أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 20 ديسمبر    أسعار الأسماك اليوم السبت 20 ديسمبر في سوق العبور للجملة    أسعار البيض اليوم السبت 20 ديسمبر    ترامب يعلن نجاح الضربة الأمريكية «عين الصقر» ضد "داعش" في سوريا    شباب بيراميدز يتحدى الجونة اليوم بكأس عاصمة مصر    حالة المرور اليوم في القاهرة والجيزة والقليوبية.. انتظام حركة السيارات بالطرق    أحمد العوضي: همي كل سنة إني أعمل مسلسل الناس تلمسه    حياة كريمة فى المنيا.. تنفيذ 3199 مشروعا داخل 192 قرية    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    هام بشأن سعر الذهب اليوم السبت 20 ديسمبر| عيار 21 يسجل رقم جديد    أمطار وأعاصير تضرب دول الخليج| مطار دبي يلغي رحلاته الجوية "تفاصيل"    «مشاجرة عنيفة واتهامات بالتزوير».. تفاصيل القبض على إبراهيم سعيد وطليقته    الولايات المتحدة تخطط لنشر مفاعل نووى على سطح القمر    مواعيد قطارات الإسكندرية – القاهرة اليوم السبت 20 ديسمبر 2025 ذهابا وعودة    لازاريني: 1.6 مليون شخص فى غزة يعانون انعدام الأمن الغذائى    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    فصل مؤقت للكهرباء عن مناطق بالحي الترفيهي في العبور لأعمال صيانة اليوم    «ترامب» يعلن حربًا مفتوحة على داعش.. ضربات عنيفة تستهدف معاقل التنظيم في سوريا    غارات أمريكية مكثفة على تنظيم داعش | وزير الحرب يصف العملية بأنها إعلان انتقام.. وترامب يؤكد استمرار الضربات القوية بدعم الحكومة السورية    ماذا يحدث لأعراض نزلات البرد عند شرب عصير البرتقال؟    وزير الثقافة: سلسلة فعاليات فنية ب«العريش» لعام كامل    إرث اجتماعي يمتد لأجيال| مجالس الصلح العرفية.. العدالة خارج أسوار المحكمة    المسلسل الأسباني "The Crystal Cuckoo".. قرية صغيرة ذات أسرار كبيرة!    كيف تُمثل الدول العربية في صندوق النقد الدولي؟.. محمد معيط يوضح    محمد عبدالله: عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في مباريات الزمالك    مصر للطيران تعتذر عن تأخر بعض الرحلات بسبب سوء الأحوال الجوية    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    موهبة الأهلي الجديدة: أشعر وكأنني أعيش حلما    حريق في مول تجاري بأسوان والحماية المدنية تسيطر على النيران    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محاكمة 9 متهمين في قضية خلية البساتين.. اليوم    خلال ساعات.. عصام صاصا و 15 آخرين أمام المحكمة بسبب مشاجرة المعادي    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    وزير العمل يلتقي أعضاء الجالية المصرية بشمال إيطاليا    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    محمد سمير ندا ل«العاشرة»: الإبداع المصرى يواصل ريادته عربيًا في جائزة البوكر    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    إقبال جماهيري على عرض «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه بمسرح الغد بالعجوزة.. صور    ضربتان موجعتان للاتحاد قبل مواجهة ناساف آسيويًا    حارس الكاميرون ل في الجول: لا يجب تغيير المدرب قبل البطولة.. وهذه حظوظنا    مدرب جنوب إفريقيا السابق ل في الجول: مصر منافس صعب دائما.. وبروس متوازن    الجبن القريش.. حارس العظام بعد الخمسين    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يكتب :الوثائق السرية للحرب السورية
محاضر اجتماعات واتصالات بشار الأسد مع المرشد الإيراني والرئيس التركي ووفود الجامعة العربية !
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 07 - 2017


خالد مشعل يتنكر للأسد
بعد استضافته
في دمشق ورجال حماس يرفعون علم المعارضة
في التظاهرات !
أمير قطر أهدي بشار طائرة خاصة
لم يركبها خشية التنصت عليه
أو تفجيرها
عن بعد !
