارًا لا يملكه، بعزل النائب وتعيينه هكذا !!! سفيرًا لدي الفاتيكان، وبلا استطلاع موافقة الفاتيكان، خلافًا للأعراف الدبلوماسية ولكل المبادئ الدستورية، التي تقضي بعدم جواز عزله ! ولم يكن تراجعه لاحقًّا عن هذا القرار الضرير الباطل » غير المشروع » لم يكن رجوًعًا إلي الصواب، وإنما كان من باب » المناورة » و» الخداع »، وجعل ينتهز الفرص لعزله من منصبه القضائي! قام بإصدار قرار همايوني في 12/8/2012 وصفه كذبًا واحتيالاً بأنه إعلان دستوري، أعطي فيه لنفسه، بلا سند وخلافًا للمبادئ الدستورية، سلطة التشريع، إلي جانب كونه رئيس السلطة التنفيذية، وهو جمع لا يجوز، فضلاً عن انعدام سلطته في إصدار إعلانات دستورية! خاصم مع أنه يشغل منصب رئيس الدولة، سلطةً من سلطاتها، وهي المحكمة الدستورية العليا، وشن عليها حملة »غير مشروعة» للإجهاز عليها، حتي أنه امتنع عن حلف اليمين الدستورية أمامها وكأنها »سُبّة»، وبقي التآمر عليها مضمرًا حتي حصارها في 2 ديسمبر 2012 ومنعها من الحكم بل ومنع قضاتها لأيام من دخول المحكمة، إلي أن تمكن بفصيله من ضربها ضربة قاصمة غير دستورية في دستور الإخوان الصادر 25 ديسمبر 2012! مالأ حزبه، وأهله وعشيرته، بإصدار قرار بقانون باطل و» غير مشروع »، هو القرار الجمهوري بالقانون 79 لسنة 2012 الذي أصدره بتاريخ 12 يوليو 2012، بشأن معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية (الثانية)، راميًا به في خطوة » غير مشروعة » أن يستبقي ما ليس بباق، بأن يعطي الروح لجمعية شكلت تشكيلاً باطلاً معروض أمرها علي القضاء، وهو عمل غير مشروع، وقضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2/6/2013 بعدم دستوريته! تحت جناحه، وبسلطانه، قام مجلس الشوري المُنذَر بحله منذ حكم الدستورية العليا في 14/6/2012 قام بضرب الصحافة المصرية، وتقويض أركانها ودعائمها، وأخونتها بالأهل والعشيرة، ووصل الأمر إلي حد شغل منصب رئيس مجلس إدارة إحدي الدور الصحفية القومية، بمتهم في جناية التمويل الأجنبي، والجناية متداولة أمام محكمة الجنايات، وليذهب المتهم رئيس مجلس إدارة الدار القومية ليقف في كل جلسة بقفص الاتهام، دون أن يبالي محمد مرسي ومن معه، بشيء من ذلك ولا بالحكم الذي صدر بحبسه سنتين، ولا بأن المنصب الرفيع الذي أهانوه، كان يشغله عمالقة الصحافة المصرية! ما كادت حركة ضرب الصحافة المصرية تصدر، حتي ضاق مرسي وفصيله بواحد عينوه في رئاسة تحرير إحدي الصحف القومية، فعزله رئيس مجلس الشوري الباطل، والمقضي أخيرًا ببطلانه بحكم الدستورية العليا بجلسة 2/6/2013، عن رئاسة التحرير، ثم لم يحترم مرسي ولا احترمت حكومته حُكْم الإدارية العليا ببطلان عزله، وبإعادته إلي منصبه، وبقي الرجل حتي إلقاء هذا الخطاب محجوبًا عن منصبه المقضي بحكم نهائي بعودته إليه ! ما لبث رئيس الإخوان صاحب الخطاب العجيب، أن أصدر في 21 نوفمبر 2012، ما أسبغ عليه كذبًا واحتيالاً أنه إعلان دستوري، بينما لا يملك إصدار إعلانات دستورية، ولكنه أَسْبَغَ كذبًا علي قراره الباطل » غير المشروع » أنه إعلان دستوري، ليدفع به إلي دائرة أعمال السيادة تحصينًا له، بينما ضمَّنه ثلاث كبائر لم نسمع بها من قبل، أولي هذه الكبائر فحواها :» أنا ربكم الأعلي !»