قمة الاستهانة بعقول المستهلكين وخاصة القطاع العريض من محدودي الدخل..! هذا أقل وصف لما أقدمت عليه الشركة القابضة للصناعات الغذائية واعتبرته فكرة جديدة للقضاء علي أزمة السكر حيث قامت بالتنسيق مع احدي الشركات التابعة لها وهي شركة تسويق الأرز بإقامة منافذ متحركة علي السيارات لبيع السكر والأرز والمكرونة. فكرة المنافذ المتحركة لا غبار عليها من حيث المبدأ، لكن التفاصيل تؤكد أنها ليست سوي فكرة للضحك علي ذقون المستهلكين باعتبارهم بلهاء سوف يشربون هذا المقلب الساذج.. فالسكر يباع ب5 جنيهات للكيلو من خلال تلك السيارات التي تجوب شوارع مصر خاصة الميادين العامة.. وهو نفس السكر الذي يباع في المجمعات الاستهلاكية بثلاثة جنيهات ونصف الجنيه للكيلو وكان من المفروض أن يتجه إلي المجمعات وليس للإتجار به من خلال سيارات متجوله! فكرة تقترب إلي حد كبير من وظيفة »الدلالة« التي تشتري السكر وغيره من السلع التموينية من المجمعات الاستهلاكية وتعيد بيعه بنفس الأسلوب وان كان الاختلاف الوحيد هو عدم قدرة الدلالة علي البيع من خلال سيارات! وأطرف ما قاله د. أحمد الركايبي رئيس الشركة القابضة وهو بالمناسبة صديق عزيز أن هناك اقبالا كبيرا من المواطنين علي شراء السكر من المنافذ المتحركة. والأطرف ما قاله ابراهيم الدسوقي رئيس قطاع شركات السلع الغذائية بأنه تم بيع 05 طنا من السكر خلال يومين فقط وان البيع يتم للجمهور بدون حد أقصي وبدون تحديد أي كمية للفرد! ما قاله الركايبي ودسوقي صحيح مائة في المائة فالمواطنون لم يجدوا أمامهم سوي هذه السيارات المتجولة ولو كانوا وجدوا السكر في المجمعات ما كانوا لجأوا إلي شراء كيلو السكر ب5 جنيهات بينما يباع في المجمعات ب5.3 جنيه! لو كانت الشركة القابضة جادة في توفير السكر بالمجمعات ما كانت قد لجأت إلي هذه الفكرة الجهنمية التي تقترب من وظيفة السوبر ماركت الخاص أو بشكل أدق وظيفة »الدلالات« والتي كادت تختفي لولا حرص الشركة القابضة علي إعادتها من جديد باعتبارها من التراث!