من أعجب العلاقات الإنسانية على الإطلاق العلاقة الزوجية. توقفت كثيرًا عند حكمة الخالق العظيم فيها فازداد عجبى!! فكل العلاقات الإنسانية الأخرى تنبع منها وتصب فيها، إذا صلحت صلح سائر جوانب الحياة، وإذا فسدت - لا قدر اللّه - كانت الحياة كئيبة، وإن بدا عكس ذلك. إن السعادة تنبع من بيوتنا وتصب أينما ذهبنا، لا أقول إننا نعيش فى الجنة، ولكن استقرارنا النفسى والعاطفى، هو الذى يجعلنا نحل مشكلاتنا بحنكة، ونتعامل مع أزماتنا بحكمة. فى انتظار رسائلكم... الحب الضائع دكتورة هبة.. سأبدأ مشكلتى بدون أى مقدمات، لأنى فى حاجة إلى رد عاجل عليها أنا فتاة عمرى 29 سنة، من أسرة كبيرة ومحترمة فى محافظتى، منذ أن كنت فى الثانوية العامة وأنا يتقدم لخطبتى كثير من الشباب فى مراكز مرموقة، لأننى ابنة رجل كبير فى منصب قيادى، كما أن مستوانا المادى والاجتماعى راق، كما يصفنى البعض بأننى جميلة ومهذبة ومتدينة ورقيقة وخجولة إلى حد كبير، تربيت فى بيتى على الأخلاق والالتزام، وتعلمت أن سمعة الفتاة أهم شىء يجب أن تحافظ عليه، لم يُقصّر أهلى فى تربيتى تماما، بل على عكس ما نرى فى الأفلام والمشكلات اليومية أن الفتاة التى تولد فى بيت ثرى لأب ذى سلطة تكون مدللة وغير ملتزمة، إلا أننى وبشهادة الجميع غير ذلك.. هذا هو الوجه الذى يرانى الناس عليه. أما الحقيقة فبدأت بعد تخرجى والتحاقى بالعمل فى أحد المستشفيات فى محافظتى، بالتأكيد كنت محل إعجاب كثير من المحيطين، ليس لأنى جميلة أو شىء من هذا القبيل، ولكن لتميزى عن الآخرين من خلال اسم عائلتى والتوصيات الكثيرة التى سبقت ذهابى للعمل، ومظهرى وسيارتى وأخلاقى والتزامى، حتى جذبت انتباه الشباب والرجال فى العمل وأثرت غيرة الزميلات فى نفس الوقت. أما أنا، فى كل هذه الظروف، فكنت ضعيفة جدا بداخلى وفى حاجة لأى رجل يحتوينى، كنت فى حاجة إلى شخص يفهمنى ويفهم احتياجاتى، ما إن وجدت هذا الشخص حتى تعلق قلبى به أشد التعلق، وأكثر ما جذبنى إليه أنه لم يعبر عن إعجابه بى، بل لاحظت أنا نظراته وتصرفاته المرتبكة جدا كلما رآنى، حاول هذا الرجل أن يخفى علىَّ كثيراً من الأمور فى البداية سرعان ما عرفتها، حيث كانت أولى الصدمات أنه متزوج ولديه أولاد، إلا أنه (كالعادة) غير سعيد مع زوجته، لن أطيل عليك سيدتى، فقد ارتبطت بهذا الرجل لمدة ثلاث سنوات، كان بالنسبة لى كل حياتى، كنت أدور فى فلكه، كنت أرى أن هذا الشخص يستحق كل شىء، وبالفعل وقعت فى المحظور وكلى أسف وندم على ذلك، فقد التقيت هذا الرجل فى شقته أكثر من مرة.. ولكنى مازلت عذراء.. وحينما ألححت عليه بطلب الزواج قال لى إن زوجته وأهلها لن يسمحوا بهذا الأمر ولن يتركوه فى حاله.. فطمأنته أن والدى سوف يساعده فى التغلب على هذه الأمور إلا أنه رفض، فثرت ثورة عارمة وأخبرته بأنه خدعنى واستغلنى.. وقلت أشياء مثيرة من الكلام والألفاظ التى حاولت من خلالها التأثير عليه وتذكيره بحبه