، و» قراراتي محصنة لا يجوز الطعن عليها أمام القضاء !!»، وثاني هذه الكبائر تحصين مجلس الشوري، وقد قضت الدستورية العليا في 2/6/2013 ببطلان وعدم دستورية ما بني عليه تشكيله، وثالث هذه الكبائر تحصين الجمعية التأسيسية الثانية لوضع الدستور، والتي قضت الدستورية العليا بجلسة 2/6/2013 ببطلان وعدم دستورية القرار بقانون 79/2012 الذي أصدره مرسي في 12/7/2012 لبعث الروح فيها واستبقائها لإصدار الدستور الأعوج المروم إصداره !!! ظَاهَر وأهله وعشيرته، استمرار الجمعية التأسيسية الثانية في القيام بعمل باطل لوضع دستور باطل يوضع فيه ما يشاءون، رغم بطلان تشكيلها، ورغم الانسحابات والاستقالات التي بلغت ثلث عددها والذي لا يجوز أن يقل عن مائة عضو، ثم تطعيمها بأربعة عشر عضوًا لملموهم لا يجوز ضمهم إليها للتعارض بين مناصبهم وبين عمل الجمعية، منهم وزراء ومحافظون ومساعدون ومستشارون لرئيس الجمهورية، ثم استدعاء أحد عشر شخصًا بلا سند في الليلة الأخيرة لاستكمال النصاب لإصدار هذا الدستور المليء بالتعاريج والبطلانات! أصدر قرارات عفو رئاسية متتالية، مليئة بالثقوب والمآرب والأغراض، ختمها بقرار جمهوري بقانون بعفو شامل، تساندًا إلي » سلطة التشريع » التي منحها لنفسه في 12 أغسطس 2012، وهو بدوره معيب بالبطلان، ومن كبائره تمديده إلي كافة الجرائم، واتساعه إلي جرائم التخابر وأمن الدولة وتجارة السلاح والمخدرات، والأدهي مده إلي مرحلة التحقيق، علي خلاف كل المبادئ الدستورية، وسوابق الدولة المصرية، لينكشف الغطاء، ويفتضح المستور، ويستبين أنه يقدم لنفسه وأفراد من عشيرته، هدية مجانية مستقبلية، إذا رامت السلطات القضائية مساءلته ومن هربوا معه من سجن وادي النطرون يوم 29/1/2011، واقترن هروبهم بجرائم تخابر وأمن دولة جار محاكمتهم عنها الآن!!! تحت جناحه، قام حزبه وعشيرته، من خلال مجلس الشوري الباطل الذي كشف حكم الدستورية 2/6/2013 عن بطلانه وعدم دستورية ما بني عليه تشكيله، قاموا بالتآمر علي السلطة القضائية، وتقديم مشروعين لضرب السلطة القضائية في مقتل لأنها القوة الباقية التي تتصدي للأعمال » غير المشروعة » الجارية علي قدم وساق لهدم بناء الدولة المصرية! تحت جناحه، أصدرت آلياته، وجمعيته التأسيسية، وأهله وعشيرته، دستورًا خلا مشروعه من 48 توقيعًا من أعضاء الجمعية التأسيسية، ومنسوبًا إلي جمعية غير كاملة العدد، وعاب تشكيلها ما أسلفناه، وأسفر عن كبائر في هذا الدستور الذي لا يليق بمصر !! من هذه الكبائر الغش والتدليس، بالالتفاف الخبيث المدلس علي