1.5 مليون عامل في مهب الريح .. وإغلاق 7 آلاف مصنع 50 ٪ من الملابس الجاهزة مستوردة بطرق غير شرعية عندما تتحدث لغة الأرقام فدائما تكشف عن الواقع .. والواقع يؤكد ان صناعة الملابس التي يعمل بها أكثر من 1.5 مليون مواطن تراجعت كثيرا كنتيجة طبيعية لإهمال الصناعات في مصر بشكل عام في الاعوام السابقة والتوجه المباشر والمتعمد للاستيراد من الخارج وكان لهذا اثره المباشر علي الصناعات في مصر وتحديدا صناعة الملابس التي تراجعت في الآونة الأخيرة لتصل الي 3% فقط من حجم الصادرات العالمية في هذا القطاع. الأرقام والاحصائيات تكشف ايضا عن ان عدد مصانع الملابس في مصر يقترب من 12 ألف مصنع، وتم إغلاق حوالي 60 % من مصانع الملابس أي حوالي 7000 مصنع، وتم تسريح 55% من العمالة نتيجة تراجع عمليات الإنتاج، ولجوء أغلب هذه المصانع لخفض طاقاتها الإنتاجية من أجل تقليل الخسائر التي لحقت بهم. صناعة الملابس الجاهزة كانت من اقدم الصناعات التي عرفتها مصر حيث بدأت في القرن التاسع عشر بإنشاء الشركة الأهلية للغزل والنسيج ويعتبر عام 1927 البداية الحقيقية لهذه الصناعة حيث بدأ بنك مصر بإنشاء مجموعة من الشركات بدءا من شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبري وتحولت بعدها مصر من دولة مستوردة للغزل إلي دولة مصدرة له في عام 1949. ويؤكد يحيي زنانيري رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة باتحاد الغرف التجارية ان صناعة الملابس في مصر اصبحت تواجه خطرا حقيقيا وهناك حالة ركود غير عادية يشهدها سوق الملابس الجاهزة في مصر وضعف شديد للقوة الشرائية عند المواطنين بصفة عامة ولذلك طالبنا وزارة التموين بتقديم موعد الاوكازيون لإنقاذ ما يمكن انقاذه. واوضح ان حركة البيع في سوق الملابس الجاهزة تواجه هبوطا حادا خلال الاشهر القليلة الماضية ويكفي القول ان ماتم بيعه من منتجات للملابس الجاهزة لم يتعد 10 % من اجمالي المنتجات الموجودة بالأسواق والمحال التجارية فكان من الافضل للتجار ومصانع الملابس الجاهزة التضحية بجزء من الارباح والمكاسب في سبيل ان يبيعوا منتجاتهم. واشار الي ان حوالي 90 % من المحلات تشارك هذا العام في الاوكازيون الشتوي ولكن البضائع داخل هذه المحال من حق البائع ان يقرر نسبة الخصم عليها او يشارك ببعضها في الاوكازيون ويبيع باقي المنتجات بالسعر العادي. واضاف رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة أن اهم المشاكل التي تواجه انتاج الملابس في مصر تتمثل في الغزو الصيني للسوق المصرية والملابس المهربة بأسعار مغرية، وهو الذي أدي لإغلاق مصانع عديدة وتحول أصحابها لمستوردين. مؤكدا أن 50% من الملابس الجاهزة الموجودة في السوق المصرية مستوردة بطرق غير مشروعة ومهربة وتهدد المنتج المصري لذلك لابد أن تبذل الجهات الرقابية أقصي جهد لوقف عمليات تهريب الملابس حتي نحمي الصناعة المصرية. حملات علي الأسواق ومع بدء موسم الاوكازيون كل عام يقوم جهاز حماية المستهلك بإعداد خطة عمل تضمن حق المواطن في الحصول علي سلعة جيدة ومخفضة وحمايته من جميع انواع الغش والتضليل ويعد الاوكازيون الشتوي هذا العام بمثابة طوق النجاة للمواطن الذي عجز عن شراء الملابس الشتوية لارتفاع اسعارها وفي البداية يقول عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك ان الجهاز اعد غرفة عمليات للقيام بحملات ميدانية مكثفة الاسابيع القادمة للتأكد من التزام التجار خلال فترة الأوكازيون الشتوي الذي سيستمر لمدة شهر ونصف الشهر. وقال يعقوب انه سيقوم شخصيا ومعه عدد من المحققين القانونيين الحاملين لصفة الضبطية القضائية بحملات علي الأسواق وفق خطة محددة تتضمن المرور علي عدد من المولات الكبري والأسواق التجارية المشتركة بالأوكازيون بالمحافظات للتأكد من التزام التجار بالاعلان عن تخفيضات حقيقية خلال فترة الأوكازيون الشتوي والتصدي للاعلانات المضللة عن أية تخفيضات وهمية تؤدي الي خلق انطباع غير