بيع الأصول والشرگات والأراضي أهدر قدرات البلد الاقتصادية ونفوذها السياسي الاحاديث الصحفية عادة ماتحمل اسئلة وعلامات استفهام، ولكن هذا الحديث هو حوار بلا اسئلة اجراه الزميل الكاتب الصحفي عصام حشيش مع وزير الصناعة الاسبق د. مصطفي الرفاعي.. والذي بدأ شهادته علي الفساد بقوله: في عام 9991 أعلنت المجموعة الوزارية الاقتصادية لحكومة دكتور عاطف عبيد ان مصر ستعتمد علي الاستثمار الاجنبي المباشر لتحقيق طفرة في معدلات التنمية الاقتصادية ورواج وخلق فرص عمل كبيرة. منذ ذلك التاريخ كانت ولازالت مصر تعاني من مشكلة البطالة وتزامنت هذه السياسة مع إطلاق شعارات أخري مثل تحديث الدولة المصرية والاندماج في الاقتصاد العالمي وتم التوقيع علي اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية وسن قانون الملكية الفكرية وتوقيع اتفاقية التربس تم كل ذلك بناء علي طلب الدول الصناعية الغنية (أوروبا والولايات المتحدة) ومنظماتهما كما تم الاسراع في تنفيذ برامج بيع الأصول المملوكة للدولة طبقا لبرنامج الخصخصة.. ونشهد ان الدول التي طلبت ذلك تابعت عن قرب تنفيذ حكومة مصر لهذه السياسات معربة عن تقديرها ومباركتها لما قامت به حكوماتنا ولما قدمه بعض وزرائها واستحدثنا تعبيرات براقة لهذا النشاط مثل تحرير الاقتصاد وتحرير الواردات وغيرها. من الواجب علينا ان نقرأ ما حدث علي أرض الواقع وأن نري نتاج تطبيق حزمة السياسات التي أملاها الغرب لتحقيق مصالحه عشنا ولا زلنا نعيش هذه الخدعة الكبري بعد مضي عشر سنوات علي توقيع هذه الاتفاقيات أملا في قدوم استثمارات أجنبية كبيرة الي الصناعة في مصر. نتج عن قانون الاستثمار العربي والأجنبي الذي صدر عام 8791 توطين أموال المصريين العاملين بالخارج وبالدول البترولية واستثمارها في بناء 0052 مشروع صناعي بالمدن والمناطق الصناعية التي أقامتها الدولة مزودة بالمرافق استفادت من حوافز الاستثمار في الصناعة ومن الإعفاءات الضريبية كلها مصانع جديدة علي أرض مصر بناها مصريون استجابة لسياسة تشجيع الاستثمار واستثمروا في مشروعات إنتاجية استفادت من السوق المصري الكبير. رغم تنفيذ السياسات السابق ذكرها وفتح الباب للاستثمار الأجنبي بلا قيود فإنه لم يتحقق أي من التوقعات والادعاءات التي أطلقتها الدول الغربية وتداولتها الأوساط الحكومية المصرية أي لم نر استثمارات أجنبية هامة في الصناعة المصرية تضيف الي التنمية الصناعية أو التكنولوجية سواء كان ذلك في الصناعات الثقيلة أو التحويلية أو الوسيطة أو التعدينية أو فائقة التكنولوجيا أو الأساسية، كانت هناك استثمارات في قطاع البترول والبتروكيماويات الا ان هذه الاستثمارات بدأت منذ قرابة نصف قرن بقوانين خاصة بها ولا علاقة لها بسياسات الاستثمار وليدة الحكومات الجديدة وهي استثمارات اعتمدت علي اقتسام الأرباح الناتجة عن استخراج الغاز والبترول. استحوذ الأجانب علي نسبة هامة من مدخرات المصريين وقاموا بتوظيفها طبقا لسياسات معينة لا تخدم أغراض التنمية الاقتصادية والصناعية وذلك بعد ان سمحت حكومتنا لعدد كبير من البنوك الأجنبية بالعمل في السوق المصري نذكر منها HSBC وباركليز وكريدي أجريكول وبلوم وباريبا وسيتي بن وسوسييتيه جنرال وبيريوس وأمرو ونوفاسكوتيا كما تم بيع بنك الاسكندرية المملوك للدولة الي الأجانب. حققت