المادة الثانية التي تقتصر علي »مبادئ الشريعة الإسلامية» بالمادة (219) التي تعطي تأويلاً عجيبًا لمبادئ الشريعة يمدها إلي الفقه، ويخرج بها عن معناها، ثم كان من كبائره دَسْترة المخالفات الدستورية، بتضمين المادة (231) ذات النظام الانتخابي المقضي من الدستورية العليا 14/6/2013 وبحكمين سابقين، بعدم دستوريته، ثم تضمينه، في المادة (232) مخالفة دستورية أخري، بالعودة إلي تقرير العزل السياسي و» دَسْترة » المخالفة الدستورية خلافًا للمبادئ الدستورية وما قضت به المحكمة الدستورية العليا بجلسة 14/6/2012،. ثم ضرب المحكمة الدستورية العليا، وإعاقتها بل ونسفها، بحذف ما كان في المشروع، وفي الإعلان الدستوري 30 مارس، ودستور 1971، من عدم قابلية قضاتها للعزل، وتضمين الدستور تخفيضًا لعدد قضاتها، وفرض أن يكون حدهم الأقصي أحد عشر قاضيًا، وتسريح الباقين، في سابقة غير مسبوقة في الدساتير، فليس من عملها تحديد عدد القضاة، والمرام هو نسف المحكمة الدستورية العليا، وإعاقتها لحين القضاء التام عليها، فتشكيل هيئة المحكمة مكون من سبعة، رئيس وستة أعضاء، فإذا قام أحد الأخصام في دعوي برد الهيئة، استحال تدبير هيئة أخري كما يقضي القانون لنظر طلب الرد والفصل فيه، فتتوقف المحكمة توقفًا جبريًّا عن نظر الدعوي،. ثم السعي بالمادة (236) لتحصين الأعمال الباطلة غير المشروعة التي أصدرها رئيس الإخوان تساندًا لقراريه اللذين أسْبغ علي كل منهما كذبًا واحتيالاً أنه إعلان دستوري، والمقصد إسباغ حماية »غير مشروعة» علي أعمال وتصرفات وقرارات »غير مشروعة»، اتخذت اتكاءً علي هذين الإعلانين الباطلين، وأخيرًا وليس آخرًا، الغش والتدليس في صياغة ما ورد بالدستور بشأن حصة العمال والفلاحين!! الإصرار الضرير المتعجرف علي استمرار عزل النائب العام الشرعي وحجبه عن منصبه، وفرض البديل، ورغم حكم محكمة الاستئناف العالي دائرة رجال القضاء، ببطلان العزل وبطلان تعيين البديل، والإمعان في اللجاجة إلي حد رد هيئة المحكمة، وهم من خيرة قضاة مصر، والأدهي أن يقدم علي طلب الرد النائب العام البديل، وهو أولاً وأخيرًا قاضٍ من قضاة مصر، ولم تجر عادة ولا عرف أن يقوم قضاة مصر برد بعضهم البعض عن نظر الدعاوي !! ولم يكن ذلك حميدًا ولا رشيدًا، واستمر إلي أن صدر حكم محكمة النقض، ففرضت » الشرعية » التي أبي الإخوان ورئيسهم إلاّ إهدارها وعدم احترامها!!! وأخيرًا وليس آخرًا، فإن صاحب الخطاب العجيب تجاهل في موقفه هذا الأخير، نصوص ذات الدستور الذي وضع تحت جناحه، وفرضه بالأهل والعشيرة، فالمادة الخامسة من ذلك الدستور الذي أصدره هو في 25 ديسمبر 2012، تنص بصريح اللفظ والعبارة، وهو ما ردده في بدايات توليه السلطة، علي أن : »السيادة للشعب يمارسها ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية، وهو مصدر السلطات». وكان أخطر ما في هذا الخطاب العجيب دعوته فصيله وعشيرته