مع قدوم العام الميلادي الجديد.. تشرف الدنيا قاطبة آفاق السلام.. فالسلام هو أمل البشرية ومعقد رجائها.. ركيزة أمنها واستقرارها ورخائها. بالسلام اتصلت الأرض بنور السموات.. وإليه دعا الأنبياء. وبه جاءت الرسالات.. من يعملون من أجله.. من يقودون أو يحرسون مسيرته.. من يرفعون بين الناس رايته.. هم صفوة البشر وخير الأنام.. إليه دعا السيد المسيح عليه السلام.. وحث أتباعه علي أن يصنعوا السلام ونسب صناع السلام إلي الملكوت الأعلي.. بقوله »طوبي لصانعي السلام.. لأنهم أبناء الله يدعون» ثم جاءت الرسالة الخاتمة لتعلي من قدر السلم والسلام.. وليأتي ذكرهما في عشرات المواضع من القرآن.. وليقرر الإسلام.. أن السلام هو ما ينبغي أن يكون عليه خلق المؤمن وسلوكه.. وهو ما يجب أن تتسم به علاقته مع ربه.. ومع نفسه.. مع وطنه.. ومع الناس أجمعين.. وليكون السلام هو غاية المؤمن ووسيلته.. أساس عقيدته.. وجوهر عبادته.. وكيف لا والسلام »لغة» هو مصدر الإسلام.. والإسلام هو.. هو فعل السلام.. وقد بلغ السلام ذروة قيمته.. وقمة شرفه ومقداره وكرامته.. حين جعله الله اسما من أسمائه الحسني.. ذلك قوله »الله لا إله إلا هو الملك القدوس السلام» من هنا كان السلام للمؤمن إلها معبودا. وصراطا ممدودا.. وسلوكا محمودا.. ورجاء وأملا منشودا.. هو رفيق المؤمن في كل حالاته.. في حركاته وسكناته.. في صلواته ومعاملاته. في لقائه بغيره.. في إنفراده بذاته.. ثم إن السلام بين الأمم هو ذروة الذري.. وهو قمة القمم.. هو المودة والوئام.. تحجب العداوة والخصام.. هو آلة البناء والنماء.. بعيدا عن معاول الهدم.. وأسباب الفناء.. ولقد كان العنف والإرهاب. صنوا لحرب البغي العدواني.. فكلاهما معول للدمار وآله للخراب.. وكلاهما وحش كاسر يغتال السلام.. ويقضي علي الوئام.. ويتعس الأنام. الا.. فليكن العام الجديد. فاتحة خير. وبشير يمن علي البشرية المعذبة المكلومة.. وعلي الإنسانية المنكوبة المصدومة. ليكن عهدا وميثاق شرف للعمل الجاد الدؤوب من أجل إحلال واستكمال مسيرة السلام.. وإبعاد شبح الحروب والإرهاب وإٍقرار المودة والألفة والوئام.. ولتظل مصر الكنانة كما أرادها الرحيم الرحمن.. واحة للأمن والإيمان.. نموذجا للوحدة.. والسلام والاستقرار والاطمئنان.