لم يكن الاعلان عن بدء تنفيذ مشروع مفاعل الضبعة مجرد اشارة لدخول مصر عصر الطاقة النووية، كان الامر رسالة لأخذ الثأر لعلمائها الذين طالتهم يد الغدر لمنع امتلاك مصر الطاقة النووية بأيدي ابنائها. لقد اخذ الرئيس عبدالفتاح السيسي بثأر عدد من علماء مصريين استهدفتهم المخابرات المعادية لمنع مصر من تحقيق حلمها النووي الذي بدأ في الستينيات وانتظر سنوات طويلة لعدم وجود ارادة سياسية حقيقية لتطبيقه خشية الضغوط الخارجية الي ان قرر الرئيس السيسي تحدي كل تلك الضغوط والبدء في تنفيذ المشروع بتوقيع اتفاقية مع روسيا لإنشاء اول محطة نووية بالضبعة كأولي الخطوات لتنفيذ حلم ال60 عامًا. سلسلة من الاغتيالات لعدد من العلماء المصريين لم يكن لديهم حلم آخر سوي وضع مصر علي قائمة الدول المتقدمة في مجال الطاقة النووية، لكن لم يمهلهم القدر لتحقيقه بعد أن اغتالتهم أيدي المخابرات المعادية ورغم مرور عشرات السنوات علي اغتيالهم.. إلا إن إرادة القيادة السياسية الحالية أبت إلا أن تأخذ بثأرهم وتحويل الحلم إلي واقع ملموس. مقتل »ميس كوري الشرق» »ينتظرني وطن غالٍ يسمي مصر» كانت إجابة العالمة المصرية سميرة موسي أو »ميس كوري الشرق» عندما تلقت الكثير من العروض للبقاء في أمريكا حتي يستفيدوا من علمها في مجال الطاقة النووية، حيث كان لها باع طويل في أبحاث وتجارب الإشعاع النووي، كانت تأمل أن يكون لمصر مكان وسط التقدم العلمي الكبير في هذا المجال، فكانت تؤمن بأن امتلاك التكنولوجيا النووية يسهم في تحقيق السلام، وقامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948. ثم سافرت إلي أمريكا عام 1951 بعد ان أتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري.. وقامت بزيارة الكثير من معامل الطاقة الذرية وكانت لديها الرغبة في ان تنقل الخبرات التي أكتسبتها الي مصر كما أكدت في آخر رسالة لها »لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلي مصر سأقدم خدمات جليلة في هذا الميدان، وسأستطيع خدمة قضية السلام». كان رفضها البقاء في أمريكا وإصرارها علي العودة إلي مصر لخدمتها السبب وراء تدبير حادث اغتيالها حيث تلقت قبل عودتها لمصر دعوة لزيارة معامل نووية في كاليفورنيا، وفي طريقها لهناك ظهرت سيارة لتصطدم بسيارتها وتلقي بها في واد عميق، وأوضحت التحريات بعدها ان السائق كان يحمل اسمًا مستعارًا وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها. لم تكن أسباب إغتيال العالم د. مصطفي مشرفة تختلف كثيرًا عن أسباب التخلص من تلميذته سميرة موسي بعد أن وجدوه مقتولًا بالسم في يناير 1950 لتظل ملابسات وفاته غامضة حتي الآن ولكن كل أصابع الإتهامات تشير إلي اجهزة مخابرت معادية خاصة وانه كان أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب.. وهو مادفع البعض لإطلاق لقب »أينشتاين العرب» عليه بسبب الأبحاث التي أعدها في هذا المجال والتي كانت أهم الأسباب استهداف الدول الكبري له واغتياله بعد ذلك خوفًا مما تحصل عليه من علم فعندما عُرض عليه الاشتراك في إلقاء أبحاث تتعلق بالذرة في ألمانيا كأستاذ زائر لمدة عام اعتذر وقال »في بلدي جيل يحتاج إليّ». فيما قال عنه العالم الألماني ألبرت اينشتاين بعد وفاته » اليوم مات نصف العلم». التخلص من »المشد» أما يحيي المشد فكان أحد أهم عشرة علماء علي مستوي العالم في مجال التصميم والتحكم في المفاعلات النووية ، حيث كان أحد العلماء المصريين البارزين في مجال الطاقة النووية، فبعد أن حصل علي الدكتوراه في مجال هندسة المفاعلات النووية التحق بهيئة الطاقة الذرية التي أنشأها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبعد سنوات قليلة سافر إلي بغداد بعد توقيع صدام حسين إتفاقية التعاون النووي مع فرنسا ليلتحق بالعمل في هيئة الطاقة الذرية العراقية، واستطاع القيام بمهمة إصلاح فرن المفاعل النووي العراقي »أوزوريس» بعد أن قام الموساد الإسرائيلي بتدميره وأشرف علي نقله من باريس إلي بغداد ليصبح بعد ذلك المتحدث الرسمي باسم البرنامج النووي العراقي ثم ترأس البرنامج النووي العراقي الفرنسي المشترك، وكانت أهم إنجازاته تسهيل مهمة العراق في الحصول علي اليورانيوم المخصب من فرنسا، وهو ماجعلت الأضواء تسلط عليه حيث أقسمت إسرائيل علي أن تضع حدا للبرنامج النووي العراقي والنيل من الأشخاص المشاركين فيه.. وبعدها وجدوه جثة هامدة عام 1980 بأحد الفنادق بباريس وذلك بتهشيم رأسه، وقيدت السلطات الفرنسية القضية وقتها ضد مجهول. اما طريقة التخلص من د.