للجهاد، واستباحته إشعال حرب أهليه إلي حد مقاتلة وقتل المصريين، واقترن القتل والاغتيال بمحاولة تخريب مصر ونسف مرافقها وحضارتها، بيد أن نتائج هذه الجرائم الضريرة، وعلي عكس ما أمله الإخوان ورئيسهم، أسدل ستار النهاية عليهم ؛ وعلي أي فرصةٍ لهم لإعادة التزييف علي الناس وخداعهم عما أضمروه وخططوا له ودبروه وارتكبوه! عسي أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم ! من أفضل ما كان ليوم الشعب العظيم، أن نتائجه كشفت للمصريين حقيقة مآرب ومقاصد الإخوان ؛ الذين تحولوا إلي محاربة الشعب كله وقتاله وقتله!!! انكشف للناس بهتان الغطاء الذي التحف به الإخوان، زاعمين فيه أنهم لا يبتغون سوي وجه الله، وإعلاء كلمته، وتطبيق شريعته، وانكشف للمصريين أن الهدف الأساسي للحركة هو تولي سدة الحكم، ثم بدأ هذا الستار ينحسر نهائيًا مع الاغتيالات المتتالية التي تورطوا فيها! التاريخ الأسود من قلب الإخوان يروي الدكتور عبد العزيز كامل أحد أقطاب الإخوان، الذي انشق بعد ذلك عنهم، كيف دُعِي وهو مدرس بمعهد المعلمين العالي بأسيوط ، إلي اجتماع عاجل مع المرشد العام حسن البنا بالقاهرة عقب مقتل المستشار أحمد الخازندار، والحوار العجيب الذي دار أمامه بين المرشد العام الذي أصر علي أنه لم يأمر صراحة بقتل المستشار، وبين عبد الرحمن السندي رئيس التنظيم السري، الذي أصر علي أن المرشد العام أمر فعلاً بالتخلص من المستشار بقوله » لو نخلص منه »، و» لو واحد يخلصنا منه »، وحصل ذلك كله وفي حضور أحمد حسنين ومحمود الصباغ وسيد فايز الذي اغتيل وصُفِّيَ لاحقًا بعد ترأسه للنظام السري، وأحمد زكي، وإبراهيم الطيب ويوسف طلعت اللذين حوكما فيما بعد مع هنداوي دوير وعبد القادر عودة، وحلمي عبد الحميد، وحسني عبد الباقي، والشيخ سيد سابق، وصالح عشماوي، وأحمد حجازي، ومصطفي مشهور (المرشد العام فيما بعد) ومحمود عساف. لم يكن اغتيال الإخوان للمستشار الخازندار محل إنكار منهما، وإنما إلقاء التبعة كلٌّ علي الآخر، وهو اغتيال تلاه فيما يروي الدكتور عبد العزيز كامل اغتيال وتصفية سيد فايز الذي تبوأ فيما بعد قيادة النظام السري، وكيف استبان له أن الوعود التي أطلقها حسن البنا في تلك الليلة كانت وعودًا في الهواء، وأن » آلة القتل » والتهديد لم تقف عند قتل المستشار أحمد بك الخازندار، وإنما تلتها أعوام دموية، حفرت أخاديد، ومزقت أجسادًا علي حد تعبيره، حيث أدت إلي قتل سليم زكي حكمدار القاهرة في 1/12/1948، ثم اغتيال النقراشي باشا رئيس الحكومة في 28/12/1948، ولم تكن هذه هي كل الاغتيالات التي ارتكبوها، فهناك تأكيد بأن العيسوي الذي اغتال الدكتور أحمد ماهر في البهو الفرعوني بالبرلمان، ينتمي أصلاً إلي الإخوان، هذا إلي التفجيرات والقنابل، ومحاولة اغتيال النحاس باشا، ونجاة سليمان جودة رئيس مجلس النواب من محاولة اغتياله بأعجوبة. طقوس البيعة !!! ولم تقف رواية