ورحل الكاتب يوسف الشاروني . ملامحه تعكس صورة الأب الطيب، الذي يعشق أبناءه، لم يترك ندوة أو لقاء أدبيا أو ثقافيا إلا وتجده يجلس فسي الصفوف الأولي، يستمع للأدباء الشباب ويقف بجوارهم يشجعهم ويربت علي أيديهم ويشجعهم علي التواصل علي الكتابة. أول مرة التقيت معه، كان في نادي القصة، شرفت بمناقشته القيمة لروايتي »شمس تشرق مرتين» كنت يومها في أشد حالات خوفي وقلقي لمناقشة روايتي من قامات أدبية لم يكن لي بهم معرفة من قبل وكان الكاتب الكبير يوسف الشاروني يتوسط المنصة، وبدأ المناقشة الحنونة مما جعلني أشعر بارتياح شديد واحتمال لأي نقد يمكن أن يوجه لي من النقاد الآخرين جاءت كلماته الطيبة لتأخذ مني القلق، حين شرع يتحدث بعين الناقد الثاقبة ، وكانت آخر مرة رأيته منذ أقل من شهر في قاعة المجلس الأعلي للثقافة يتابع ندوات ثقافية كنت مشاركة في إحداها حول الروائي الراحل نجيب محفوظ بمناسبة ذكراه ، ورغم ظروفه الصحية كان حريصا علي المشاركة والمناقشة ، وبعد انتهاء الندوة أخبرني برغبته الشديدة بنشر إحدي مجموعاته القصصية في سلسلة كتاب اليوم ، ودار بيننا حوار ضاحك حول كتابه الأخير الذي تناول فيه نقدا عن روايتي وأوصاني بالكتابة عنه ولكني وجدت في هذا الكتاب حرجا شديدا لكوني أحد الذين تناول أعمالهم بالنقد .كان رحمه الله شديد العشق بالثقافة والأدب والنقد لم تفت ندوة أو لقاء دون أن يشارك فيه. يوسف الشاروني كاتب قصة قصيرة من طراز فريد، كتاباته تتسم بالبساطة والعمق، تقرأ قصصه وكأنك تسمع صوته في أصوات أبطاله، حكاياته تتسق والمجتمع المصري الذي عاصر كل المراحل التاريخية والتي عكسها في كتاباته من خلال الواقع الاجتماعي. وله العديد من المؤلفات منها العشاق الخمسة رسالة إلي امرأة، الأم والوحش كما نشرت له الهيئة المجموعات القصصية الكاملة في جزءين. وقد ترجمت أعماله إلي الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية.وقد حصل الراحل علي العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 2001 والتشجيعية في القصة القصيرة في 1969.