الكاتب والمؤرخ عرفة عبده علي المتخصص في تاريخ اليهود في مصر وتاريخ القاهرة ومعالمها استطاع أن يقدم للمكتبة العربية كتابا صدر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في سلسلة حكاية مصر تحت عنوان »مصر بعيون نسائية أوروبية»، الكتاب يضم رؤية ست عشرة من النساء الأوربيات لمصر ،جئن إليها لأسباب متباينة، فمنهن الطبيبات والروائيات والسائحات والصحفيات وباحثات التاريخ والانثربولوجي والمعلمات اللاتي كن يقصدن الحج إلي القدس ،فمكثن في مصر وكتبن مشاهدتهن وتجاربهن مع مختلف الناس من مختلف الطبقات وفي عشرات البلدان المصرية، في مدي زمني يمتد لمئة وخمسين عاما بين القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين. يقول المؤلف في مقدمة كتابه: »شغفي بأدب الرحلة أوحي لي بفكرة هذا الكتاب وخاصة كتابات النساء لأنهن لديهن اهتمام ادق بالتفاصيل كطبيعة نسائية في كل زمان ومكان، كانت اقامتهن في بلادنا كإطلالة النجوم ومذكراتهن ويومياتهن وسيرتهن ستبقي جزءا من تاريخ مصر ومن تراث الإنسانية »، »في تصوري أن أدب الرحلة زاخر بالمعارف العلمية في أسلوب شديد التنوع». يبدأ الكاتب رحلته المعرفية من خلال هؤلاء النساء بالرحالة البريطانية »إلزا فاي» التي رافقت زوجها المحامي البريطاني خلال رحلته البحرية إلي الهند فانتهزت الفرصة لزيارة القاهرة والقيام برحلة في النيل إلي صعيد مصرفي أواخر 1779ودونت مشاهداتها وانطباعاتها في كتاب بعنوان »رسائل من الهند». ثم تناول الكتاب تجارب كل من الطبيبة الفرنسية سوزان فوالكان بنت الشعب التي جاءت لمصر ضمن ارسالية الاخوات السان سيمونيات، ثم تجربة صوفيا لين بول شقيقة المستشرق البريطاني الأشهر »إدوارد لين بول » وقدمت كتابا تناولت فيه بعض الأفكار العامة عن الأوضاع الاجتماعية حينذاك التي تخص المرأة الشرقية، ثم عرفنا حكايات الروائية هارييت مارتينو وكتابها »الحياة الشرقية» وبعدها توقف بنا المؤرخ عند فلورنس نايتنجيل ومسز كاري ومدام اولمب ولويز كوليه واميليا وغيرهن ممن وقعن في حب مصر فلم يملكن غير الكتابة عنها من خلال مدونتهن وكتبهن اللاتي صارت بمثابة الوثائق التاريخية، وينقلنا المؤرخ عرفة عبده من تجربة رحالة إلي أخري بأسلوب سلس ومشوق كي نري بعيون هؤلاء النساء ما لا نراه أحيانا لأنه يبدو لعيوننا شيئا طبيعيا بينما يراه الغريب شيئا مميزا لم نكن نعرفه عن بلدنا وفي سطور الكتاب طرح المؤرخ سؤالا مهما: ما الذي جذب هؤلاء الرحالات الاوربيات إلي الشرق وخاصة مصر ؟ وأجاب مما لا شك فيه أنهن تأثرن في البداية بالحكايات والروايات المثيرة عن الشرق الغامض الساحر وبلاد الف ليلة وليلة ثم اكتشفن سحر عوالم أخري.. الكتاب متعة فنية تستغرقك في رحلة من نوع خاص من خلال انطباعات ومشاهدات تلك النساء الاوربيات.