كل عام ومصرنا العزيزة بألف خير.. اليوم ذكري واحد من أعظم أيام الوطنية المصرية في 23 ديسمبر قبل 61 عاما خرج آخر جندي من قوات العدوان الثلاثي من »بورسعيد» التي كتبت أعظم صفحات البطولة، وصمدت في وجه العدوان - وبدماء الشهداء من أبنائها البواسل فتحت أمام شعوبنا العربية وشعوب العالم الثالث كله أبواب الحرية والاستقلال. في الصباح الباكر صحونا علي الخبر العظيم خرج الجميع الي الشوارع احتشدنا أمام الميناء الذي كان حتي الامس تحت سيطرة جنود الاحتلال.. خرجت القوارب الي عرض قناة السويس تحتفل.. إنها القناة التي حفرتها سواعد المصريين وراح - من اجل انجازها- عشرات الألوف من الضحايا ليتم نهبها بعد ذلك في أشهر سرقة عرفها التاريخ، ولتتحول الي دولة داخل الدولة، حتي استعادتها مصر بقرار التأميم الذي أعلنه عبدالناصر، ليكون الرد عليه هو العدوان الذي تشاركت فيه حكومات بريطانيا وفرنسا مع اسرائيل، ولتكون المقاومة الباسلة لمدينة بورسعيد هي مفتاح النصر العظيم، توحدت قوي الشعب والجيش لتكتب ملحمة خالدة.. بالبنادق الصغيرة والسلاح الابيض وقفت المدينة تقاتل الجيوش الغازية من البحر والجو ، وتمنع تقدمها لاحتلال مدن القناة كما كان مخططا سقط آلاف الضحايا لكن العالم استيتقظ علي هول الجريمة التي ترتكب وعلي بسالة مدينة تفتدي الوطن وتقاتل من أجل الحرية.. توقف العدوان وبقيت مدينتي »بورسعيد» تحت الاحتلال عشنا في أصعب الظروف لكن المقاومة لم تتوقف حتي جاء اليوم العظيم ورحل آخر جندي من جنود الاحتلال وارتفعت أعلام النصر في بورسعيد ومعها سقطت كل اوهام العدوان.. كانوا يستهدفون استعادة القناة فتأكدت سيطرة مصر علي قناتها.. وكانوا يريدون الاطاحة بالحكم الذي رفض التبعية وحقق الاستقلال.. فكانت صيحة عبدالناصر من علي منبر الازهر سنقاتل ولن نسلم هي التعبير عن إرادة شعب لم يطلب الا الحرية والتنمية والتقدم ليعوض سنوات طويلة قضاها تحت سطوة التخلف وحكم الاحتلال مع الفساد. لسنوات طويلة كان 23 ديسمبر عيدا قوميا لا تحتفل به مصر وحدها.. بل كانت تحتفل معها كل الشعوب العربية التي فتح لها الانتصار في حرب السويس أبواب الحرية وطريق استعادة ثرواتها المنهوبة، وكانت تحتفل معها كل شعوب العالم الثالث التي أدركت من تجربة مصر انها قادرة علي تحقيق حريتها واستقلالها وان عصرا جديدا يطل علي العالم عنوانه التحرر الوطني، وان تاريخا جديدا يكتب للعالم بإرادة الشعوب وحقها في الاستقلال والتقدم. ثم جاءت سنوات التراجع.. ومعها بدأت معركة مازالت تدور رحاهامن أجل ضرب »ذاكرة الوطن» لم نعد نحتفل بأعيادنا الوطنية،تركزت الحملة علينا لتحاول زرع فكرة أننا لا نعرف كيف ننتصر!! بدأ البعض يحول أعظم إنجازاتنا الي اخفاقات، وقاحة الحملة لم تترك شيئا في تاريخ انتصاراتنا الاهاجمته.. حرب 56 اصبحت عندهم هزيمة! وحرب الاستنزاف خطأ فادح. وأكتوبر العظيم