هذه البنوك أرباحا كبيرة نظرا لأن البنك المركزي يسمح بهامش كبير بين سعر فائدة الودائع وسعر فائدة الإقراض يصل الي 4و5٪ واقتصر نشاط هذه البنوك علي العمليات التجارية ومنها الاستيراد وابتعدوا عن تمويل الصناعة. اتجهت البنوك المصرية الي توظيف مدخرات المصريين لإقراض الدولة بشراء أذون وسندات الخزانة بدلا من ان توظفها في الاستثمار المباشر أو في تمويل مشروعات إنتاج صناعية أي ان مدخرات المصريين التي شكي أصحاب السياسات الحالية من عدم كفايتها استخدمت لزيادة حجم الدين الداخلي بدلا من توظيفها لأغراض التنمية. صدر قانون الضرائب الجديد الذي ألغي حوافز الاستثمار في الصناعة بما في ذلك المدن والمناطق الصناعية والمناطق النائية سواء أكان ذلك لتعويض عجز الميزانية أو استجابة لطلب الصندوق وقواعد التنافسية في ظل العولمة - فإن هذا القانون اعتبر ردة عن سياسات تشجيع الاستثمار في الصناعة الوطنية التي كان لها الفضل في قيام قطاع صناعي خاص وطني يضم 0052 مصنعا جديدا علي أرض مصر بالعاشر من رمضان و6 أكتوبر والسادات وبرج العرب وغيرها. صاحب إلغاء حوافز الاستثمار تخفيض ثم إلغاء الرسوم الجمركية علي الواردات وكان ذلك أحد أهم بنود اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية وأهم أهدافها لصالح الاتحاد الأوروبي وزاد حجم الواردات زيادة كبيرة معظمها من السلع الاستهلاكية مما تسبب في زيادة الخلل والعجز في الميزان التجاري وإلحاق الضرر بالصناعة المصرية (القطاع الخاص) التي أصبحت بفضل هذه السياسات تعاني من خسائر وكساد أدي الي توقف نشاط وإغلاق مئات المصانع بالمدن الجديدة وهي مصانع حديثة لم تكن تعاني من التقادم وكانت تحقق أرباحا جيدة ولم نشهد أي دراسات قامت بها وزارة التجارة والصناعة أو هيئة الاستثمار أو البنوك المقرضة أو اتحاد الصناعات المصرية أو جمعيات المستثمرين أو مراكز الدراسات الاقتصادية عن حالات الاغلاق وأسبابها وآثارها أو علاجها. يحزنني ويحزن كل مصري أن ندعي ان شراء الأجانب لأصول صناعية قائمة علي أرض مصر وهي ملك للمصريين هو امر نتباهي به علي انه استثمار أجنبي مباشر يخدم أهدافنا الاقتصادية والتنموية بعد ان استجبنا لكل النصائح والشروط الواردة من الدول والمؤسسات الأجنبية شهدنا شراء انتقائيا لبعض الشركات المصرية التي تحقق أرباحا والتي تملك حصة كبيرة من السوق المصري الغرض هو الاسحواذ علي السوق واحتكاره ان أمكن دون ضخ أموال في بناء صناعات جديدة ومطلوبة لتحقيق سياسات التنمية الصناعية والاقتصادية وعلاج مشاكل البطالة والفقر ولم يكن ذلك لصالح المستهلك المصري حيث لم يهتم الأجانب بإدخال تقنيات حديثة جديدة أو بتحسين جودة المنتج ولكنهم اهتموا برفع أسعار المنتجات والأمثلة كثيرة المالك الأجنبي يقوم بتحويل أرباحه الي الخارج مما يمثل استنزافا لرصيد العملة الأجنبية. تحرير الاقتصاد المصري من السيطرة الأجنبية كان مطلبا وطنيا أجمع عليه الشعب المصري وقدم تضحيات كبيرة من أجل تحقيقه ومن أجل استرداد سيادة مصر علي مقدراتها في زمن انفرد فيه الأجنبي بثرواتنا وعاني فيه المصريون من الفقر والذل - لا ننسي هذه الحقبة الهامة من تاريخنا التي قد لا يعرفها شبابنا ولعلنا نذكر تدخل الحكومات والسفارات لصالح الملاك الأجانب وممارسة الضغوط وتهديداتها لحكومة مصر.