أخيرا وبعد طول انتظار استشعرت الحكومة حالة عدم الارتياح من القانون الحالي للاستثمار وأعدت قانونا جديدا لعله يلقي القبول ولا يكون مثل الذي تم » سلقه » خلال الساعات التي سبقت المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ في مارس الماضي ليخرج مهلهلا ومتضاربا في مواده ليتم تعديله من خلال »استدراك» بالجريدة الرسمية في سابقة ربما تكون الأولي.. والأخيرة !.. ما علينا من هذا وذاك، دعونا نطرح سؤالا مهما : هل القانون وحده يكفي ؟ الإجابة بالقطع لا وألف لا.. فالمهم والأهم هو مناخ الاستثمار، وعلي حد قول د. زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي ورئيس هيئة الاستثمار الأسبق فإن هناك اتفاقا علي أن آلية الاستثمار تحتاج إلي مراجعة شاملة ، وقد عبر عن ذلك صراحة خلال اللقاءات التي نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية مؤخرا عندما أشار إلي أن معظم الدراسات المطلوبة موجودة في الأدراج ، بمعني أننا لن نبدأ من الصفر.. وبالقطع كان لابد أن يتطرق د. بهاء الدين للقرارات الاقتصادية الأخيرة مؤيدا إياها مع تحفظه علي قرارات رفع أسعار الطاقة وقد برر ذلك بالقول إنه لم يكن وقتها .. المهم أن مصر كما قال أصبحت بالنسبة للمستثمر الأجنبي شديدة الرخص وجاذبة للاستثمار، ومع ذلك فإن الاستثمار بمصر شديد الصعوبة ! .. وهو يري أنه لم يعد مقتنعا بأن قانون الاستثمار هو الوسيلة المثلي لجذب الاستثمارات الأجنبية، وإذا كان ولابد فما الداعي للتنازل عن حصيلة ضريبية تتمثل في الاعفاءات المقترحة في القانون الجديد، فالاستثمارات سوف تأتي طواعية دون تلك الاعفاءات التي تخلق كما كبيرا من التلاعب والفساد، أضف إلي ذلك أن الدول التي يأتي منها المستثمر الأجنبي لا تحصل منه علي ضرائب لو دفعها بمصر في ظل اتفاقيات منع الازدواج الضريبي ، وفي حالة عدم دفعها بمصر عندما تطبق الاعفاءات فإن دولته تطالبه بدفع تلك الضرائب ومن ثم لا فارق لدي المستثمر .. إذن الاعفاءات غير جاذبة للاستثمارات الأجنبية ، ثم إن منح الاعفاءات يعني تنازل الدولة عن مواردها .. ونفس الرأي يراه عمر مهنا رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية بقوله إن الإعفاءات الضريبية لا تجذب الاستثمارات بل إنه مناخ الاستثمار وما يشمله من قضاء سريع وناجز وشفافية وتطبيق للقانون !.. هذا ولم يغب دعم الصادرات عن ذهن د. بهاء الدين معتبرا أنه لم يعد له داعي في ضوء تحرير سعر الصرف الذي أضاف ميزة كبيرة تزيد من تنافسية الصادرات بالأسواق العالمية مما يزيد من حجمها دون الحاجة للدعم الذي يجب أن يوجه لبرامج تدعم الصناعة وفتح أسواق جديدة للصادرات.. وكذا لم ينس إبداء اعتراضه علي منح الأراضي مجانا للمستثمرين، فالأراضي بالمجان من المفروض أن تكون مقابل إدخال البنية الأساسية وإلا سوف يقوم الحاصلون عليها بتسقيعها وإعادة بيعها بعد عدة سنوات بالملايين! وبعد.. فإنه من المهم عدم إغفال كلمات مهمة للدكتورة عبلة عبد اللطيف المديرة التنفيذية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية والتي عبرت عن رأيها بالقول إن إصدار قانون للاستثمار ثم تغييره ثم إصدار تعديلات يعتبر أمرا مستفزا، ولذا فإنها تطالب بجدول زمني لكل الإصلاحات المطلوبة .. وألا تترك للأهواء!