الدكتور عبد العزيز كامل علي ما تقدم، فقد روي طقوس البيعة التي أخذت منه بمراسم ماسونية علي السمع والطاعة والكتمان، وبعد مرور المرشح للعضوية بسلسلة من الاختبارات الطويلة منها إطلاق النار، لابد من اجتيازها لإثبات الصلاحية للأركان الثلاثة للبيعة التي تؤدي بوضع اليد في الظلام في يد آخر لا يفصح عن نفسه، والقسم بوضع اليد علي المصحف والمسدس. نجح الإخوان في التغطية وخداع الناس، بأن الحكومات والأنظمة هي التي تتربص بهم وتلاحقهم، وأنهم أبرياء مما تنسبه الحكومات المتتالية إليهم، وجملوا الصورة بسلسلة مرسومة من الخدمات المختلفة، مما أدخل في روع كثيرين أنهم مظلومون ومجني عليهم ! الخطأ الأكبر للإخوان !! لم يع الإخوان أن توليهم سدة الحكم، إنما كان ثمرة خداعهم الشعب المصري عن حقيقتهم وحقيقة خططهم وتدبيرهم ومآربهم ! لقد حدثتك عن يوم الشعب العظيم في الثلاثين من يونيو 2013،. وهو عظيم بما أنجزه يومها، ثم هو عظيم بما كشفه لاحقًا،. لقد عمي الأخوان في تخبطهم وصدمة زوال الحكم منهم، فناصبوا الشعب نفسه العداء، واستهدفوا تدمير الأخضر واليابس في بر مصر، حتي بلغت القلوب الحناجر، فخرج الشعب ليقول »لا» لحكمهم في يوم الشعب العظيم. درس الأنصار وانقلاب الإخوان !! لم يخرج الأنصار من صفوف المسلمين لأنهم فقدوا الخلافة، وفقدوا الأمل في توليها ! ولكن الإخوان انقلبوا علي المصريين في هجمات طائشة، قد استهدفتهم واستهدفت مصر الوطن، وأكدت للناس ما كان محض ظنون في تصورات البعض. ولكن مآرب الحكم هي التي سيطرت علي رؤيتهم وعلي حركتهم، فكان ما لاقته مصر والمصريون منهم! القتل والاغتيال ! لم يقتصر القتل والاغتيال وحصد الأرواح علي أشخاص بعينهم، كما اغتالوا النائب العام الشهيد المستشار هشام بركات وحاولوا اغتيال وزير الداخلية، واغتيال غيرهما،. لم تقتصر الاغتيالات علي القتل المقصود، وإنما امتدت إلي زرع الموت العشوائي بالقنابل والمتفجرات التي تفجر من علي البعد، واستهدفوا الكنائس والجوامع والمحاكم، والجسور والكباري، والأحياء والمرافق، والطرقات وقضبان القطارات، وشبكات الكهرباء وأبراج وخطوط الضغط العالي، والمصانع والفنادق، والمتاحف والمجامع العلمية، ولم ينج منهم النساء والشيوخ والأطفال، وشاهد العالم عبر شاشات التلفاز إلقاء الأطفال من شاهق من علي أسطح المنازل بسيدي جابر بالإسكندرية، وتمنطق هذا الإرهاب فذبح واحدًا وعشرين مسيحيًّا مصريًّا في ليبيا، وطال الجنود البسطاء في رحلة إيابهم لبلادهم بعد تسريحهم بانتهاء خدمتهم الإلزامية، فذبحوا أكثر من عشرين شهيدًا ذَبْحَ الشاة علي رمال سيناء، واستشهد في » كرم القواديس» بالشيخ زويد ستة وعشرون ضابطًا وجنديًّا غير عشرات المصابين، وحاموا من حول قناة السويس ؛ ومن حول المعابد والآثار، وحاولوا تفجير معبد الكرنك بالأقصر. النسف والتدمير والتخريب ولم يتوقف العنف والثأر الضرير، علي القتل وزرع