نبيل قليني »عبقري» أبحاث الذرة فتختلف إلي حد ما عن طرق التخلص من باقي العلماء.. فبعد الإنتهاء من دراسته الجامعية اوفدته جامعة القاهرة إلي تشيكوسلوفاكيا للقيام بعمل المزيد من الأبحاث والدراسات في الذرة.. وإستطاع خلال فترة قليلة أن يصبح حديث الصحافة والأوساط العلمية العالمية.. إلا إنه في عام 1975 دق جرس هاتفه وبعد المكالمة خرج ولم يعد! وذكرت السلطات التشيكية وقتها أن د. القليني خرج من بيته بعد مكالمة هاتفية ولم يعد إلي بيته. وطنه أولاً ويعتبر د. سمير نجيب عالم الذرة المصري من طليعة الجيل الشاب من علماء الذرة العرب فقد تم ترشيحه بعد تخرجه للسفر في بعثة إلي امريكا واستطاع خلال هذه الفترة القيام بالكثير من الأبحاث في مجال الذرة وبدأت تنهال عليه العروض المادية لتطوير أبحاثه، ولكن بعد حرب يونيو 1967 وتوقف المشروع النووي المصري استشعر أن مصر في حاج إليه وأصر علي العودة، وما أن أعلن عن سفره حتي تقدمت إليه جهات أمريكية كثيرة تطلب منه عدم السفر، وعرضت عليه الإغراءات العلمية والمادية ليبقي في امريكا، ولكنه رفض وفي الليلة المحددة لعودته إلي مصر، عندما كان يقود سيارته فوجئ بسيارة نقل تتعقبه، واصطدمت بسيارته ولقي مصرعه في الحال، وقيد الحادث وقتها ضد مجهول. أما د. إسماعيل أدهم الذي إعتبره البعض اول عالم ذرة مصري يتم إغتياله فقد إتبعت معه أجهزة المخابرات أقدم وأشهر وسائل الاغتيال المخابراتي وهي دعوي الانتحار بعد أن وجدوا جثته غارقة بالاسكندرية وهو لم يبلغ 29 عاما. »حكاية» الحلم النووي وبالنسبة لبداية »حلم» مشروع اقامة المحطة النووية كما يروي د. علي عبد النبي نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق فبدأ منذ عهد الملكية في مصر، ولكن لم يتم اتخاذ خطوات فعلية علي أرض الواقع إلا في عام 1963 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما تم التفكير في إنشاء أول مفاعل نووي بقوة 150 ميجا وات ومعه محطة تحليه مياه ومصنع وقود نووي بتكلفة حوالي 30 مليون جنيه ولكن الضغوط من اللوبي الصهيوني علي أمريكا التي كان من المفترض قيامها بتوريد المفاعل لمصر أدت لتعطيل المشروع بعد حرب 1967، ليتم التفكير في إعادة المشروع النووي مرة أخري في عام 1974 عندما فكر الرئيس السادات في إقامة المفاعل النووي بسيدي كرير بالتعاون مع أمريكا، إلا إن المشروع عاد ليتوقف مرة أخري بعدما طلبت الرئاسة الامريكية التفتيش علي المنشآت النووية وهو مارفضه السادات. موضحا أنه في عام 1979 اتفق السادات مع فرنسا علي مفاعلين نوويين بالامر المباشر بقوة 1800 ميجا وات الا ان وفاة السادات حالت دون إستكمال الاتفاق، بعدها قرر الرئيس الاسبق حسني مبارك بعد إجتماع مع المجلس الاعلي للطاقة والتأكيد علي إن تحويل هذا الاتفاق من الأمر المباشر لمناقصة عالمية سيوفر الكثير من النفقات للجانب المصري بنسبة 10% كما إنها ستتيح منافسة بين أكثر من إختيار لتقليل التكلفة وبالفعل تم تحويلها إلي مناقصة عالمية في عام 1983 وتقدمت كل من أمريكاوألمانياوفرنسا ومجموعة من الشركات الأوروبية الأخري، ولكن عندما شعرت أمريكا إن المناقصة ستكون في صالح الجانب الألماني أرسلوا خطابًا لاوروبا الغربية يفيد بأن الاقتصاد المصري لايتحمل تكلفة إنشاء محطة نووية وبالفعل يتم وقف المناقصة، بعدها أرسل مبارك خطابًا إلي الرئيس الامريكي في ذلك الوقت للتراجع عن هذا الخطاب ووعده الرئيس الامريكي بالحل بعد توليه فترة رئاسية ثانية بالفعل أرسلت أمريكا خطابًا آخر بتعافي الاقتصاد المصري، ثم انسحبت فرنسا من المناقصة وفازت بها ألمانيا وتم الاتفاق علي الانتظار لفترة زمنية حتي تهدأ الأوضاع، ولكن دائما تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن لتحدث كارثة مفاعل تشرنوبيل في عام 1986 ليتم اغلاق الملف.