لى.. إلا أنه أخبرنى بأن العلاقة يجب أن تقف عند هذا الحد.. فساءت حالتى الصحية والنفسية وأصبحت شاحبة وكل من يرانى يظن أننى مريضة، لأننى فقدت الكثير من وزنى ومن جمالى المزعوم.. كنت أظن أن هذه الحالة سوف تشفع لى عنده وسوف يتعطف علىَّ بالموافقة على الزواج. حاولت الاتصال به أكثر من مرة، إلا أننى وجدته يرفض الحديث معى ويجعل زوجته من تحدثنى وتخبرنى بأنه عيب اللى بعمله ده، وأنها ممكن تفضحنى»، لا أخفيك سراً وجدت الدنيا كلها سوداء أمامى، أما حبيبى الشهم النبيل فأصبح يرشحنى للآخرين كى يتقدموا لخطبتى للتخلص منى نهائيا، حتى إنه أخبرنى أنه يفعل ذلك من أجل مصلحتى ولشعوره بالذنب تجاهى!! حتى إنه توسط للبعض لدى أبى كى يوافق على زواجى من أحدهم.. وحينما كنت أرفض عرسانه كان والدى يتعجب، حتى وجدته يوما يصارح والدى بأننى أطارده وأننى معجبة به بينما هو رجل متزوج ومحترم ويحب زوجته وأولاده ومتمسك بهم، فترجى أبى كى يحافظ على كيان هذا البيت من شرور ابنته، التى هى أنا بالطبع.. وطبعا لم يذكر أى شىء يدينه.. فما كان من أبى إلا أن عاقبنى عقاباً شديداً بالضرب والإهانة والتوبيخ والحبس فى الغرفة وسحب منى نقودى وموبايلى ومفتاح سيارتى. مر على هذا الأمر شهران كاملان وأبى وأشقائى يرفضون الحديث معى.. بينما أمى تتحدث معى بقليل الكلام الذى مؤداه أنى «بنت مش متربية وخرّابة بيوت»، بينما أصمت أنا حتى لا يفتضح أمرى لأنه هددنى بالفضيحة إن تكلمت.. أنا أريد أن أنتقم منه ومن زوجته.. فما رأيك يا سيدتى.. وما حل مشكلتى؟ عزيزتى الشابة.. لماذا تصفين قصتك بأنها غير شبيهة بالأفلام!! على العكس تماماً، فهى نسخة مكررة من فيلم نراه يومياً، ولا أعرف كيف نقع فى نفس الأخطاء رغم أننا رأينا غيرنا يرتكبها ويعاقب أشد العقاب عليها، أنت بكل أسف تصفين نفسك بالفتاة المتدينة الملتزمة ولكنك - بنجاح - أوهمت المحيطين بغير حقيقتك، أنا بالفعل حزينة أن تتوافر لفتاة مثلك كل هذه الإمكانات، ومع ذلك ترمى هذه النعم تحت قدميها لتلهث وراء رجل مخادع لا يتصف بصفات الرجولة ولا يحمل منها سوى صفة الذكورة. أخطأت بالطبع، وارتكبت جرماً كبيراً جداً يغضب الله عز وجل غضباً يهتز له عرشه، كيف تصفين نفسك بالمتدينة وأنت تخطين خطواتك نحو شقة هذا الشخص.. أنت شريك أساسى فى هذه الجريمة، صحيح أن والدك عاقبك عقاباً شديداً، لأنك تهددين مصلحة نفسك فى المقام الأول وتضعين سمعتهم وشرفهم فى الأرض.. ألا يستحق ذلك منك وقفة مع نفسك، تراجعين فيها أخطاءك، تطلبين العفو والمغفرة من الله عز وجل.. تصارحين والدتك بأن هذا الرجل هو من يطاردك وليس العكس..