الموت، وإنما امتد بالإهلاك والنسف والتدمير إلي بنية مصر، وتقويض مرافقها وحضارتها، تتابعت تدميرات محطات وأبراج الشبكة القومية للكهرباء في بر مصر، ونشرت الظلام والإظلام في ربوع البلاد، وأقضت مضاجع المصريين في كل مكان. لم تقتصر الأضرار علي الأضرار المباشرة التي يمكن أن ترصدها الإحصائيات، وإنما كان للتدمير توابع وتداعيات غير مباشرة، نشرت الموت إلي جانب الدمار واقتلاع معالم الحياة. خارج الحصر المنظور، توقف تشغيل المصانع، وأصيب الإنتاج في الصميم، علي أن الأخطر من هذه الأضرار، شفير الموت أو الاختناق الذي هدد العمليات الجراحية الدقيقة وعرضها بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتوقف الأجهزة، وما يصيب الأطفال المبتسرين الموضوعين بالحضانات لإعانتهم علي الحياة إلي أن يستكمل نموهم، فإذا بالحضانات وغرف العناية المركزة تتحول بفعل انقطاع الكهرباء إلي توابيت للموت، أو الإصابة بالاختناق أو بتلفيات بالغة بالمخ والأعصاب! هذه المآسي كشفت علي الواسع كوارث نسف وتدمير وتخريب محطات التوليد وأبراج كهرباء الشبكة القومية، وكشفت التداعيات المريرة التي تنتج عن هذا التخريب، وهي تداعيات لم تقف عند حد، ولا تقع تحت حصر، وتأتي علي الأخضر واليابس في بر مصر، وتهلك الزرع والضرع، وتدمر الاقتصاد، وتقوض الإنتاج، وأحالت حياة الناس إلي جحيم! سعي خائب!!! ولم ينطل إنكار الإخوان، فهم إمّا سكوتٌ لا ينطقون ولا يدينون، وإما مرحبون بالإجرام ترحيبًا جهيرًا لا مواربة فيه، مؤكدين بالسكوت المريب، وبالإعلان الضرير، أنهم طرف مشارك فاعل في هذه الكوارث القومية ! لا أدري ما الذي يقوله لنفسه، هذا الذي يتسلل تحت جنح الليل، أو يتواري في واضحة النهار، ليدس لغمًا أو قنبلة بعيدًا عن العيون، لتنفجر في توقيت عشوائي، أو مرتب من علي البُعد، لتقتل المصريين قتلاً عشوائيًا في جميع الأحوال، بلا حجة، وبلا منطق، وبلا عقل أو ضمير !! لم يكن لهذه التفجيرات الضالة العشوائية، من هدف مجدٍ لزارعيها يعقله العقلاء، فلا بها ينهار الحكم، ولا بها يركبون أو يتوسدون سدة الحكم، وإنما هم يزرعون مع حصدهم الأرواح بذور الكراهية لهم وعناقيد الغضب ضدهم هؤلاء الذين هانت عليهم الأرواح، وهان الوطن، دون أن يدركوا أن هذا الشر مردود عليهم، لاحقٌ بهم! عجبت لأمر الإخوان الذين لم يدينوا الجرم الشنيع الذي ارتكبه أمام الدنيا سفاح إلقاء الأطفال والصبية من علي سطوح عقار بالإسكندرية، ونكوصهم عن التعقيب علي دمويته بكلمة، إلاَّ أن ينكروا ويصروا علي إنكار أنه منهم! ولكن إذا بهم بعد أن قُضِيَ بإدانته، ونُفِّذَ القصاص العادل فيه، بحكم القضاء والشرع والقانون، تتفجر فيهم ومنهم ينابيع الاشفاق عليه، والانحياز له، فتخرج فتيات منقبات حاملات لأكفان علي نظام التوعد بأخذ الثأر، ويخرج صبية التعليم الذين تركوا دور التعليم إلي البلطجة المرسومة لهم، في مظاهرات ضالة