الدوحة سلحت التنظيمات الإرهابية والرئيس الفرنسي أولاند يعترف بعمليات عسكرية مشتركة مع قطر في سوريا !
المفكر اليهودي هنري ليفي وثيق الصلة بالموساد يدعو
للتنسيق بين اليساريين والإخوان في اجتماعات جرت في الدوحة !
حمد بن جاسم عرض 4 مليارات علي المعارضة
لو ساهمت في وصول الإخوان إلي قصر الشعب !
أخطأت عندما لم أحذر عاملة »السويتش»‬ في »‬شيراتون» دمشق من تلقي مكالمات مبكرة في الصباح بعد أن سهرت حتي الفجر أقرأ ملفا عن »‬بشار الأسد» تعب في تجهيزه وزير الدفاع مصطفي طلاس قبل أن يرسله إلي غرفتي مصحوباً بتمنياته الطيبة.
لم أكن نمت أكثر من ثلاث ساعات حين استيقظت علي رنين تليفون لا ينقطع.. كان المتحدث هو مصطفي طلاس نفسه.. وبصوته الهادئ المبحوح رجاني أن أحضر مهرجان »‬المعلوماتية» الذي سيفتتحه بعد ساعة بشار الأسد.. ولم أعرف كيف وصلت - بصحبة صديقي فنان الكاريكاتير جمعة فرحات - إلي مكان المهرجان.. لكن.. ما أن وجدت خيمة للاستراحة حتي اتجهت إليها طالبا ما يمكن تقديمه من القهوة.
دون مقدمات وجدت بشار الأسد أمامي.. وما إن تصافحنا حتي وجدته يدعوني إلي الغداء.. وتكفل رجاله بتوصيلي في الوقت المناسب إلي مطعم مبني في منطقة »‬الغوطة».. وسط خضرة صافية.. وزهور ساحرة.
كان ذلك في 21 يناير 1996.. بعد عامين بالضبط من مقتل شقيقه باسل في حادث سيارة علي طريق المطار.. يومها فقدت العائلة الرئاسية »‬وريث» الحكم الذي جهزته سياسيا وأمنيا ليخلف أباه حافظ الأسد الذي كان مصابا بالسكر والسرطان ومتاعب في القلب.. ونجح الموساد في تأكيد أمراضه عام 2000 عندما حصل علي عينة من البول خلال زيارة إلي الأردن حسب صحيفة »‬صنداي تايمز» البريطانية.. لكن.. مرضه الأشد كان »‬الأرق».. فلم يكن ينام سوي ساعات قليلة.. وهو ما يفسر استقبالي ليلا في بدروم بيته الذي حوله إلي مكتبة ضخمة تغطي الجدران.
يوم الحادث كان بشار في مستشفي »‬ويسترن أي» يتلقي الخبرة البريطانية في طب العيون الذي تخصص فيه.. تلقي الخبر بهدوء وبرودة أعصاب.. دون أن يكتشف أحد حوله ما جري.. فهو مثل كتاب »‬مغلق».. لا تعرف هل هو حزين أم سعيد ؟.. هادئ أم منفعل؟.
في لحظات خاطفة تغير مصيره من طبيب إلي رئيس.. وتغير قدر سوريا من دولة مستقرة إلي أمة ممزقة.. وتغير مستقبل المنطقة من الثبات إلي التشتت.. وكأن اختياره للحكم كان ساعة صفر الإنقلابات والتحولات والمنعطفات الحادة التي نعيشها.
تولي مصطفي طلاس - رفيق المشوار الطويل مع حافظ الأسد من الخدمة العسكرية في القاهرة إلي السيطرة السياسية في قصر الشعب - تجهيز بشار لوراثة الحكم.. فجعله مسئولا عن »‬سرايا الدفاع» وألف له كتبا عسكرية أعتذرت عن قبول نسخ منها لوجود عبارة »‬سري للغاية» علي أغلفتها المصنوعة من الجلد.. فقد خشيت بحملها أن يقبض علي في المطار بتهمة تهريب وثائق عالية الخطورة وهي جريمة يصعب النجاة منها في سوريا.
