ما أجمل أن تتعانق أيام النصر في شهر رمضان الكريم لتقول لنا - وللدنيا كلها - اننا قادرون عندما تتوحد الإرادة، ونتسلح بالعلم، ونخلص لله والوطن.. أن نحقق المعجزات وأن نصنع التاريخ. بالأمس كنا نحتفل بذكري العاشر من رمضان السادس من أكتوبر العظيم. حين عبرنا الهزيمة، وثأرنا للشهداء، واستعدنا الأرض والكرامة. وخضنا بنجاح أول حرب الكترونية، وأنهينا للأبد اسطورة الجيش الإسرائيلي الذي كان يردد أنه لا يهزم. نحتفل بالنصر العظيم في رمضان وفي أكتوبر، وفي كل أيامنا نعرف قيمة الأرض التي حررناها فلا نترك شبرا منها للأوغاد من الإرهابيين. ونعرف قيمة الوطن الذي يجمعنا في محبته والتضحية من أجله، فهو «ليس حفنة من تراب عفن» كما يردد دجال الإخوان وداعية إرهابها سيد قطب، بل هي مصر التي علمت العالم قيمة الحضارة ومعني الإنسانية. وغدا «18 يونيو» عيد آخر من أعياد الوطنية المصرية. ربما لا تعرف أهميته أجيال عديدة نشأت في ظل حملة مستمرة تستهدف ذاكرة الوطن. غدا يمر ستون عاماً، علي واحد من أعز أعيادنا الوطنية. في مثل هذا اليوم قبل ستين عاما، خرج آخر جندي من جنود الاحتلال البريطاني جثم علي صدر الوطن 74 عاما كاملة، منذ أن هزمت الخيانة والعمالة وجيش الاحتلال ثورة عرابي التي التحم فيها -كالعادة- شعب مصر وجيشها تحت قيادة هذا الثائر العظيم. لكن الحركة الوطنية لم تتوقف، والنضال ضد الاحتلال استمر بلا هوادة من مصطفي كامل ومحمد فريد، إلي ثورة 19 بقيادة الزعيم سعد زغلول، إلي ضغوط أدت لمعاهدة 1936 التي اخرجت جنود الاحتلال من القاهرة ليتركزوا في منطقة قناة السويس إلي الغاء هذه المعاهدة عام 1951 وانطلاق حركة مقاومة شعبية انتهت بمأساة حريق القاهرة. بعد ثورة يوليو بعامين كان الاحتلال البريطاني مرغما علي توقيع اتفاقية الجلاء الذي تم بالفعل في 18 يونيو 1956 حيث خرج آخر جندي من ثمانين ألفا كانوا يقيمون أكبر قاعدة عسكرية للاحتلال في المنطقة. وتبقي نقطتان في هذا الصدد: بعد أسابيع من خروج الاحتلال، كان عبدالناصر يصدر قرار تأميم قناة السويس. وبعدها كانت مصر تتصدي للعدوان الثلاثي. وما كان ذلك يحدث لو أن 80 ألف جندي مازالوا جاثمين علي صدر مصر كما كان الأمر قبل يوم 18 يونيو 1956. في 23 ديسمبر القادم نحتفل -وتحتفل معنا كل شعوب العالم المؤمنة بالحرية - بعيد انتصارنا علي العدوان الثلاثي. بقيت شهور علي هذا التاريخ فهل نحتفل - كما ينبغي- بمرور ستين عاما علي انتصارنا الذي غير وجه العالم وكتب للشعوب الحرة تاريخا جديدا؟!