حقيقي لدي جمهور المستهلكين. وأضاف أن الجهاز حريص علي تبصير المستهلكين من خلال تبني سياسة »الوقاية خير من العلاج» بانتهاج إجراءات استباقية لتوعية وتنبيه المستهلك بهذه الممارسات الضارة بحقوقه وارشاده لاتخاذ قراراته السليمة في معاملاته بالأسواق. وأكد رئيس جهاز حماية المستهلك علي أهمية استمرار هذه الحملات المكثفة لضبط الأسواق من عمليات الغش والتدليس بما يضر بحقوق المستهلك بالإضافة إلي تنمية ثقافة حماية المستهلك وتشجيع المستهلكين علي التمسك بحقوقهم مشيرا إلي مواصلة هذه الحملات خلال الفترة المقبلة. ودعا المستهلكين إلي معاونة الجهاز في ضبط الأسواق من خلال الاهتمام بالإبلاغ عن أية شكاوي لديهم حتي يتمكن جهاز حماية المستهلك من اتخاذ الإجراءات ضد المخالفين وضبط الاسواق. منافسة غير عادلة اما الخبراء فارجعوا هذا التدهور في صناعة الملابس الجاهزة نتيجة لعدة اسباب حيث اكد عبد الفتاح ابراهيم رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج ان هناك العديد من المشكلات التي تواجه صناعة الملابس الجاهزة في مصر اهمها ان الشركات والمصانع العاملة في هذا القطاع »مخسرة» وليست خاسرة لان هناك فارق كبير بين المعنيين لانها تبيع بأقل من التكلفة حيث تستلم المواد الخام عالية التكاليف وتقوم بإضافات اثناء التصنيع وفي النهاية تباع منتجات الملابس بأقل من التكلفة او تضطر بعض المصانع لبيع منتجاتها بأسعار مرتفعة فلا تجد اقبال عليها من المواطنين وذلك بسبب المنافسة غير العادلة في السوق ونتيجة عمليات التهريب التي أغرقت السوق المحلي وايضا نتيجة لقلة الجمارك علي الواردات من الأقمشة وظهور اكثر من منطقة حرة تجعل إغراق السوق بالمنتجات وكأنه مشرع وغيرها من العوامل التي أدت الي تدهور تلك الصناعة التي تحتاج الي حزمة من الاجراءات ولابد ان تنتبه الحكومة انه لا إصلاح لصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر بدون إصلاح حقيقي لمناخ العمل والاجراءات التي تعيق الصناعة. المستورد يكسب ويعترف صبري حسين صاحب مصنع ملابس بأن المنتجات المصرية لا تستطيع منافسة المستوردة وذلك لنقص الخامات الجيدة كما أن المستوردة يتم تسويقها بشكل مدعم وبالتالي تكون أسعارها منخفضة في الوقت الذي تسوق فيه المنتجات المصرية بأسعار مرتفعة لعدم حصولها علي الدعم. وأضاف أن ارتفاع تكلفة الخدمات والماكينات والخامات والإكسسوارات الداعمة لهذه الصناعة يؤدي إلي ارتفاع سعر المنتج المحلي في الوقت الذي لايجد أصحاب المصانع أي شكل من أشكال الحماية من الدولة لهذه الصناعة. ويقول أشرف فوزي صاحب مصنع للملابس ان مستقبل صناعة الملابس الجاهزة في خطر ومهدد بالانقراض بعد أن فقدنا مكانتنا في السوق كمصنعين وفقدنا أيضا العمالة الماهرة، فعمال الملابس الجاهزة تسربوا بحثا عن الرزق وفي الوقت ذاته باتت المصانع لا تعمل إلا في المواسم والأعياد بما يوازي 3 شهور في السنة وقال فواز انه تعرض لخسائر مالية تزيد علي المليون جنيه هذا العام بسبب المنتج المستورد وأن جميع أصحاب المصانع خسروا ملايين الجنيهات خلال العام الماضي. ويتفق معه في الرأي محمد عبد السلام، صاحب مصنع ملابس: ويضيف أن مشاكل صناعة الملابس الجاهزة في مصر بدأت بسبب الإغراق بالبضائع المهربة، وغياب العمالة وارتفاع أسعار الخام وعدم دعم زراعة القطن، حتي اوشكت أغلب مصانع الملابس الجاهزة علي الإغلاق، لعدم قدرتها علي منافسة المنتج المستورد، وبعض المصانع أغلقت واخري بشكل جزئي، كما أن المنتج المستورد يدخل مهربا بلا جمارك او ضرائب مبيعات وبالتالي سعره أقل من المنتج المحلي. وأضاف: نضطر الآن للعمل في المواسم وقمنا بتسريح أغلب العمالة والعمل وردية واحدة لقلة الاقبال علي المنتج المحلي، والآن نعاني من عدم قدرتنا علي توفير رواتب العمال، وهو الأمر الذي جعل أغلب المصنعين يفكرون في غلق المصانع والتحول لاستيراد الملابس من الخارج، لتحقيق ربح يفوق أضعاف الصناعة المحلية.