كانت نقطة الالتقاء بيننا التأكيد علي خطورة التنظيم الدولي للإخوان واتفقنا علي أن خلاياه المنتشرة في المجتمعات الإسلامية خاملة لكنها ستنفجر عنفا إذا ما اتيحت لها الفرصة.. ولن تتردد في الوصول إلي الحكم ولو غرقت بلادها في بحوار من الدماء وهي نبوءة تحققت فيما بعد.
فور وفاة حافظ الأسد في 10 يونيو 2000 سارع مجلس الشعب بتعديل المادة (83) لتخفيض السن القانونية لرئيس الجمهورية من 40 إلي 34 سنة لتلائم بشار الأسد الذي انتخب في 11 يوليو التالي وأقسم اليمين الدستورية بعد ستة أيام.
كان في انتظاره عالم علي وشك التغيير.. وصل فلاديمير بوتين إلي الكرملين طامحا في إعادة روسيا إلي مائدة القوي العظمي.. واستقر جورج بوش في البيت الأبيض مستسلما لدعاوي يمينية متطرفة.. وتولي محمد خاتمي الرئاسة فيطهران متصورا أنه قادر علي إصلاح ما أفسده المتشددون.. وبدأ العد التنازلي لحكم صدام حسين في العراق.. وفي تركيا برق نجم رجب طيب أردوغان بعد سجنه عشرة شهور متهما بالترويج للدولة الدينية في خطبه الجماهيرية التي مهدت لحكم الإخوان هناك.
تغير العالم من حوله لكن بشار الأسد لم يستوعبه.. أكتفي بإصلاحات اقتصادية داخلية.. لكن.. سياسته الإقليمية والدولية لم تتغير.. ظلت مخابراته وقواته تحكم لبنان.. وحافظ علي سوء التفاهم المزمن بين بلاده والغرب.. وواصلت أجهزته الأمنية قمع المعارضة.. وتنصت علي أحاديث الشباب.. وضاعفت من هجمات زوار الفجر.. والأهم أنه لم يستوعب أن الحرب الباردة - بتحالفاتها وخلافاتها - قد انتهت.
قلبت هجمات 11 سبتمبر مائدة العلاقات الدولية المستقرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ورغم أن لا مهاجم واحد كان يحمل الجنسية السورية إلا أن بشار الأسد شعر بأن الحرائق التي اشتعلت في برجي التجارة ستطول بلاده رغم بعد المسافة بينهما بأكثر من 9427 كيلومترا.
لم تتردد دمشق في التعاون المخابراتي مع واشنطن فقدمت معلومات عن محمد حيدر الزمار ومحمد عطا ومأمون دركزنلي وهم من مخططي ومنفذي وممولي الهجمات لكن ذلك لم يمنع جورج بوش من وصف سوريا بأنها »‬دولة مارقة» ونسبها إلي محور الشر.
وبعد التورط عسكريا في أفغانستان قررت الولايات المتحدة غزو العراق تنفيذا لما سميت بسياسة الشرق الأوسط الجديد بعد أن اقتنعت بأن الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة هي السبب الرئيسي لتكوين التنظيمات الإرهابية المسلحة.
لكن.. علي أعتاب الغزو التقي بشار الأسد بالمرشد الأعلي في إيران علي خامئني يوم 16 مارس 2003.. وحسب محضر اللقاء الذي حصل عليه الصحفي والإذاعي اللبناني الفرنسي سامي كليب ضمن محاضر أخري تخص الأزمة السورية فإن الرئيس السوري تصور خطأ أن »‬أمريكا ستغرق في الوحل العراقي» و»‬إن لم نستطع هزيمتها يجب أن نساهم في إبقاء الوضع متفجرا» بالعمليات الاستشهادية التي لا يخشي الجيش الأمريكي سواها.. وبتلك الجملة وضع بشار الأسد استراتيجية عمل التنظيمات الإرهابية وهي استراتيجية دفع ثمنها غاليا فيما بعد.