متجاهلة سابقة إنكار انتماء هذا المجرم إليهم، وناسية أن هذا الجرم الشنيع الذي ارتكبه جهارًا نهارًا علي مرأي من الدنيا التي شاهدته عبر شاشات التلفاز، لا يمكن أن يدافع عنه أحد، وناسيةً أنه مع عدم إمكان نفي الجريمة المشهودة للعالم، وعدم إمكان الدفاع عنها أو عن مرتكبها، أن القصاص الذي تنفذ هو ما حكم به القضاء وهو هو حكم الشرع الذي يتمسحون فيه، ويدعون أنهم جنده المجندة لإعماله وتطبيقه!! هل هذا هو الإسلام؟! ما عاد للإخوان أن يتاجروا علي المصريين بأنهم حملة دعوة الإسلام، الإسلام رباط في الله وولاء لله عز وجل، وليس رباط عنق يربطه المرء متي شاء ويفكه حين يشاء، والإسلام ليس انتماء إلي حزب تنضوي تحته اليوم لتخلعه عنك غدًا، أو ناديا تنضم إليه لتتركه إلي غيره، وليس برنامجًا سياسيًا أو اجتماعيًا يلغيه الإنسان أو يرفضه متي أراد بلا معقبات،. فإمكان الإلغاء والرفض والخلع والانسلاخ والانضواء والترك مفروض أو مفترض أو متصور في الانتماء إلي الأحزاب أو الأندية أو البرامج، ولكن الإسلام أخوة في الله أبدية، ونوع وولاء لله، وبيعة له سبحانه وتعالي،. بيعة أبدية في الدنيا والآخرة. الإسلام نوع حياة لها وجهها الفردي والعائلي والجماعي.. الاستمرار فيها عنصر أساسي.. فحرية البقاء في الإسلام أو تركه كأنه فندق أو خان تدخله متي شيء وتخرج منه حينما تشاء لتعود كيف تشاء،. هذه الحرية في الدخول والخروج، والمناورة والمداورة، سخافة لا توجد إلاّ إذا كف المسلم وتوقف عن اتخاذ الإسلام دينًا ملزمًا لأهله، لذلك فإن الارتداد عنه إذا وقع والعياذ بالله ليس ممارسة لحرية، وإنما سقوط وخيانة! كان علي الإخوان، وهم يستهدفون سدة الحكم أن يعوا أن النزعات والمآرب والأغراض والحماقات والأهواء لا تتفق مع العقل والدين! وأنه لا يغني مرتكبها المداورة والخداع، أو ظنه الواهم أنه حر في التزام الدين أو عدم التزامه، واستعمال العقل أو عدم استعماله، وأنه يباح له أن يخلع المبادئ متي شاء، ليعود إليها من بعد أو لا يعود! والناس حين تخلع المبادئ أو ترفع الأغراض وتولي هذا أو ذاك مكانة لا يستحقها، تغير الأسماء المألوفة لهذه النزعات وتضفي عليها أسماء أخري مضللة ! ذات بريق مداراة لسوئها !،. ويساعدهم ذلك الخداع للنفس أو للغير علي الاستمرار في تلك المداورة التي اعتنقوها، وعلي نسيان كيف دخلوها، وربما شعروا بالزهو والذكاء والحيلة لوجودهم فيها،. وربما اجتذب ذلك إليهم غيرهم من الشواذ الذين يسعون أصلاً وراء فرص للتعبير عن آفاتهم وهم آمنون من الخوف والعار! والذين يختارون المآرب والأغراض لا يعلمون إلي أين يؤديان بهم ولا أين يقفان،. فليس للمآرب والأغراض »حساب» يمكن معرفته مقدمًا أو ضبطه، ومتي سيطرا فلن يتخليا عن السيطرة تلقائيا عندما تدعو المصلحة،. ثم إن هؤلاء يعتادون الحمق بالممارسة، ويتعذر عليهم أن يقلعوا عنه رغم فداحة ما يصيبهم من جرائه!! التركة