تعتبر دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي الي قمة البريكس كأول رئيس عربي تتم دعوته الي هذا التكتل الهام أمرا طبيعيا وليس خارجا عن المألوف.. تأتي الدعوة الطبيعية نتيجة للتحولات الكبري التي تقوم بها مصر ممثلة في قيادتها علي المستويين السياسي والاقتصادي.. تحركت الدولة المصرية منذ 30 يونيو بكامل طاقتها لتستعيد دورها القيادي والمحوري في المنطقة والعالم.. سابقت القيادة السياسيةالزمن ممثلة في الرئيس السيسي لاستعادة هذا الدور واستطاعت في وقت قياسي إعادة التواجد المصري علي جميع الدوائر الإقليمية والدولية ويكفي الحضور المصري الآن في افريقيا.. أعطت الإصلاحات الاقتصادية مؤشرا هاما للعالم بأن مصر قررت النهوض ولن تتراجع عن التقدم.. أظهرت هذه الاصلاحات رغم صعوبتها وجود شعب يعي تماما أهمية ماتقوم به القيادة لأجل مستقبل مزدهر لهذا الوطن وهو مازاد الثقة الدولية في القيادة المصرية.. أعطي الحاضر الذي صنعته التحولات الكبري لمصر فرصتها الطبيعية في الذهاب الي نادي الكبار في البريكس. خبراء صينيون: بكين تقدر الإصلاحات الاقتصادية المصرية يؤكد التاريخ هذا الحاضر فالدول الثلاث الرئيسية داخل تكتل البريكس (الصين - روسيا - الهند) ترتبط مع مصر بعلاقات لها جذور عريقة فهم وقفوا مع مصر في جميع تحدياتها ومصر وقفت معهم أيضا.. عندما يذهب الرئيس السيسي الي مدينة شيامين الصينية لحضور قمة البريكس فهي الدعوة الطبيعية لرجل يقود دولة اختارت بتاريخها وحاضرها المستقبل رغم الصعوبات. يشارك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم في القمة التاسعة لدول »البريكس» التي تقام في مدينة شيامين الصينية، وذلك بعد تقديم الرئيس الصيني شي جين بينغ دعوة له لحضور القمة والتي تتزامن مع زيارة الرئيس للمشاركة في الحوار الاستراتيجي حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية. وبحضور السيسي لقمة البريكس يكون أول رئيس عربي يتم دعوته لهذه القمة الهامة التي تنعقد بشكل دوري بين دول التكتل الخمس (البرازيل-روسيا-الهند-الصين-جنوب افريقيا). ويأتي حضور الرئيس السيسي وسط توقعات كثير من الخبراء بانضمام مصر الي البريكس في المستقبل القريب، وهي الفكرة التي تم طرحها أكثر من مرة منذ نشأة التكتل في 2009، ولكن لم يتم العمل عليها بشكل جيد. ومنذ نشأة البريكس توقع الاقتصادي الامريكي المعروف جيم اونيل كبير اقتصادية بنك »جولد مان ساكس»، انضمام 11 دولة اخري للتكتل منها مصر. واليوم تتجدد تلك التوقعات مع التقارب الصيني المصري، يقول البروفيسور »هو آنجانج» الاستاذ بجامعة تشينخوا إن توسيع حجم تكتل البريكس ليضم المزيد من الاقتصاديات الصاعدة وذات التأثير مثل مصر واندونيسيا وباكستان ونيجيريا وبنجلاديش، سيكون امرا ايجابياً، مؤكداً ان تلك الدول تمثّل قوي رئيسية في العالم النامي وانضمامهم الي البريكس سيكون له تأثير ايجابي علي الاخرين. اما الخبير الاقتصادي جاستن لين يوفو الاستاذ بجامعة بكين، فقال ان لدي مصر العديد من الفرص لتعميق التعاون مع دول البريكس وعلي رأسها الصين، مثل »مبادرة الحزام والطريق» علي سبيل المثال، ومن هنا ستقدم آلية بريكس التي تتمثل في المنفعة المتبادلة منصة تعاون جديدة بين البلدين». الخبير الروسي قنسطنطين ميخائليوفيتش الباحث بمعهد الاستشراق بأكاديمية العلوم الروسية قال ان دعوة الصين للرئيس السيسي لحضور قمة تدل علي تقدير الصين بوصفها الاقتصاد الاكبر في المجموعة، للإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها مصر. وعن امكانية انضمام مصر لهذا التجمع الاقتصادي الكبير قال قسطنطين ان لدي مصر الكثير لتقدمه لهذا التكتل، ولا يمكن انكار ان كل دول المجموعة تقريبا تجمعها علاقات شديدة الود والدفء مع مصر ولكن الأمر سيحتاج الي اجراءات طويلة ويستلزم الالتزام بمعايير وشروط محددة. وحول دعم روسيا لأي تحرك مصري في هذا الاتجاه قال قسطنطين انه لا يظن ان روسيا يمكن ان تمتنع عن دعم مصر حيث تجمعهما علاقات