وفي 3 مايو 2003 طار وزير الخارجية الأمريكية كولن باول إلي دمشق والتقي بشار الأسد وحسب المصدر السابق فإن محضر اللقاء بينهما تضمن مطالب أمريكية واضحة منها خروج سوريا من لبنان وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية »‬حماس والجهاد والجبهة الشعبية» في دمشق وعدم مساعدة الجيش العراقي وإيقاف دعم حزب الله بشحن مواد إليه عبر سوريا والقبول بخارطة طريق للمفاوضات مع إسرائيل.. ولكن.. الرئيس السوري لم يقبل بهذه المطالب.. فراح الكونجرس يجهز لإصدار قانون معاقبة سوريا.
لقد تصرف باول - بعد السقوط السريع لنظام صدام حسين - بغطرسة المنتصر وراح يملي شروطه علي الدول العربية ليذكرها بشخصية المندوب السامي في زمن استعمارها.
لم تقابل المنظمات الفلسطينية شهامة بشار الأسد إلا بنكران الجميل.. بل.. أن خالد مشعل لم يتردد في الإنقلاب عليه بعد أن انتقلت عدوي »‬الربيع العربي» إلي سوريا.
حسب سامي كليب فإن اللقاء الأخير بين الرجلين كان بعد 48 ساعة علي تنحي مبارك ويومها ضحكا وتبادلا التهنئة »‬بسقوط رئيس عربي حليف للولايات المتحدة وعدو لمحورهما الممتد من إيران إلي حزب الله».
لكن.. سرعان ما أعلن الشيخ يوسف القرضاوي المقيم منذ عقود في الدوحة - كراهيته لبشار الأسد وحرض علي إسقاط نظامه مشجعا علي استمرار الثورة عليه.
هنا شعر خالد مشعل »‬أبو وليد» بالحرج.. فهو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي نصت في دستور تأسيسها علي أنها جزء من تنظيم الإخوان وفي الوقت نفسه يعيش في ترف داخل جناح رئاسي في شيراتون دمشق.. بل.. أكثر من ذلك رصدت المخابرات السورية تورط رجاله فحملوا علم الثورة في تظاهرات المعارضة ومدها بالسلاح.
حسب كليب فإن مسئولا سوريا عاتب مشعل قائلا: »‬ينبغي أن تخجل حماس من موقفها نحن في سوريا كنا ندخل الطالب الفلسطيني قبل الطالب السوري في المدارس والجامعات وعرضنا بلادنا لمواقف خطرة بسبب دعمنا لكم لا شك أننا كنا ننتظر موقفا مغايرا منكم».
وحسب المصدر نفسه فإن محضر لقاء نبيل العربي »‬أمين عام الجامعة العربية» والرئيس السوري في 13 يوليو 2011 تضمن إهانة من بشار الأسد لموقف العرب المستسلم للغرب مؤكدا أن العرب المعادين لسوريا ليسوا دعاة إصلاح »‬ولا هم مهووسون بالحرية والديمقراطية وإلا لكانوا طبقوها في بلادهم ولكن ما يحركهم مشاعرهم المعادية لسوريا».
وإعترف بشار الأسد بوجود أخطاء أمنية أدت إلي قتل متظاهرين ولكنه أضاف: »‬إن التنصت علي التليفونات كشف عن وجود عصابات مسلحة تخطط لتحميل الجيش مسئولية قتل مدنيين».
لكن.. الخيانة الكبري لبشار الأسد جاءت من أمير قطر حمد بن خليفة.
كان بشار الأسد قد زار الدوحة في 23 أكتوبر 2003 لتبدأ علاقة بدت متينة بحاكمها وصلت إلي حد بناء قصر له عند مدخل دمشق بعد إهداء طائرة خاصة للأسد لم يستخدمها »‬خشية زرع أجهزة تجسس فيها أو تفجيرها عن بعد».
نزلت الصاعقة المدمرة علي رأس بشار الأسد عندما وصف بعض القادة العرب ب»‬أنصاف الرجال» ورغم أنه حاول الاعتذار عنها فيما بعد إلا أن عزلته العربية تفاقمت ولم يبق بجانبه سوي قطر التي أرادت إقامة »‬حلف قطري إيراني سوري مناهض للحلف المصري السعودي الإماراتي».
