غداً.. تحل ذكري واحد من أعظم أيام مصر في تاريخها الحديث مع 23 ديسمبر كان النصر الكبير في حرب 1956 التي غيرت وجه التاريخ، وقضت علي آخر امبراطوريات الاستعمار القديم، وأكدت حق مصر في استعادة قناة السويس. في مثل هذا اليوم كانت الشعوب العربية وشعوب العالم الحر كله تحتفل معنا بالنصر العزيز الذي فتح أبواب الحرية أمام شعوب العالم الثالث كله، ورفع رايات الاستقلال علي كل الدول العربية التي كان معظمها -حتي ذلك الوقت- تحت حكم الاستعمار. في مثل اليوم كانت مدينة بورسعيد محط أنظار العالم كله حيث كان عبدالناصر يصحب الزعماء العرب والأجانب إلي المدينة الباسلة التي تحولت إلي رمز للصمود والمقاومة، والتي قدمت آلاف الشهداء من أبنائها لكي تصد العدوان وتمنع قوات الاستعمار من استعادة قناة السويس التي كان عبدالناصر قد أصدر قرار تأميمها قبل شهور. وكانت أجساد الشهداء هي السد الذي منع المؤامرة من الاكتمال، والذي أجبر جيوش العدوان علي التراجع، والذي حفظ لمصر استقلالها وقناتها. وجعل من بورسعيد مصدر إلهام لكل أحرار العالم الطامحين للحرية والاستقلال والكرامة. اليوم.. تأتي الذكري وقد تغيرت الأحوال في إطار الحرب ضد ذاكرة الوطن لم يعد 23 ديسمبر عيد انتصار المصريين للحرية ولا اليوم الذي وضعوا فيه كلمة النهاية للاستعمار القديم، لترتفع رايات الحرية والاستقلال علي العالم العربي وافريقيا والعالم الثالث. تحول اليوم العظيم إلي مجرد يوم قومي لمدينة بورسعيد "تحتفل" فيه المدينة الباسلة بالكساد العظيم الذي تعيشه، وتواصل انتظار الحلول الجذرية لمشاكلها.. كما تفعل منذ سنوات دون نتيجة!! ولا أريد هنا ان أعيد الحديث عن التجربة المريرة التي مرت بها المدينة والتي حولت مشروع تحويلها إلي مركز للتجارة العالمية ونموذج للمدن الحرة إلي حالة بائسة لمدينة تزدحم بالتجار المفلسين والشباب العاطلين، ولا تزدهر فيها إلا صناعة التهريب التي تدار من خارج المدينة ولصالح أباطرة الفساد والذين مازالوا يسرحون في أنحاء مصر!! لا تتفاخر بورسعيد بأمجادها، وهي التي كانت أول من تمرد علي حكم الإخوان وأعطي البشارة بسقوطهم ولا تتاجر المدينة بمتاعبها وهي التي عانت كما لم تعان مدينة أخري في مصر وهي تخوض الحرب مرة كل عشر سنوات، وتدفع الثمن فداء لمصر وإنما الأمر موكول لأصحاب القرار في وقت تحتاج فيه مصر -أكثر من أي وقت مضي- ان تحتفل بمدينة الشهداء، وأن تعيد الكرامة لتاريخ تعمدوا -في عهود سابقة- اهانته. وان تبعث رسالة للجميع بان مصر لن تنسي تضحيات أبنائها وأن تجعل من بورسعيد مرة أخري.. الرمز لنضال مجيد، والعنوان لمستقبل أفضل مع مشروع تنمية منطقة قناة السويس. والمطلوب الآن -مع إعادة الاحتفال الوطني بعيد 23 ديسمبر الذي ننتظر قرارا بشأنه -ان تعود الحياة لبورسعيد بإجراءات اقتصادية سريعة. ثم ان يتم الربط الكامل بين المدينة ومشروع شرق القناة لتكون بورسعيد هي عنوانه وهي مركز انطلاقه. وأظن ان ابنة المدينة مستشار الأمن القومي الدكتورة فايزة أبوالنجا لديها كل التفاصيل. وان الرئيس السيسي لن يتأخر في تعويض مدينة لم تتأخر يوما عن تقديم الشهداء وصناعة التاريخ.