الحياة ملهاة لمن يفكر ومأساة لمن يشعر، ويبدو أنني ابتليت بالاثنين معا، فهل لسفينة مشاعري شاطيء ترسو عليه؟ أم أن امواج الحياة المتلاطمة سوف تعصف بها.. وإليك قصتي.. أنا سيدة أبلغ من العمر 53 عاما علي قدر كبير من الجمال والخلق بشهادة الجميع، متزوجة ولدي طفلان، قصتي يا سيدتي بدأت منذ فترة الخطوبة ولم أتكبد تعبها سوي بعد الزواج. الذنب ليس ذنبي لكن هو ذنب اسرتي التي فرضت علي الزواج التقليدي.. كنت رافضة في بداية الامر لكن مع الاصرار الشديد من جانبهم وجدت نفسي أخضع لاوامرهم وليس لي حل غير ذلك.. تقدم لخطبتي شاب يكبرني باعوام قليلة، طيب لأبعد الحدود وطلب يدي من أهلي الذين وافقوا دون الرجوع إلي ، وعندما اعترضت علي ذلك وجدت معاملة سيئة. حاولت كثيرا لكن دون جدوي، نصحني المقربون ان اعطيه فرصة قائلين لي ان الحب يأتي بعد الزواج، لكنني وجدت قطاره يغادر محطتي دون ان يقف، ولقلة خبرتي في الحياة وافقت علي ذلك. خلال فترة الخطوبة لم اجد اي انجذاب تجاهه، ولم اشعر بطعم الحب ولابتجاوب المشاعر، حاولت بشتي الطرق أن أعيش اجواء الحب لكنني فشلت ، اقترب موعد الزفاف لاجد نفسي غير راغبة في ان اهدم حياتي قبل ان ابنيها، وجدت الكل ضدي ولا احد معي فوافقت لعلي اكون علي خطأ. جاء الزواج لافاجأ بانه هو الاخر لايشعر بشيء تجاهي، حتي الواجبات الزوجية كان يؤديها كأنها اوامر عسكرية، لم اشعر ابدا بالاستمتاع، بل بالألم الشديد، لم يكن قادرا علي منحي ما أريد بل كان يعتبر ان الانجاب هو أهم شيء، لذلك كنت بالنسبة له وعاء لا أكثر ولا أقل. رزقت بطفلين كنتيجة فسيولوجية طبيعية لما يحدث بيننا لا لما خططناه وبنيناه بحب، بعد ذلك فقدت اشياء كثيرة، شعرت بانه مريض ولن يستطيع القيام بواجبه تجاهي، كأنما انتهت مهمته بانجاب الطفلين، نصحته ان يذهب الي طبيب لكن كان يرفض لانه سلبي للغاية. هنا بدأت ابحث في مكان اخر عن الحب الذي افتقدته، وجدت نفسي انجذب تجاه زميل لي في العمل.. كنت اري قربه لي يعوضني الشعور بالحب والمشاعر التي تبلدت لدي، فزوجي لايبالي وافتقد كثيرا من واجباته، وكلما اقتربت منه وجدت كرهي له يزداد، ولم اعد ارغب في اية علاقة بيني وبينه. لا اعرف - سيدتي - اين سترسو سفينتي، وهل ذنبي انني ابحث عن الحب الذي افتقده؟ وهل لاطفالي ان يكونوا ضحايا زواج حكم عليه بالفشل قبل ان يتم؟ لا اعرف ماذا افعل، لعلي اجد بين سطور حلا لمشكلتي. المعذبة ن. س الكاتبة: خطوة رهيبة وخطيرة تلك التي تقدم عليها الكثير من الاسر المصرية عندما تتسرع، وتوافق علي أي شاب يتقدم لاحدي بناتها لمجرد انه العريس المناسب ماديا، ولديه مركز او وظيفة محترمة ثابتة. ويتناسي الاهل ان هناك اشياء اخري لابد ان تكون موجودة حتي يكتمل البناء، ويتحدد القرار النهائي بالارتباط بين شخصين لكل منهما خلفيته الثقافية، وطباعه وتقاليده وعاداته، وهواياته. اذن فالزواج يجب ان يتحدد بعد التأكد من امور كثيرة غير المسائل المادية والعملية المتصلة بتوفير متطلبات الحياة من شقة واثاث، ومستلزمات اقامة بيت. لان البيت ليس جدرانا أصم، وليس مجرد اثاث فاخر او ادوات كهربائية حديثة. البيت روح ودفء وتفاهم والتقاء روحين وفكرين وقلبين وجسدين. البيوت يبنيها الحب والمودة والرحمة، ليس الاثاث الجامد والسجاجيد والنجف والادوات الكهربائية. وهذا المفهوم كان موجودا ايام كانت الناس اكثر انسانية واقل مادية، ولذلك كانت الاسرة المصرية متماسكة، متحابة، كتلة واحدة يصعب اختراقها. لكن عندما دخلت الماديات حياتنا بشراسة التهمت هذا الجزء الانساني الجميل الذي كان يعمر البيوت بالدفء والامان، وحل مكانه الصراع والحدة والبرود العاطفي بين الزوجين والوقاحة في تعامل الابناء مع الاباء والامهات.. فعندما تختفي الانسانية ترحل معها كل المباديء النبيلة والاخلاق.. وهذا ما حدث خلال السنوات العشرين الماضية. ان احتلت المادة مكان العواطف النبيلة والقيم الاصيلة في المجتمع المصري. وهذه هي النتيجة ان يعيش زوجان تحت سقف واحد وان ينجبا طفلين بريئين دون ان يكون لدي ايا منهما ادني شعور بالحب والالتقاء النفسي والانساني مع الطرف الاخر. الذي يمثل شريك العمر والاحلام! انا لن ألومك... رغم ان احترام الحياة الزوجية واجب الا ان المشاعر العفيفة لانستطيع التحكم فيها. الآن انت في مفترق طرق. هل درست مع زميلك الذي تحبينه ابعاد الموقف؟ هل اتفقتما علي الزواج بعد ان تنهي حياتك الحالية بالطلاق! ثم ماذا عن الطفلين الذين لاذنب لهما في كل هذا؟ هل سيبقيان مع والدهما في هذه الحالة ام ستأخذينهما انت ليعيشا معك؟ وهل سيقبل الزوج الجديد ذلك؟ اسئلة كثيرة عليك ان تجيبي عنها بينك وبين نفسك اولا. ثم بينك وبين كل رجل منهما. وبعدها سيكون الامر واضحا امامك بكل ابعاده. وعندها سوف تصلين للقرار الذي تريدينه - فعلا - والذي لا يتسبب في هدم كل الاشياء مرة واحدة. أي سوف تحاولين ان تتم هذه النقلة والتحول الكبير في حياتك بأقل الخسائر! حاولي.. اهدئي.. وفكري بعد ان تأخذي نفسا عميقا.. وحدك.. دون مؤثرات.