كل شيء يتطور بسرعة الفيمتو ثانية، في مجال الإعلام تحديدًا لاوقت للانتظار فالتكنولوجيا بكل روافدها تغير الخريطة بسرعة، لدرجة أن أعظم وانجح صناعة في العالم وهي »صناعة السينما» وعلي رأسها إنتاجات هوليوود أصبحت في خطر حقيقي والسبب »جهاز موبايل» صغير قد يوفر عليك ثمن وجهد الذهاب للسينما ! كلمة السر »نيتفليكس» وهي شبكة لبث المحتوي الترفيهي والفني عبر الإنترنت حسب الطلب، تأسست الشبكة عام 1998 علي يدي ريد هاستنجر، لم تحقق الشركة نجاحا كبيرًا في البداية، ولكن مع ظهور أجهزة المحمول الذكية فتحت الشركة سوقًا كبيرًا بتقديم خدماتها عبر الشاشات الصغيرة من موبايل وتابلت وماشابههما، المفاجأة أن عدد مشتركي الشبكة حول العالم مطلع هذا العام بلغ 100 مليون مشترك وهو رقم ضخم يوفر عائدًا شهريًا خرافيا. في أكتوبر 2008، أعلنت شركة نيتفليكس عن شراكتها مع شبكة ستارز لعرض أكثر من 500 فيلم ومسلسل للمشاهدة عبر خدمة »Starz Play» التي توفرها الشبكة، وفي أغسطس، 2010 وصلت شركة نيتفليكس إلي صفقة لمدة خمس سنوات وبقيمة مايقارب مليار دولار لعرض أفلام من شركات باراماونت، ليونز جايت، وميترو جولدوين ماير لإضافتها لمكتبة نيتفليكس. في عام 2011 بدأت نيتفليكس انتاج برامجها ومسلسلاتها الخاصة واقتحمت الشركة عالم إنتاج الدراما الأمريكية بشكل رسخ انتشارها خاصة بمسلسلات مثل »بيت الكروت» للنجم كيفين سبيسي والذي يعرض موسمه الخامس حاليًا بنجاح ساحق، المسلسل يتناول ألاعيب السياسة داخل أروقة البيت الأبيض من خلال رحلة صعود أحد أعضاء الكونجرس ليتولي رئاسة الولاياتالمتحدة، وقد حاز المسلسل علي جوائز »أيمي»الشهيرة. في وقت قصير نسبياً، تحوّلت الشبكة إلي أعتي القوي في هذا المجال، وأنتجت مسلسل الخيال العلمي والرعب »أشياء غريبة» للأخوين دافر، ثم دخلت مجال الأفلام الوثائقية لتنتج سلاسل مختلفة نالت نسب مشاهدات مرتفعة جدا. كل هذا كان تمهيدًا للخطوة الأكبر وهي اقتحام عالم السينما لتصبح شاشات الموبايل بديلا للشاشات العملاقة بحيث تنتج أفلاما ضخمة للعرض من خلالها فقط دون أي عرض سينمائي لها، ورصدت الشبكة ميزانية تقدّر ب6 مليارات دولار لإنتاج الأعمال السينمائية في عام 2017، وبدأت الشبكة إقناع صنّاع الأفلام بفكّ ارتباطهم بدور السينما التجارية لإنتاج مجموعة من الأفلام في مقدمتها فيلم آلة حرب إخراج ديفيد ميشود ومن بطولة براد بيت وتقدر ميزانيته بستين مليون دولار، وفيلم آخر من بطولة النجم ويل سميث تبلغ تكلفته 80 مليون دولار، وفيلم الأيرلندي والذي تقدر ميزانيته بمئة مليون دولار، كما تتعاون الشبكة مع المخرج الكبير مارتين سكورسيزي في فيلم يجمع النجمَيْن روبرت دي نيرو وآل باتشينو.. كل هذا أثار انتباه وقلق صناع السينما في هوليوود والذين تأكدوا تماما أن الشبكة الجديدة ستنال حصة من كعكة المشاهدة ستؤثر بلا شك علي شباك التذاكر خاصة مع اتجاهها لإنتاج أعمال ضخمة تعرض للمشاهد بأقل تكلفة ممكنة، حتي ان المنافس الوحيد في هذا المجال وهو »أمازون برايم فيديو» كان يعرض الأفلام في دور السينما اولا قبل عرضها »أون لاين» مما لم يكبد هوليوود نفس الخسائر. في ديسمبر 2015 التقيت احد مسئولي »نيتفليكس» علي هامش مهرجان مراكش بالمغرب، قال الرجل يومها أن الشركة تسعي لفتح أسواق في مصر والمغرب بعد انتشارها في الإمارات، وبدأت الخطوة بالتعاقد علي انتاج أربعة أفلام للمخرج المغربي نور الدين الخماري، بعدها بعامين بدأت الشبكة إنتاج أول مسلسل مصري يعرض عبر الإنترنت وهو »سبع صنايع» لخالد سليم وشريف رمزي، والأكيد أن الشبكة تغزو الوطن العربي بشكل سيؤثر علي مشاهدة التليفزيون وكذلك مشاهدة السينما.