اطلقت البنوك خلال الأسبوع الماضي مبادرة لفتح حسابات بنكية للعملاء الجدد الذين لم يسبق لهم التعامل مع البنك بدون مصاريف إدارية، وتشمل حسابات التوفير، والحسابات الجارية، وخدمات الدفع، والتحويل والتأمين وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. ضمن أسبوع »الشمول المالي» .. وتهدف هذه المبادرة إلي توسيع قاعدة المتعاملين مع البنوك لمختلف فئات المجتمع بما يؤدي إلي رفع معدلات الادخار والاستثمار .. بالإضافة إلي المساهمة في إدماج الاقتصاد غير الرسمي الذي يمثل مايقرب من 50% من حجم الاقتصاد الرسمي. ويؤكد بعض خبراء الاقتصاد أن هذه المبادرة تمثل خطوة أولية في زيادة عدد الحسابات البنكية التي لا تتعدي 9 ملايين حساب بنكي طبقاً للجهاز المركزي للتعبئة العاملة والإحصاء والتي تعتبر أقل من 10% بالمعدل العالمي .. بالإضافة إلي إنها تساهم في تحجيم عملية تداول »الكاش» ومايصاحبه من مخاطر .. ولكن هناك خطوات أخري يجب إتخاذها بجانب هذه المبادرة أهمها تغيير ثقافة الشعب المصري وتوعيته بأهمية الانضمام إلي القطاع المصرفي وفتح حسابات داخل البنوك بدلاً من مكاتب البريد.. ولكن من ناحية أخري لم يتم تحديد آليات واضحة بهذه المبادرة أو خطة زمنية محددة لدمج الافتصاد غير الرسمي وبالتالي سيكون مجرد هدف تم إعلانه دون وضع خطوات فعلية لتنفيذه. د. مدحت نافع أستاذ التمويل بجامعة القاهرة يقول إن إعلان مبدأ »الشمول المالي» جاء متأخراً جداً عن الكثير من الدول الأخري كما أن الأهدف المعلنة من تطبيق مبادرة بفتح حسابات بنكية بدون رسوم سواء ضم شرائح أكبر للقطاع المصرفي أوخفض معدلات الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي سواء بالنسبة للفرد أو الدولة ككل.. بالإضافة إلي جذب أموال الاقتصاد غير للرسمي، كلها أهداف لن تتحقق خلال الأسبوع الذي طرحت فيه هذه المبادرة.. خاصة إن هناك نسبة كبيرة من المواطنين خارج النظام المصرفي ولا تمتلك أي حسابات بنكية في أي من البنوك .. مشيراً إلي إن إطلاق هذه المبادرة يعد خطوة أولية في تجحيم تداول الكاش والذي يعوق الكثير من عمليات التداول ويرفع من مخاطر غسيل الاموال. ويضيف أن الخروج من منظومة الكاش وجذب عدد كبير المتعاملين الجدد للقطاع المصرفي يحتاج إلي المزيد من الحملات الدعائية والعروض المصرفية الجاذبة .. بالإضافة إلي محاولة تغيير ثقافة معظم الشعب المصري ورهبته من التعامل مع ماكينات الصرف الآلي .. وبالنسبة لضم الاقتصاد غير الرسمي عن طريق هذه المبادرة أكد نافع انه تم الإعلان بالفعل أن ذلك أحد أهداف هذه المبادرة ولكن لم يتم تحديد آليات أو نسب أو خطة زمنية محددة لتحقيق هذا الهدف وبالتالي سيظل مجرد فكرة تم طرحها دون وضع آليات واضحة لتنفيذها علي أرض الواقع. ويري د.هشام إبراهيم الخبير المصرفي وأستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أن إطلاق مبادرة »الشمول المالي» خطوة جيدة لزيادة الحسابات البنكية خاصة أن عدد الحسابات البنكية في مصر المفعلة حوالي 2 مليون حساب فقط من أصل 9 ملايين حساب .. ولكن هناك خطوات أخري يجب اتخاذها وعلي رأسها انتشار فروع للبنوك المحلية في كل المحافظات والمناطق وتسهيل إجراءات فتح الحسابات البنكية بعد إنتهاء فترة المبادرة .. مشيراً إلي أن تخوفات العاملين في القطاع غير الرسمي من الانضمام لهذه المبادرة وفتح حسابات بنكية بسبب الخوف من الاستفسار عن مصدر هذه الاموال .. هي تخوفات ليس لها أساس من الصحة، لأن البنك ليس جهة رقابية وطبقاً لقانون سرية الحسابات لن يتم إفشاء اسرار العملاء إلا بحكم قضائي. ويشير إلي أن زيادة عدد الحسابات البنكية وبالتالي المدخرات المالية تعني زيادة كفاءة إدارة الاموال وهي محاولة المواكبة التقدم في القطاع المصرفي العالمي فمعظم الدول المتقدمة استغنت عن نظام »الكاش» بنسبة تتراوح مابين 80إلي 95 % من تعاملاتها. بينما يؤكد د. وائل النحاس الخبير أستاذ اقتصاديات التمويل والخبير الاقتصادي أن مبادرة »الشمول المالي» التي قامت البنوك بطرحها والتي تتضمن فتح الحسابات البنكية بدون أي مصاريف إدارية قرار غير مناسب في توقيت خاطئ .. لأننا إذا أردنا أن تحقق هذه المبادرة الاهداف المنشودة منها لابد أن تحقق معدلات إدخار عالية .. وهو مايتطلب وجود سيولة مالية لدي المستهدفين من هذه المبادرة ومعظمهم من الشرائح ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة وهو غير متوفر حالياً في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها معظم المواطنين .. حتي من يتوافر لديه مبلغ من المال يقوم باستثماره سواء في العقارات أو شراء الذهب نتيجة لتراجع قيمة الجنيه يوماً بعد يوم بعد إجراءات تحرير سعر الصرف. ويشير إلي أن ثقافة الكثير من المواطنين خاصة في القري والمحافظات النائية مازالت تميل إلي وضع مدخراتهم المالية في مكاتب البريد خاصة في ظل غياب فروع البنوك المحلية في هذه المناطق .. مضيفا أن هذه المبادرة تسعي للاستفادة من الاقتصاد غير الرسمي لن يمكن ضمان تحقيق هذا الهدف بشكل مباشر خاصة أن السيولة المالية لهذا النوع من الاقتصاد تكون معظمها في السوق عن طريق توريد بضائع أو شراء خامات .. بالإضافة إلي خوف الكثير من العاملين في هذا النوع من الاقتصاد بسبب إجراءات فتح الحسابات البنكية وعدم وجود مهنة محددة في بطاقة الرقم القومي. ويضيف النحاس أن هذه المبادرة تهدف إلي زيادة الحسابات البنكية في معظم البنوك المحلية خاصة أن عدد الحسابات البنكية حالياً لا يتجاوز 9 ملايين حساب بنكي وهو ما لا يتناسب مع الخطوات الإصلاحية التي تتم في الاقتصاد المصري .. كما أن أحد شروط صندوق النقد الدولي زيادة الحسابات البنكية والتي من المفترض أن تتراوح مابين 25 إلي 30 مليون حساب علي الأقل .. مشيراً إلي إن البنوك حالياً لايوجد بها القوي البشرية ذات الكفاءة العالية المدربة علي استيعاب عددد اكبر من العملاء .. بالإضافة إلي عدم وجود نظام بنكي حديث يمكنه استيعاب الزيادة الهائلة التي يمكن أن تحدث بسبب زيادة هذه الحسابات.