في عام 1967 اتخذت المخابرات المركزية الامريكية قرارها بضرورة اغتيال المناضل أرنستو شي جيفارا الذي رفض منصب الوزير في كوبا ونذر حياته للكفاح ضد الظلم الامريكي الاستعماري في كل مكان. وكما هي العادة، كانت الخيانة هي الوسيلة المثالية للايقاع بجيفارا حيث باعه احد رجاله ويدعي رودريجز وعرض علي حكومة بوليفيا العسكرية رأس الزعيم مقابل سلامته الشخصية . وفي يوم 19 اكتوبر 1967 كان جيفارا يقود 17 من رجاله في عملية عسكرية في احراش بوليفيا وحاصره حوالي 200 جندي بوليفي مع عناصر من المخابرات الامريكية ودارت معركة شرسة بين الجانبين استمرت 6 ساعات واصيب جيفارا ونزف كثيراً من الدماء وكسرت بندقيته وسقط في الاسر كالاسد الجريح .. وبعث الجنود لقادتهم برسالة بالشفرة تقول »بابا سقط وهو متعب« اي تم اسر جيفارا وهو جريح. نقل جيفارا الي زنزانة قذرة .. ودون اي محاكمة تقرر اعدامه.. وفي الساعة العاشرة مساء دخل جندي الي الزنزانة ومعه امر بقتل الزعيم الثائر . واطلق الجندي الرصاصة الاولي علي جيفارا دون ان يجرؤ علي النظر اليه ثم تبعه بقية الجنود الذين مزقوا برصاصاتهم جسد الثائر النبيل الذي ارتسمت علي وجهه ابتسامة ساخرة وتحول الي رمز لا يموت للكفاح ضد الظلم في كل زمان ومكان . وحرصت المخابرات الامريكية علي عدم تسليم جثمان جيفارا لذويه ودفنته في قبر مجهول ورغم ذلك ظل مصدر إلهام لكل الثوار في العالم . جريمة أخري ارتكبها الامريكيون قبل ايام عندما اغتالوا اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة رميا بالرصاص في 2 مايو 2011 بمدينة ابوت اباد الباكستانية. الفارق بين الجريمتين 44 عاما واختلاف الظروف التي احاطت بكل منهما، فالاولي ارتكبت في عهد الحرب الباردة بكل ما عرف عنه من صراع بين الشرق والغرب ، والثانية تمت في عهد رئيس ديموقراطي هو باراكأوباما يزعم رفضه لتسوية الخلافات بالقوة المسلحة ولديه تحفظات علي الحرب ضد الارهاب واستهل فترة رئاسته الاولي بزيارة القاهرة وجامعتها العريقة حيث ألقي خطاباً دعا فيه الي فتح صفحة جديدة بين الاسلام والغرب . هذه الجريمة وهي اغتيال اسامة بن لادن بتهمة قيادة الارهاب في العالم ، اعتبرتها امريكا مثل جريمتها الاولي، انتصاراً كبيراً لسياساتها واستراتيجيتها الكونية كما زعمت عندما وصفت جيفارا بانه زعيم المخربين. وجاء الديموقراطي باراكأوباما لكي يؤكد للعالم انه واليمين العنصري الامريكي وجهان لعملة واحدة رغم اتهامأوباما بأنه نصف مسلم خطأ. الفارق بين الجريمتين ربما كان هو حرصأوباما علي تكفين بن لادن والصلاة علي جثته وفقاً للشريعة الاسلامية قبل إلقاء الجثمان في عرض البحر كما يقول الامريكيون. ما تؤكده جريمةأوباما ان سياسة الهيمنة الامريكية واحدة لا فرق بين رئيس ابيض ورئيس اسود او بين جمهوري وديموقراطي او بين الحرب الباردة والنظام العالمي الجديد والانحياز لإسرائيل والعداء للعرب والسعي للهيمنة وفرض النفوذ علي العالم . لقد شعر غالبية العرب والمسلمين بالالم لحظة اغتيال بن لادن بما في ذلك من يرفضون سياساته. والسبب في ذلك ان لحظه موت بن لادن رغم ارهابه كانت نموذجاً للقهر والاذلال العربي ورغم كل التحفظات علي بن لادن الا انه كان رمزاً للغضب العربي والاسلامي تجاه السياسات الامريكية والظالمة بنفس الطريقة التي كان بها المناضل شي جيفارا رمزاً للغضب اليساري ضد الامبريالية الغربيةوالامريكية . باختصار بوش واوباما .. كلاهما سفاح معاد للعرب رغم حرص أوباما علي مراعاة قواعد الذبح الحلال وهو يقتل بن لادن . والفارق الاساسي بين جيفارا وبن لادن ان الاول مات بين جنوده وهو يناضل في الاحراش بينما مات الثاني في فراشه داخل الفيلا التي اختبأ فيها ! كان جيفارا يقود ثورة ضد الظلم الاستعماري الامريكي مازالت تعيش حتي اليوم في كل مكان، بينما كان بن لادن يقود حربا ارهابية ألحقت بالعرب والمسلمين الكثير من الهزائم والنكسات.. ولكن في مواجهة الموت يبقي بن لادن ضحية للظلم مثله في ذلك مثل جيفارا..ولاعزاء للجبارين والطغاة..