لم يأت هذا الاحتشاد من أهل الفن ليلة تكريم الفنان القدير عزت العلايلي بالمسرح القومي من فراغ، بل من تاريخ مشرف أضاءه بأعماله الفنية المزدهرة والحاضرة في وجداننا جميعاً، سواء في السينما أوالتليفزيون أوعلي خشبة المسرح التي طالما شهدت علي موهبته ونجاحه وصدق عطائه. وخلال حفل تكريمه تباري الفنانون في الحديث عنه وعن إخلاصه لفنه، وكشفت المخرجة الكبيرة أنعام محمد علي، أنه أخفي عنهم متاعب الكلي وتحمل أن يعوم لبضع ساعات ليلاً في فيلم »الطريق إلي إيلات» حتي يؤدي دوره علي أكمل وجه، وتوالت شهادات سميحة أيوب وسمير صبري وإلهام شاهين ونبيل الحلفاوي ومحمود الجندي وعصام السيد، يشيدون بموهبته وأخلاقه التي ظلت حاضرة سواء في اختياراته الفنية (من الصعب أن تجد بين أعماله ما يمكن أن يتبرأ منه)، أوفي علاقاته بزملائه، وظلت موهبته وأصالته ووطنيته وانتماؤه الكبير سمات شخصية ساهمت في تأكيد حضوره كفنان. وقد وصفته وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم بالفنان المخلص الأصيل، مؤكدة أنه سيظل تاجاً فوق رأسها ذلك المشهد الذي وقف يهتف فيه مع جموع الفنانين ضد قرار الإخوان عزل الوزيرة من رئاسة الأوبرا خلال فترة حكمهم الظالمة. وقررت الوزيرة باقتراح من الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز تكريم المسرحيين الذين رحلوا عن عالمنا جنباً إلي جنب مع الفنانين الكبار. وسط ذلك كله بدا العلايلي ممتناً بشكل كبير وهو يستعيد أيامه الجميلة علي خشبة المسرح القومي، التي تزامل فيها مع فنانين عظام متذكراً أصواتهم التي ترن في أذنه حتي الآن، وضحكاتهم التي تجلجل في جنبات المسرح والتي جعلته يردد »يارحلة العمر الجميل كم أنت قصيرة، لكن معانيكي كبيرة». لاشك أنها لفتة طيبة التي تتعاون فيها قطاعات وزارة الثقافة ممثلة في المسرح القومي، والمركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية، وقطاع الإنتاج الثقافي برئاسة المخرج خالد جلال، لتكريم رموز الحركة المسرحية الذين أثروا حياتنا بأعمالهم، في ظل حالة الغياب التي يشهدها المسرح المصري وتثير الدهشة والعجب، ولعل إصرار وزيرة الثقافة علي إضاءة المسرح القومي وبقية مسارح الدولة تنتقل عدواها إلي المسرح الخاص ليعود للحركة المسرحية في مصر ازدهارها الذي فقدته منذ سنوات.