عبدالغفار شكر عاشت مصر زمناً طويلاً يتولي فيها كبار المسئولين مناصبهم دون معرفة الأسباب التي دعت إلي ذلك ويخرج كبار المسئولين من مناصبهم أو يستقيلون دون أن يعرف الشعب أسباب ذلك، وكأن تولي المسئولية والخروج منها لا يعني الشعب رغم أنه الطرف الأساسي في المجتمع الذي يدفع ثمن ذلك . وقد تغير هذا الوضع في استقالة المستشار أحمد مكي وزير العدل والدكتور محمد فؤاد جادالله المستشار القانوني لرئيس الجمهورية ونرجو أن يستمر ذلك مستقبلاً حيث أعلن كل منهما أسباب استقالته وحرص علي إعلانها دون تحسب لما يمكن أن يترتب علي ذلك من آثار بالنسبة له . فقد أعلن المستشار أحمد مكي في استقالته أن مؤيدي الرئيس يطالبون بإقالته لموقفه الرافض للمساس بالسلطة القضائية، وكان الدكتور جاد الله أكثر وضوحاً منه في تحديد أسباب استقالته وكشف فيها عن نواقص العمل في رئاسة الجمهورية وتناول قضايا حساسة تتصل بالرئيس نفسه ويحسب له هذا كله، وأعتقد أن هذه الاستقالة ستكون إحدي الوثائق الهامة التي يعود إليها المؤرخون للتعرف علي ملامح هذه المرحلة من تاريخ مصر، ولم يكتف بذلك بل عرض رؤيته لأسلوب العمل السليم . وقد كشف جاد الله سبعة أسباب لاستقالته منها عدم وجود رؤية واضحة لإدارة الدولة، والإصرار علي استمرار الحكومة الفاشلة، ومحاولات اغتيال السلطة القضائية، واحتكار تيار واحد لإدارة المرحلة الانتقالية، والعجز عن إدارة حوار وطني يضم جميع القوي، وعدم تمكين الشباب من ممارسة دورهم المحوري سياسياً واقتصادياً وإقصاؤهم، فتح أبواب مصر أمام السياحة الشيعية. تؤكد استقالة وزير العدل والمستشار القانوني الانتصار لمبدأي الشفافية واحترام الرأي العام وهو تطور إيجابي نحييهما عليه، وأخص الدكتور جاد الله بتقدير خاص لحرصه علي تناول المسائل الأساسية في أسلوب إدارة البلاد بما لا يحقق الصالح العام. ورغم اختلافي معه في مسألة السياحة الشيعية التي لا أري أنها تمثل خطراً علي مصر وعلي المذهب السني،إلا أنني أحترم موقفه وحرصه علي تسجيله.