الثقيلة وحقول الألغام ترك حكم الإخوان تركة ثقيلة، فالأزمة الاقتصادية الطاحنة ازدادت سوءًا، وسبل المعيشة ازدادت ضيقًا وضنكًا، وطائر النهضة استبان أنه مهيض، وسبل العيش والسلع شحيحة، والسيارات بالطوابير الطويلة أمام محطات الوقود الذي قدمت فيه حكومة الإخوان احتياجات غزة علي مصر، أما الكهرباء فقد باتت أم المشاكل، تنقطع يوميًّا أكثر من عشرين مرة، وفي مواعيد غير منتظمة وغير معروفة، والضربات الإرهابية تتوالي لتدمير أبراج الكهرباء والضغط العالي، والمصانع والمشروعات متوقفة، والتخوين حَلَّ في ربوع الكنانة محل تقاليدها وقيمها العريقة، ومحاولات هدم القضاء والدستورية العليا وأخونة الصحافة وكثيرٍ من الهيئات والمرافق العامة قد تركت جراحًا وندوبًا تحتاج إلي إسعاف وعلاجات وإلي طرق للاقتراب الرشيد منها، والأمن يعاني من الضربات المتتالية التي نالت منه، والإعلام أضيفت إلي أسقامه عبثيات الأخونة، إلي توظيف رؤوس أموال قادمة عبر الحدود للاستيلاء والسيطرة علي قنواته، وتحويل بوصلته عن دوره الواجب في دعم مصر للخروج من وهدة ما هي فيه، ومعضلات القضايا التي كانت قد تفجرت لمساءلة من ضل من رموز النظام السابق علي يناير 2011، والقضايا المستجدة التي تدفقت من إرهاب الإخوان الذي طرح علي المصريين خيارًا غريبًا : » إما نحكمكم، أو نقتلكم ! »،. ولم يكن ذلك محض تهديد وكفي، وإنما اقترن بإشعال الحرائق وإدارة المذابح والهلاك، فلا يمضي يومٌ إلاَّ ويهلك مدنيون عزل، وضباط وجنود شرطة، أما الجيش فقد أعلنت عليه حربٌ حقيقية في سيناء، وانضم الدواعش ومن جري مجراهم إلي عمليات الإخوان، وإلي الاغتيالات المرتبة والعشوائية، لينضب معين الخير في مصر، ولا تكاد السياحة تشم بعض أنفاسها لتعوض الفاقد في كل المجالات، حتي يعاجلها فرقاء الشر بالضربات التي ما تكاد تنحسر بعض آثارها حتي يلاحقوها بضرباتٍ وتفجيراتٍ أخري، ومع الدور الطيب الذي نهض به الرئيس المؤقت وحفظ به التوازن، إلاَّ أن الظروف لم تكن تتسع لعلاج جذري لتلال هذه المعضلات التي ضربت مصر في كل مجال! من أين جاء الفضل؟! تقول الحكم السيارة قد يأتي الخير من السوء ومن الشر. وقد جاء الفضل، وعلي عكس عشم الإخوان، من الجرائم التي وقعوا فيها كرد فعلٍ ليوم الشعب العظيم في الثلاثين من يونيو 2013،. فقد كشفوا عن وجههم، وكشروا عن أنيابهم، وأعملوا في المصريين قتلاً واغتيالاً، مقصودًا وعشوائيًّا، وأعملوا في مصر نسفًا وتدميرًا وتخريبًا. ما عجز الإخوان عن إدراكه، أنهم بما فعلوه ويفعلونه، قد أغلقوا بالضبة والمفتاح أي فرصة لهم في تكرار خداع المصريين، أو الوصول إلي سدة الحكم الذي عبثوا به وبمقدرات مصر والمصريين يوم وصلوا إليه ! وكان ما أراده المصريون،. إن الشعوب أبدًا لا تُغْلب! فرض الشعب المصري إرادته، وعادت إليه حقوقه منذ ذلك اليوم التاريخي العظيم! أما ما أنجزناه من بعد، فلذلك حديث آخر.