اليوم نحتفل بواحد من أعز أعيادنا الوطنية، غفر الله لمن جعلوا من 23 ديسمبر طوال سنوات عديدة مجرد عيد لمدينة بورسعيد، وهو -في حقيقته- عيد لمصر وللشعوب العربية، ولشعوب العالم الثالث التي ما كان لها أن تعانق الحرية وتتخلص من الاستعمار لولا انتصار مصر العظيم في مثل هذا اليوم قبل ستين عاما. نحتفل اليوم بالعيد الستين لانتصارنا، ونحن نمر بظروف وتحديات تستلزم منا أن نستعيد التجربة، وأن نمتلك ارادة الانتصار، وأن ندرك الدرس الأعظم مما مقتضاه قبل ستين عاما في هذه الحرب التي غيرت وجه التاريخ. وهو إننا حين تتحد صفوفنا وتتوحد إرادتنا نستطيع أن نحقق المعجزات. لم نكن الأقوي حين رفضنا شروط الاذعان، وقررنا استرداد إرادتنا الحرة، واستعادة قناة السويس المغتصبة من عشرات السنين والتي كانت الشركة المالكة لها تمثل دولة داخل الدولة، وتستولي علي ايرادات القناة، ولا تترك لمصر إلا أقل القليل!!.. ولم نكن الأقوي ولكننا كنا الأكثر ايمانا بواجبنا والأشد تمسكا باستعادة حقوقنا، وهكذا غيرنا التاريخ حين أعلن عبدالناصر تأميم شركة قناة السويس وحين خرج شعب مصر كله يؤيد القرار وهو يعرف أن قوي الاستعمار والاستغلال لن تقبل الهزيمة بسهولة. ولم نكن الأقوي حين جاء الرد بالعدوان الثلاثي الذي شاركت فيه بريطانيا وفرنسا مع إسرائيل، لكننا كنا نؤمن اننا أصحاب حق، وأن الشعوب العربية وشعوب العالم ستقف معنا، وأن الله عز وجل سيبارك خطواتنا، وأن شعبنا العظيم سيضرب المثل في الدفاع عن وطنه، وهو ما حدث عندما وقفت بورسعيد لتقهر العدوان، وحين كتبت مصر »شعبا وجيشا» بدماء شهدائها نهاية إمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس، وأنهت إلي الأبد أي مساس بسيادة مصر، علي القناة، وثأرت لأرواح عشرات الألوف من أبنائها الذين حفروا القناة، فإذا بالخيانة تسلمها للأجانب وتجعل من مصر رهينة لها. اليوم ونحن نحتفل بالعيد الستين لنصرنا التاريخي فإننا نحتفل بقدرة هذا الشعب العظيم علي ان يقهر التحديات، ويكتب أروع صفحات التاريخ في أصعب الظروف، اليوم نتذكر كيف استعدنا القناة، وقهرنا العدوان، وبنينا السد العالي، وقدنا حركة التحرر العربي والافريقي. لم نكن الأقوي.. لكننا كنا علي حق، وكنا صفا واحدا يعرف طريقه ويؤمن بأن الله معه، وأن التاريخ في صفه، وأن شعبنا العربي من المحيط إلي الخليج يتطلع لقيادته، ويدرك ان انتصار مصر هو مفتاح المستقبل للأمة العربية ككل. اليوم.. ووسط التحديات الكبيرة التي نواجهها، تأتي الذكري الستون لانتصارنا في حرب 1956، لتقول إننا نستطيع ان نقهر هذه التحديات، وأن نحقق النصر، وأن نصنع التاريخ. كل عام ومصرنا بخير. تعرف كيف تبني وكيف تحمي ما تبنيه، وتعرف كيف تخرج من الأزمات وهي أقوي، وكيف تعانق الانتصار مهما كانت التحديات.