ابدئى حياةً جديدةً استغفرى فيها الله تعالى على ما بدر منك.. وحاولى أن تفتحى صفحة جديدة فى حياتك بيضاء طاهرة.. أما هذا الشخص فمهما حاولت الانتقام منه فلن تنتقمى منه انتقام الحكم العدل عز وجل، خاصة أنه يبدو أنه متمرساً فى هذه الأمور.. فاتركيه وانسه تماما.. وسوف تظهر لك الأيام القادمة أن هناك مَنْ يمهل ولا يهمل. زوجى خائن أنا زوجة منذ عشرون عامًا أحسبها من الجنة، أنجبنا فيها ابنتين هما كل حياتنا السابقة، وهما وزوجاهما وحفيدنا الأول هم حياتنا الحالية كلها.. ولذلك فلم أتخيل يومًا أننى سأكون بطلة إحدى قصصك، ولكن قدر الله وما شاء فعل. فقد كنت فى زيارة ابنتى بعد ولادتها منذ أشهر قليلة، وعدت على غير توقع من زوجى، حيث كان من المفترض أن أقضى ليلتى فى بيتهاs، وإذا بى أجد زوجى وحبيبى وصديقى ورفيقى وعشيقى طوال ربع قرن من الزمان، أجده فى أحضان خادمتى الآسيوية فى فراشى.. لا أستطيع وصف حالتى وقتها، بالطبع يمكن تصور ذلك المزيج من الصدمة والدهشة والاستنكار والحزن ومرور شريط الحياة فى أقل من لحظات عبر خاطرى. لن أطيل عليك فقد انتهى الموقف بمجىء بنتىّ.. لا أعرف كيف ولا متى، ولكنى كنت قد فقدت الوعى لفترة لا أعلم ما حدث خلالها، ولكنى أفقت على نواح زوجى ودموعه، التى لا تجف ورجاءاته غير المنقطعة لى بالعفو والغفران، وبوصم نفسه باقذع الأوصاف، وبأنه لم يكن فى وعيه، ولم يكن يدرك ما يفعل و.. و.. و.. سيدتى.. إن الحل السهل، الذى لا يستطيع أن يلومنى عليه أحد هو هدم هذا الكيان الأسرى فورًا، ولكنى لا أستطيع غض بصرى عن تاريخنا سويًا، وعن ذكرياتنا المشتركة، وعن بناتى اللتين أصبحتا زوجتين، وصهرينا اللذين ينظران إلينا بكل إكبار وإجلال، ولكن أعود فأقول إننى لا أنام، ولا أستطيع رفع تلك الصورة القاسية التى رأيت عليها زوجى من مخيلتى، أحس أننى سأجن يا سيدتى.. أرجوك أريحينى وسأرضخ لحكمك أيًا كان. سيدتى العزيزة.. إن ما يحدث لك ببساطة يا سيدتى الكريمة هو اشتباك بين إدراكك وعقلك الواعى، الذى يقدر كل ما قلتيه من تاريخ واعتبارات نفسية واجتماعية وعائلية، وعقلك الباطن الذى يرفض تصديق ما حدث فيدافع عن صدمتك فى زوجك بالغضب الشديد، واستنكار استئناف حياتك معه، حيث إن هذا الحدث كان خارجًا عن توقعاتك أو دعينى احترم فيك حسن الفطنة، الذى تتميزين به عن الكثير من بنات جنسك اللاتى ينفعلن سريعًا ويتخذن قرارات متسرعة لا تمر على عقولهن، أما أنت فلم تغفلى صوت العقل بل وضعتيه فى الكفة المقابلة فى ميزان حكمك، وهذا جيد كخطوة أولى نحو الإصلاح. ألا يشفع لديك تاريخه معك وحبكما وزهرتا عمركما وندمه الشديد وطلبه منك التجاوز عن هذه الزلة، ومذلته بين يديك، ألا يشفع لديك كل ذلك؟ إن ما تقصينه عن تاريخه معك يا سيدتى، إنما يخص الملائكة دون البشر، فلتدعى له تلك المساحة، التى هى نصيبه من الخطأ البشرى، ولا تخسرى تاريخًا من المستحيل تعويضه فى لحظة انفعال.. اصفحى الصفح الجميل أيتها الزوجة الجميلة، ولكن إياك وإياك أن تعودى وتقلبى فى الماضى فى وقت من الأوقات، إياك أن تذكريه بهذه الزلة مهما كانت الظروف، وإلا ستنتهى تضحيتك إلى لا شىء، و«كأنك يا أبوزيد ما غزيت». [email protected] www.hebakotb.net