لكن.. كان تأثير الإخوان علي الحكم في قطر أقوي من الأحلاف السياسية والعلاقات الشخصية.. فبعد ستة شهور فقط من اشتعال الأحداث في سوريا طالب حمد بن خليفة »‬يوم 29 أغسطس 2011» في طهران عقب لقائه بالرئيس أحمدي نجاد برحيل صديقه الحميم بشار الأسد.
ويفسر كليب السبب قائلا: »‬إن قطر وجدت الفرصة ملائمة إما بإقناع الأسد بإشراك الإخوان في السلطة وإما برحيله والإتيان بنظام تكون الأكثرية فيه للإخوان الذين ذهب رموزهم للإقامة في الدوحة وعبروا عن أنفسهم في قناة الجزيرة».
وبوصول أردوغان إلي الحكم انضمت أنقرة إلي الدوحة في دعم إخوان سوريا وسمع وفد من المعارضة السورية من وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو أن »‬القضية السورية اصبحت قضية تركية» مضيفا: أنهم مفوضون بالدخول إلي سوريا.
وسافر الوفد الذي ضم هيثم مناع ونبراس الفاضل وفايزة سارة ورجاء الناصر وعارف دليلة وأحمد رمضان وعبد الباسط سيدا إلي قطر ليجد نفسه مدعوا للاجتماع مع قيادات إخوانية علي رأسها ملهم الدروبي لكن الوفد رفض وكان مبرره أن تلك القيادات تنسق مع برنار هنري ليفي »‬وهو يهودي فرنسي من أصل مغربي دعم الانتفاضات في تونس وليبيا وسوريا ومصر ووثيق الصلة بالموساد».
ورصد المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان الذي يرأسه هيثم مناع »‬250» عملية مشتركة »‬موثقة بالفيديو» نفذها الإخوان في سوريا بالاشتراك مع »‬ النصرة والجبهة الإسلامية وغرباء الشام وغيرها من المنظمات الإرهابية التي انضمت فيما بعد إلي داعش.
وبثت الجزيرة أول مقابلة مع زعيم النصرة أبي محمد الجولاني حين احتلت جماعته مواقع الدفاعات الجوي في حلب وقدمت الجزيرة أحرار الشام إلي العالم أيضا.
وشهدت تركيا الإجتماعات الأولي لتشكيل التحالف ضد بشار الأسد واختير الضابط المنشق رياض الأسعد رئيسا له لكن مدير مكتبه كان ملازما في الأمن التركي اسمه توفيق كان هو المتحكم في الأسعد.
وينسب كليب إلي مناع أنه سمع في لقاء مع القطريين »‬حضره كمال اللبوني وهيثم مالح ومعاذ الخطيب ووليد البني» وجري في نوفمبر 2012 أنهم »‬سيضعون تحت تصرف المعارضة أربعة مليارات دولار» بشرط التنسيق الكامل مع الإخوان.
ونصل مع كليب إلي المحضر السري للقاء بشار الأسد مع الوفد الوزاري العربي برئاسة وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم يوم 21 أكتوبر 2011.
كان بجانب الرئيس السوري وزير الخارجية وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد ومندوب سوريا في في الجامعة العربية يوسف أحمد والمستشارة السياسية للرئيس بثينة شعبان أما الجانب الاخر فكان يضم نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية ونائبه أحمد بن حلي ويوسف بن علوي وزير خارجية سلطنة عمان ومراد مدلسي وزير خارجية الجزائر وعلي كرتي وزير خارجية السودان ومحمد كامل عمرو وزير خارجية مصر.
استغرق المحضر 15 ألف كلمة استهلك أغلبها في الجدل اللغوي حول الفرق بين المعارضة والإرهاب وبين العنف والاقتتال وبين المراقبة العربية والتدخل في السيادة السورية وضاعف من ذلك الجدل قدرة الأسد الشهيرة علي الخطابات الطويلة بجانب أن محاوريه كلهم وزراء خارجية لا يملكون سوي موهبة الثرثرة دون القدرة علي إتخاذ قرار.
