د. سيف عبدالفتاح هذا المشهد المهم الذي تحدثنا عنه ذات مرة وأشرنا إلي وهن الفاعلية من الخصوص إلي الكاتدرائية لنعبر بذلك عن معني غاية في الأهمية يرتبط بإمكانيات الخروج من هذه المشاهد التي تهدد كيان الجماعة الوطنية والعيش المشترك الواحد بين المواطنين في إطار يستدعي أحيانا غطاء الدين بما يحمله من توترات دينية، كان الغرض من هذا التحذير أن ننتقل من مشاهد الوهن التي أصابت مشروع الجماعة الوطنية إلي مشهد يؤسس للفاعلية. كل هذا تداعي إلي ذهني ونحن نُدعي إلي ورشة عمل حول العدالة الوطنية والمساواة في قصر الاتحادية بإدارة مساعد رئيس الجمهورية" الدكتورة باكينام الشرقاوي"، الحدث يمثل خبرة ،لا بد أن نلتقط فيه الفكرة، ومن جوف الفكرة لا بد أن نقتنص العبرة، العبرة في هذا المقام تعني ضمن ما تعني أن القيام بمواجهة عالم أحداث الفتنة وخرائط التوترات الدينية لا يتم إلا من خلال عمل مؤسسي دائم يتناول كل ما يتعلق بهذا الملف، أسبابه وعوامله ودوافعه وخرائطه وكيف يمكن أن يتخذ أي حدث من الغطاء الديني حاجبا له في إطار يثير كل المخاطر وتفجر عالم أحداث وتراكمها . هذا الملف لابد أن يُتعامل معه بميزان حساس قادر علي الوعي بأصول المشكلة والتوجه إلي مداخل الحل الذي يعالجها هذه من جذورها ،ليس فقط تعاملا حينما تنشب الأحداث ولكنه التعامل الذي يستبق الأحداث بآليات مستوعبة ومبتكرة تقدم الحلول الناجعة والأدوات اللازمة والقدرات الجامعة . وفي هذا المقام فإن مشروع الجماعة الوطنية يعبر في حقيقة الأمر عن مشروع وطني وحضاري وسياسي متكامل يؤشر علي كل العوامل التي تؤدي إلي لحمة وتماسك المجتمع بكل أطيافه وتنوعاته إن مفهوم الجماعة الوطنية الجامع ليؤكد علي كيف يمكن لخيوط شبكة المجتمع وشبكة علاقاته أن تتقوي ببعضها البعض وتجعل منها نسيجا قويا يحفظ الوطن ويحمل الوطن، إنها القواعد التي تتعلق بجامعية المواطنة التي تستأهل منا بعد ثورة 52 يناير تحقيق هذا الهدف الذي لم يكن شعارا أو كلاما بل كان عملا وفعلا واقعا علي أرض ميدان التحرير والميادين الأخري، الذي شهد عناصر تمثل وتشكل الجماعة الوطنية بكل أهدافها من أطفال وشباب وشيوخ، من رجل وإمرأة، من ليبرالي أو قومي أو يساري أو إسلامي، من مسيحي أو مسلم، كل ذلك ليس إلا انعكاسا للتيار الرئيسي المصري الذي تخلّق في ذاكرة هذا الوطن عبر التاريخ، إن هذا المشهد الذي يتعلق بالجماعة الوطنية في مواجهة مفهوم الأقلية الذي يمزق الوطن ويؤسس لمشروع استقطاب واستنفار الأقلية من جانب واستفزاز الأغلبية من جانب آخر، لا يعبأ بالمعادلة المجتمعية التي ليس فيها أغلبية أو أقلية، ولكنها تشير بالأساس إلي أصول الجامعية وحقائق الإجماع الوطني والتوافق السياسي والعقد المجتمعي الجديد، هنا فقط يتحول مشهد الجماعة الوطنية إلي مؤسسات تحميه ،وإلي مشروع نعمل جميعا علي تأسيسه وتمكينه لنعمل لمصلحة الوطن وتبنيه والمواطن فتكرمه وتُرقيه.