ابدأ قصتي, والتي تبدو تافهة بقدر كبير وانا اقدر تفاهتها تلك بجانب الف الف مشكلة ترد اليكم لكني وبحق خالقي اعاني بشدة مما اجد. سيدي الكريم انا فتاة في منتصف الثلاثينيات من العمر, واملك ما يؤهلني لان يختارني سيد الرجال كما يقولون من نسب ومال ودين( ولا ازكي نفسي علي الله) ولكنني افتقد الجمال, نعم سيدي انا مليحة الوجه نعم واحمد ربي اذ احسن صورتي, ولكني ابتليت بداء السمنة منذ كنت طفلة صغيرة بدون سبب عضوي واضح الا انه توارث في الاسرة وغالب بناتنا سمينات الا انه علي مستوي البنات انا أسمنهن ولكن هناك من تزوجت واصبحت اسمن مني. اجلس في بيتي التزمه لا لشئ سوي انني تلمست في زماننا هذا أن الرجال حولي نوعان: إما نوع يتمناني زوجة ولكنه يدرك الفارق الاجتماعي الكبير والذي لايعد امامي عائقا اذ انني اقبل بأقل امكانيات في مقابل دين واخلاق من يتقدم لي, وبالطبع يهرب بمجرد دخول المنزل خوفا من الماديات قبل ان نطلعه عليها او نطلب منه شيئا. والنوع الثاني متزوجون, نعم سيدي متزوجون يتمنون لو يعبثون بمشاعر من قاربت الاربعين, ولابد ان تكون ممتلئة وحدة وألما بدعوي( عيشي حياتك بقي الطبيعية) وان رفضت فهي معقدة! هربت من اولئك وهؤلاء ودفنت نفسي في خدمة والدتي ذات الشخصية القوية, والتي تتمني زواجي بشتي الطرق وما ان يتقدم الي احد حتي تقيم الدنيا ولاتقعدها بحثا وتدقيقا حتي يطفش وبعدها تندم. سيدي: سمنتي عائق لاختيار من احبه وارجوه لانني غير لائقة كأنثي امامه, هم لايدركون ان بداخلي انثي تتألم وفتاة مقتولة من الوحدة, امي بها امراض كثيرة وانا تقتلني الوحدة, لاتقل لي ابحثي عما يشغلك فانا علي قدر عال جدا من التعليم ما فوق الجامعي ودورات تدريبية كثيرة واعمل من خلال النت بشكل متقطع بصورة تطوعية ولكني وحيدة! لي اخوة ولكنهم مستقلون احلم بان يكون لي بيت وزوج يحترمني ويحبني لأكن له احسن مما يظن.. يحب عقلي يرتجيني زوجة واما لاطفاله.. تلك مشكلة اخري سيدي ارجو ألا تقول إنني حالة ميؤوس منها لكثرة مشاكلي لكنني اقسم بربي راضية فقط ارتجي الستر. فأنا لدي عيب خلقي يتطلب علاجا كثيرا بعد الزواج, ولابد من أن اتزوج لاعالج واخذت علي عاتقي ان اصارح من يتقدم لي بذلك, ولله الحمد كلما صارحت احدا اما يهرب او يعرض علي ان نكون اصحابا!!! لا أدري ماذا أفعل؟ مللت وانا اقول لا ذنب لي كوني سمينة, والله جاهدت في هذا الموضوع حتي مللت ولاذنب لي كوني صريحة.. ماذا افعل؟ هل استجيب لنداء الذئاب ام اظل اسيرة مبادئي التي اعيش بها عمرا وارعي والدتي حتي اموت كمدا, لا اود ممن يخطبني سوي الصدق وتقوي الله في, لا ارسل اليك ابحث عن عريس.. فقط لابوح بما يؤلمني. اسألكم بالله ان تدعوا لي وتنشروا رسالتي هذه تناشدون بها كل شاب لايملك مقومات الزواج ان وجد من تقبل به, فتشرط عليها ظنا منه انها تتنازل لعيب فيها ولايفهم انها ايسرهن مهرا, وان تخبروني ماذا افعل..؟! لولا ديني لفقدت عقلي ونفسي. حسبنا الله ونعم الوكيل * سيدتي.. لاتوجد في الحياة قصة تافهة وأخري غير ذلك, فالمشكلة متي عظمت داخل الانسان ولم يجد لها حلا مع نفسه أو مع من حوله تصبح أزمة كبيرة تستحق أن نقف أمامها, نتفحصها ونبحث لها عن حل.. فالألم قاس, سواء