وبدا مثيرا للدهشة قيادة الوزير القطري للمجموعة رغم وجود أمين الجامعة العربية فقد كان حمد بن جاسم هو الذي يحدد من يتكلم ومن يصمت.
وحسب الوثيقة فإن المبادرة العربية طالبت بوقف العنف وسحب الجيش من المدن والإفراج عن المعتقلين وعقد مؤتمر للحوار الوطني في القاهرة.
لكن.. لشعور الأسد بالتوجس من حمد بن جاسم لارتباطاته المعلنة بالمخابرات الأمريكية والإسرائيلية تعمد أن يحذر من المساس بسيادة بلاده.
ولوحظ أن المطالب التي جاء بها وزير الخارجية القطري هي نفسها المطالب التي أعلنها وزير الخارجية التركي.
وقد عدد هذه المطالب أردوغان في اتصال تليفوني مع الأسد في 26 مارس 2011 واستغرق تفريغها ست صفحات.
ولم يمض أسبوعان علي اللقاء حتي أعلن بن جاسم نفسه علي منبر الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا في الجامعة وفرض عقوبات اقتصادية عليها ودعوة الدول العربية لسحب سفرائها من دمشق وسارعت ورحبت واشنطن بتلك القرارات.
ويكشف الصحفيان الفرنسيان كريستيان شينو وجورج مالبرو في كتابهما »‬قطر أسرار الخزينة» أن الدوحة قررت في صيف 2012 تسليح المعارضة السورية علي الأرض وانتشرت وحدات من القوات الخاصة القطرية عند الحدود السورية التركية لكنها لم تنجح في الدخول إلي سوريا.
حاولت قطر أن تكرر في سوريا ما سبق أن مارسته في ليبيا مستخدمة المال في شراء الولاء والإنشقاق عن القوات النظامية.
وفي خريف العام نفسه أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لضيفه حمد بن جاسم: »‬ استمرار العمليات السرية المشتركة التي تقوم بها القوات الفرنسية والقطرية لدعم المعارضة السورية» دون أن يعترفا بأنهما قصدا بها التنظيمات الإرهابية.
وفي الحقيقة فإن السبب المؤثر في الأزمة السورية هو النفط والغاز.
حسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط المرتبط باللوبي اليهودي »‬إيباك» فإن سوريا تمتلك احتياطيات هائلة من النفط والغاز ظهرت بوادرها في إسرائيل عام 2009.
أما قطر فهي في حاجة إلي ضمان تصدير غازها لمواجهة المنافسة الروسية والإيرانية بالحصول بالقوة علي أنبوب يوصل إنتاجها عبر سوريا إلي أوروبا.
وهنا.. كان لابد أن تدخل روسيا علي الخط لضمان مصالحها النفطية بجانب عودتها للمنطقة العربية بعد أن تخلص السادات من الخبراء السوفيت قبيل حرب أكتوبر.
لم تعد سوريا أزمة عربية.. بل خرج العرب من الحل تماما.. وتصدر المشهد واشنطن وموسكو وطهران وأنقرة.. وبدا واضحا أن تلك العواصم جادة في القضاء علي الإرهاب هناك.. ونجحت مؤخرا في طرد داعش من حلب.. لكن.. ماذا سيحدث بعد تطهير سوريا من التنظيمات المسلحة ؟.
من المؤكد أن مستقبل الأسد أصبح علي حافة الهاوية كما أن دولة كردية ستعلن في شمالي سوريا وقد أصبح لها مكتب تمثيل في موسكو بجوار السفارة السورية هناك بجانب وضع البلاد تحت وصاية دولية تشرف عليها الأمم المتحدة حتي ينضج النظام البديل علي نيران هادئة.
المصادر:
(1) مذكرات شخصية سجلتها عن لقاءات في دمشق خلال زيارات جرت لها في منتصف التسعينات
(2) سامي كليب: »‬ الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج »‬ - دار الفارابي بيروت
(3) الحكام العرب: دراسة سياسية ونفسية للباحث الأمريكي ثيون هيو - إصدرات جامعة هارفارد
(4) حوارات مسجلة مع شخصيات سياسية لبنانية في بيروت جرت في خريف 2016 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.