امام تصاعد الازمة الاقتصادية وزيادة العجز في الميزانية العامة التي تعاني منها ايطاليا وتدهور الوضع المالي لكثير من دول الاتحاد الاوروبي بدا القلق والخوف يسيطر علي خبراء المال والاقتصاد بل ومسئولي الحكومة ايضا من وقوع ايطاليا في مستنقع الافلاس المالي وطلب انقاذها بدعم مالي من دول الاتحاد مثل ما تم مع ايرلندا والبرتغال بما يعرض الوحدة النقدية »اليورو« الي مخاطر اقتصادية جسيمة تمحو بعواصفها المدمرة سنوات الرخاء والانتعاش التي عاشتها الاسر الايطالية منذ السبعينات وامام هذه المشاهد العصبية التي يشهدها الاقتصاد الايطالي وتعاني منها ميزانية الدولة لم تجد الحكومة الايطالية امامها الا اتخاذ قرار سريع وعاجل للحد من الاثار السلبية والعواقب الوخيمة للازمة التي تعاني منها البلاد هو اطلاق يد كل رئيس اقليم ومحافظة لاقرار مايرونه مناسبا من فرض ضرائب جديدة علي بعض الانشطة والاعمال والخدمات والاملاك لفتح ابواب جديدة لموارد مالية من اجل انفاقها علي تحسين البنية الاساسية وخدمات ومرافق داخل كل اقليم ومحافظة دون تدخل الحكومة المركزية. ويهدف هذا القرار إلي تخفيف الاعباء علي ميزانية الدولة من جهة ودفع كل رئيس اقليم وحاكم مدينة لتحمل مسئوليته في العمل والتفكير في ايجاد مصادر وموارد مالية جديدة لانفاقها علي الخدمات العامة وفتح اسواق عمل جديدة لمواطنيه دون انتظار تدخل الحكومة المركزية. وقد حذر جاني ليتا مستشار رئيس الحكومة الايطالية والذراع اليمني لسيلفو بيرلوسكوني من عواصف الازمة المالية التي هبطت بريحها المدمرة علي بعض الدول الاوروبية ووصولها إلي ايطاليا وعبر عن مخاوفة من احتمال تعرض البلاد لهزة اقتصادية عنيفة اذا نالتها عواصف الازمة المالية التي نالت من ايرلندا والبرتغال. ويري خبراء الاقتصاد ان قرار الحكومة الاخير بالسماح لحكام المدن ورؤساء الاقاليم بتوفيراحتياجاتهم المالية اللحة بمفردهم دون اللجوء إلي الخزانة العامة للدولة يعد من اهم الروشتات العلاجية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا فقد مكنت حاكم مدينة روما علي سبيل المثال من فرض مبالغ قليلة علي فاتورة اقامة كل سائح في فنادق المدينة بمعدل 3 يوروات في اليوم للاقامة بفنادق الخمس نجوم و2 يورو في اليوم بفنادق اقل من الخمس نجوم وبهذه الطريقة استطاع حاكم روما تحصيل عشرات الملايين من اليوروات من مصدر واحد فقط وهو السياحة دون تحمل ابناء مدينته اي اعباء لانفاقها علي تحسين خدمات المدينة التي سوف تعود بالفائدة ايضا علي السائح الذي يتجول في شوارع روما ليتمتع بحضارتها وتاريخها العريق. كما بدأ حكام المدن باعادة تنظيم قواعد مرور السيارات من خلال فرض رسوم اضافية علي تصاريح دخول السيارات وسط المدن واعادة انفاقها علي اصلاح الطرق والميادين من اجل تحسين مستوي الخدمات العامة.. يعتبر خبراء الاقتصاد ان نظام تحصيل الضرائب المحلية الجديد من خلال بعض الانشطة المميزة واعادة انفاقها داخل كل مدينة يساهم في تخفيف العبء علي ميزانية الدولة التي تعاني من عجز كبير يهدد بحدوث ازمة مالية كبيرة تتعرض لها البلاد. ومع زيادة نسبة البطالة بين الشباب التي وصلت في كثير من مدن جنوب ايطاليا إلي اكثر من 03٪ وامام تسريح عشرات الآلاف من العمال من مصانعهم بعد غلقها بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وعدم ايجاد فرصة عمل اخري في كثير من الشركات والمصانع والادارات الحكومية بدأحاكم كل مدينة ورئيس اقليم التفكير في توسيع دائرة اصدار تصاريح للانشطة الخاصة لكل من يريد فتح مكتب خاص لممارسة اعمال خدمات للمواطنين في مقابل رسوم يحددها سوق العمل مثل مكاتب خدمات تقوم باستخراج ما يحتاجه المواطن من مستندات رسمية من الجهات الحكومية في مقابل رسوم تدفع له وتعتبر هذه الانشطة سلاحا ذا حدين فمن ناحية تخفف تكدس المواطنين امام شبابيك المصالح الحكومية للحصول علي مستندات خاصة بهم ومن ناحية اخري، تفتح مجال عمل ونشاط جديد للشباب دون أي اعباء استثمارية يحتاجها الشاب لبدء نشاطه التجاري باستثناء محل ايجار يصرح له من المحافظة لممارسة عمل خدمات للمواطنين ويعتبر هذا النموذج احدي روشتات علاج البطالة التي تحاول الحكومة الايطالية الحد من زيادة نسبتها خاصة بين الشباب. ويري البعض انه علي الرغم من الازمات الاقتصادية التي تعاني منها ايطاليا الآن الا ان اساليب مواجهة تلك الازمات لم تكن ملك الحكومة وحدها بل اصبحت الادارات المحلية تتحمل الدور الكبير في مواجهة تلك المشاكل والازمات التي تقع داخل دائرة سلطتها بما لها من صلاحيات قانونية لاصدار ضرائب اضافية ورسوم وفتح مجالات عمل جديدة من خلال التفكير لاصدار تصاريح لانشطة جديدة خاصة تسمح لأي مواطن ممارستها دون اعباء مالية في بداية تأسيسها للحصول علي دخل يمكنه من سد تكاليف حياته الاساسية وتكوين اسرة جديدة. وتعتبر الروشتة الايطالية التي قررتها الحكومة في الفترة الاخيرة للعمل بها في المدن والاقاليم نموذجا يمكن للمتخصصين في مصر بحثه والاستفادة من نتائجه لمواجهة البطالة بين الشباب وتحسين مستوي خدمات المدن بعيدا عن ميزانة الدولة.