اقتصادية وسياسية وثيقة وعلاقات البلدين آخذة في التحسن بشكل كبير في السنوات الاخيرة. من جانبه قال وانج لين تسونج رئيس قسم شؤون غرب آسيا وشمال إفريقيا بأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية، إن مشاركة مصر تأتي باعتبارها دولة ذات أهمية بالغة في كل من الشرق الاوسط والقارة الإفريقية. وأوضح وانج، أن التواصل مع مصر في إطار البريكس يسهم في تعزيز تبادل التجارب والخبرات نظراً لوجود العديد من أوجه التشابه في الظروف الوطنية بين مصرر ودول بريكس. ويري »ايسوب جولام باهاد» رئيس تحرير مجلة »ثينكر» بجنوب افريقيا أن مصر تتمتع بما يؤهلها للانضمام لمجموعة البريكس نظراً لثقلها السياسي في المنطقة كواحدة من أكبر دول المنطقة العربية والشرق الأوسط. علاوة علي ما يتمتع به اقتصادها من تنوع الموارد والخبرات في العديد من المجالات، التي يمكن أن تساعد بها الدول الأخري. الخبير الاقتصادي ممدوح مصطفي، قال ان لدي مصر فرصة ذهبية لاستغلال ما حققته من نمو اقتصادي للحاق بركب مجموعة »البريكس» الصاعدة، خاصة. وأضاف ان مصر حققت طفرة في برنامج اصلاحها الاقتصادي شهدت له العديد من المؤسسات الدولية وذلك في وقت قياسي نسبياً وهو انجاز يمكن ان يضيف كثيرا الي رصيدها. واضاف ممدوح ان الانضمام لأي تكتل يكون في حد ذاته استفادة لان الهدف لرئيسي منه زيادة النمو الاقتصادي للدولة المعنية، كما ان وجود مصر في تكتل اقتصادي قوي يضيف كثيراً لصورتها الخارجية كقوة اقتصادية قادمة. وفي المقابل تمنح مصر لاعضاء التكتل فرصة سانحة للاستثمار علي اراضيها ليتمتعوا بما تمنحه من فرص واعدة وعمالة رخيصة وسوق ضخمة مفتوحة.. علي الجانب الآخر، وحول ما يمكن ان تستفيده مصر من الانضمام الي البريكس أجمع الخبراء علي عدة فوائد علي الأصعدة الاقتصادية والسياسية علي حد سواء. ففي مجال الصناعة والتنمية هناك مشروعات الطاقة الشمسية وتصنيع السلاح، والتعليم والصحة ومكافحة الفقر والأمية.. هذا بخلاف امكانية الحصول علي قروض خارجية بشروط ميسّرة. كذلك سيكون انضمام مصر للبريكس تغييرا استراتيجياً للفكر القديم القائم علي الانضواء تحت مظلة للدول الكبري، وبمثابة شهادة ثقة دولية في الاقتصاد المصري رغم أزماته. ليو يونج، كبير اقتصاديي بنك الصين للتنمية قال ان مجال الاستفادة من دول البريكس كبير وواسع، فعلي سبيل المثال تطور الصين بشكل سريع في الصناعات الذكية والتكنولوجية ،فيما تتخذ الهند خطوات جادة نحو التحضر وروسيا تتجه للتقليل من اعتمادها علي النفط. كذلك فإن دول البريكس أصبحت لاعباً رئيسياً في افريقيا وتحتل الصينوالهند الترتيبان الاول والثالث في الشراكة التجارية مع القارة. ومنذ بداية القرن ازداد التبادل التجاري بين افريقيا ودول البريكس من 28 مليارا الي 377 مليار دولار. بالاضافة الي ما تملكه مصر من تنوع اقتصادي، انتزعت من جنوب إفريقيا لقب ثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا (بعد نيجيريا) العام الماضي، كذلك كشف تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، عن احتلال مصر المركز الثاني في معدل تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلي الدول العربية، بمعدل 27 ٪، بعد الإمارات العربية المتحدة، وقبل المملكة العربية السعودية ولبنان والمغرب. ويتنافس علي دخول البريكس عدد من الدول ذات الاقتصادات الصاعدة، ومنها كوريا الجنوبية والمكسيك واندونيسيا، وكلها اقتصادات لا تعاني من أزمات كالتي تعانيها مصر، رغم ذلك يري البعض ان الشق السياسي لا يغيب عن عملية اختيار اعضاء هذا التكتل، فعلي سبيل المثال، عملية ضم جنوب أفريقيا للتكتل عام 2010، خضعت لاعتبارات سياسية وجيوبوليتكية أكثر منها اقتصادية أو تجارية. فالصين رأت ضرورة ضم دولة أفريقية مهمة إلي المجموعة باعتبار أن الصين هي الشريك التجاري الأول لجنوب أفريقيا ولتكون بريتوريا هي بوابة »بريك» إلي قارة أفريقيا في ظل السباق الأمريكي - الصيني المحموم علي النفوذ والتجارة في القارة.