كان في ضرس أو عظم أو في النفس والقلب, وكل منا يري ألمه كبيرا حتي لو رأي الآخرون غير ذلك. إذن وبدءا نحن معك بكل الاهتمام, لأن قصتك تستحق أن نفكر فيها معا. من أين نبدأ عزيزتي؟.. هل يمكن اختصار أسباب عدم زواجك حتي الآن في بدانتك؟.. لو كان هذا صحيحا فما سبب عدم زواج ملايين البنات ممن هن في سن الزواج الآن, وبينهن النحيفة, القصيرة, الجميلة, الثرية والفقيرة, كل يري فيما هو فيه سببا لعدم زواجه, ولكن الحقيقة أننا نعيش أزمة تأخر سن الزواج لدي الشباب لأسباب اقتصادية واجتماعية وأخلاقية أيضا, قد تكون السمنة أحد الأسباب الظاهرية ولكنها لن تكون السبب الرئيسي إذا كان هناك من يري فيك ما يحب وما يجمع وما يبني بيتا وأسرة, فإذا غاب كل هذا أو بعضه, يمكن للشاب أن يضع شروطه وكأنه يقلب في بضاعة ولايريد أن يشتريها. من حقك مثل أي بنت أن تحلمي بالزواج, مع التسليم بأن الزواج قد لايكون مصدرا حقيقيا للسعادة, بل ربما يكون مصدرا لمزيد من الشقاء, فهو كالقلعة المحاصرة, من بداخلها يريد الخروج منها, ومن بخارجها يتمني الدخول إليها. لاتوجد ياعزيزتي ضمانات للسعادة, وسنظل نسعي في الحياة بحثا عن هذا الوهم, فما إن نمسك بخيط منه, حتي نراه بعد فترة حبلا خانقا نسعي إلي التخلص منه بحثا عن خيط آخر لعلنا نجد فيه ما نطمح إليه, حتي تنتهي الحياة. وإذا سلمنا بأن الزواج رزق من الله. قد يجود به علي البعض ويبتلي به البعض أو يكرمه أو يحرمه منه. فإذا حرمنا إلي أن يشاء الله فهل تنتهي الحياة ونستسلم للوحدة؟ هل خلقنا فقط لهذا الغرض أم أن لوجودنا حكمة وأهمية أخري؟! سيدتي.. لماذا كل خياراتك مرهونة بالزواج. فإذا لم يأت فإما الاستجابة لنداء الذئاب, أو تعيشين أسيرة لمبادئك وكأن المباديء سجن يحاصرك, أو ترعين والدتك حتي تموتي كبدا؟ مع أن سيدنا علي بن أبي طالب بشرنا كل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج فلم كل هذا اليأس؟ ألا ترين لك نورا يشع بهجة وعطاء لمن حولك؟.. هل أنت فقيرة في داخلك, لديك خواء, لاتملكين ما تمنحينه للآخرين؟ وهل يملك فاقد الثقة بنفسه شيئا يمنحه للآخرين؟! تلك هي المشكلة, عليك أولا أن تحبي نفسك وجسدك كما هو, فإذا كان لايعجبك, فعليك باللجوء إلي طبيب متخصص والالتزام ببرنامج غذائي صارم حتي تكوني علي الصورة التي تحبين, فإذا كنت أضعف من ذلك أولا يمكن الاستجابة للعلاج, فليس أمامك إلا قبولك لنفسك كما هي, اكتشفي مواطن جمالك وابرزيها أمام عينيك, فلن يراك الآخرون جميلة إلا إذا رأيت نفسك كذلك.. غذي عقلك ومشاعرك بالجمال والحب وتأملي قول شاعرنا الفرزدق: ولاخير في حسن الجسوم وطولها إذا لم يزن حسن الجسوم عقول لاتضعي كل أحزانك في سلة عقلك, اتركي التفكير في مشكلة الانجاب لوقتها, وجنبي هاجس الزواج, وارسمي صورة لحياتك كما تحبين بوضعك الحالي وتكيفي معه واعتصمي بالله فهو خير عاصم. سيدتي.. لا أريد مناقشة تفكير الشباب وأساليبهم الخاطئة, لأنها ليست تلك هي المشكلة.. فالحل يبدأ من عندك, والسعادة قد تكون في ركن منزو بداخلك وتحتاج إلي يديك لتزيلي الغبار من عليها وتذكري دائما تلك الحكمة: قد يفتقر الجمال إلي الفضيلة, أما الفضيلة فلا تفتقر إلي الجمال أبدا.. وإلي لقاء بإن الله.