نفسه حولوه الي موضع تساؤل!! أو إلي يوم عابر في التاريخ.. بينما أصبح مكتوبا علي ابنائنا أن يعيشوا »ملطمة» دائمة اسمها الخامس من يونيو.. وكأنها لم تكن هزيمة لم تكسرنا بل دفعتنا للصمود، ولبناء جيشنا العظيم القادر علي الثأر والانتصار في السادس من أكتوبر!! الآن.. ونحن في قلب حرب ضروس ضد ارهاب منحط، يلقي كل أنواع الدعم المادي والمعنوي من قوي الشر التي لا تريد خيرا لهذا الوطن.. فإن حاجتنا شديدة لأن نستعيد لذاكرة الوطن كل أيام الانتصار، وأن نضع أمام أجيالنا الجديدة صفحات العزة الوطنية التي كتبتها دماء الشهداء وتضحيات الملايين من أبناء شعبناوجنود جيشنا لكي تحمي هذا الوطن.. والآن.. ونحن نواجه ضغوط قوي كبري ومؤامرات قوي اقليمية لكي نتخلي عن قرارنا المستقل، وعن دورنا المحوري في المنطقة، وان نقبل الوصاية عن قرارنا المستقل وعن دورنا المحوري في المنطقة ، وان نقبل الوصايه علي قرارنا كما قبلها آخرون.. فإن علينا - ونحن نحتفي بذكري انتصارنا التاريخي علي عدوان 1956 ان ندرك ان ذاكرة الوطن مازالت حية، وانها تؤكد ان تضحيات اجيالنا السابقة لم تذهب هباء، بل اعطت مصر اليقين بأن استقلال القرار الوطني لا يمكن ان يكون محل مساومة. وان ارض مصر لا تقبل العدوان. وأن شعب مصر يعرف جيدا كيف يوحد صفوفه مع جيشه الوطني في وجه أي خطر وفي رد أي اعتداء. ثم يبقي من دروس النصر في عيد النصر- ان يفهم »الآخرون» أن غطرسة القوة لا تهزم إرادة الشعوب وأن من رفضوا مساعدتنا علي بناء السد العالي خسروا معركتهم .. وان من حاولوا استخدام المساعدات لاملاء سياساتهم علينا قد دفعوا ثمن سياساتهم الحمقاء غاليا! وأن من تآمروا مع اسرائيل في عدوان 56 لحقهم العار، وأن نفس العار سيلحق بكل من يسير في نفس الطريق.. فهل يفهم هؤلاء الاخرون الذين يهددون القدس لاسرائيل، ويهددون العالم بقطع المساعدات التي هي اصلا جزء مما يتم نهبه من الشعوب المقهورة.. هل يفهم هؤلاء »الآخرون» ان الطريق أمامهم مسدود، وان ما يمارسونه من »غطرسة» هو دليل ضعف، وان القوة خارج الشرعية والقانون تتحول الي »بلطجة» وان صوت الشعوب وهي تناضل من أجل الحرية والعدل سيظل هو الاقوي، وأن ما يفعلونه يؤكد لنا من جديد أننا كنا علي حق حين انتصرنا لقرارنا المستقل، واستعدنا القناة وبنينا السد العالي بأموالنا وجهد أبنائنا.. وأننا كنا علي حق حين تصدينا للعدوان علي بورسعيد في 1956 وكتبنا ملحمة خالدة في تاريخ مصر والعالم.. وأننا علي حق حين نقف الآن صفا واحدا. نقاتل ضد الإرهاب ونرفض كل مخططات العدوان علي ارضنا وكل مساس باستقلالنا.. وأننا علي حق حين نرفض الضغوط وندين الابتزاز الذي لا يتورع عن استخدام كل سلاح لكي يغتصب القدس دون ان يقرأ تاريخ من تصوروا ان غطرسة القوة يمكن ان تقهر إرادة الشعوب. لو قرأوا درس »بورسعيد 56 لأدركوا أنهم يسيرون الي مستنقع بلا قاع!!.