سبحان مغير الأحوال.. فقد عهد لي صديق مقيم في الخارج، بأن أنوب عنه في إجراءات تركيب خط تليفون أرضي في مسكنه بأحد الأحياء الجديدة بالقاهرة.. ولما ذهبت إلي السنترال المختص، وجدت مكان استقبال الجمهور نظيفا ومزودا بالمقاعد، والابتسامة علي وجوه الموظفين، والرد علي الاستفسارات بغاية الأدب والاهتمام، والتعليمات معلقة في المدخل بان رسوم التركيب خلال ديسمبر الحالي 051 جنيها فقط بدلا من 004 جنيه، تشجيعا للجمهور علي التعاقد، بقرار رئيس شركة الاتصالات، كما فعل في سنوات سابقة.. مما يحقق إيرادات هائلة وضخمة تحولها الشركة للخزانة العامة للدولة. وفي ربع ساعة تقريبا كنت قد انتهيت من الإجراءات، وأخطروني بان تركيب الخط سيتم بعد ثلاثة ايام فقط بعد ان يبلغوني بذلك هاتفيا.. وهو ما حدث بالفعل! ولقد أدهشني ذلك جدا، لأني أختزن ذكريات أليمة من تعاملاتي مع الأجهزة الحكومية علي مدي عمري.. سوء معاملة.. وتلاكيك.. وتعقيدات.. وشهور تمضي من المعاناة والترقب والانتظار، ووساطات، قبل ان تحدث المعجزة ويتم المراد، هذا إذا كانت هناك خطوط أصلا، وتعمل بانتظام، ولا تجبر المستثمر طالب الاتصال -مثلا- بالسفر إلي بيروت ليتصل من هناك، حتي لا تتعطل مصالحه ويخسر أضعاف ما ينفقه في سفره إلي لبنان! كانت أياما سوداء في الستينيات وأوائل السبعينيات، حيث انهارت المرافق العامة، وتهالكت الطرق ووسائل المواصلات، لأنه »لا صوت يعلو علي صوت المعركة«، ثم لم تكن هناك هذه المعركة، بل هزيمة 5 يونيو 76 المشئومة، نتيجة أخطاء القيادات السياسية والعسكرية، التي ندفع ثمنها حتي الان !! في الستينيات وأوائل السبعينيات كنا في جريدة »أخبار اليوم« نلجأ ونستعين بزميلنا الصحفي اللامع عبدالعاطي حامد، رحمه الله، لكي يتوسط لنا عند صديقه رئيس هيئة التليفونات المهندس مقبل بدراوي لكي نفوذ بخط، أو نصلح عطلا، أو ننقل التليفون لعنوان جديد، وكان انتظارنا -رغم الواسطة- يستمر شهورا.. أما الآن، فقد حققت رغبة صديقي في ثلاثة ايام ، بدون أي واسطة أو شفاعة! ولكم أتمني أن يأتي يوم يحدث فيه ذلك في جميع اجهزة الدولة والشركات بدون بهدلة ولاغرامات !!