تنطلق الخميس المقبل.. امتحانات الصف السادس الابتدائي نهاية العام 2025 بالقليوبية    البابا تواضروس يهنئ بابا الفاتيكان.. ووفد كنسي يحضر التنصيب    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    «مشاكل فنية وتراجع كبير في مخزون المياه».. سبب إغلاق بوابات مفيض سد النهضة    انخفاض في سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 19 مايو 2025 بالأسواق    العشري: استراتيجية شاملة لدعم الابتكار وتحفيز النمو الصناعي    الشعب المصري يدفع الثمن : انتهاء المراجعة الخامسة لصندوق النقد وترقبٌ لقرارت صادمة جديدة    ثروة للبترول تعلن زيادة الاحتياطات المؤكدة بمنطقة غرب كلابشة 3.5 مليون برميل    الداخلية السعودية تدعو للإبلاغ عن مخالفي أنظمة الحج    وزير التعليم العالي: القاهرة الكبرى تستحوذ على 41% من موازنة التعليم.. و20% للصعيد    «منتجي الدواجن» يكشف حقيقة نفوق 30% من الثروة الداجنة    انسحاب إسرائيل وإعمار لبنان.. كلمة السيسي في مؤتمره الصحفي مع جوزاف عون    بعد إصابة بايدن بالسرطان.. تفاصيل حالته الصحية ورد فعل ترامب (تقرير)    مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذار بالإخلاء «الفوري» من مناطق في جنوب قطاع غزة    الصين «تؤكد» دعمها لاستمرار الحوار بين روسيا وأوكرانيا لتسوية الحرب الروسية الأوكرانية    تزوجى من غيرى ولا تحرمى نفسك من شىء .. آخر كلمات إيلى كوهين لزوجته فى وصيته    تقارير: مانشستر يونايتد يقترب من إتمام صفقة ماتيوس كونيا    مودريتش على رأس قائمة كرواتيا لمباراتي جبل طارق والتشيك في تصفيات كأس العالم 2026    الزمالك يعلن إرسال مستحقات باتشيكو لإنهاء أزمة إيقاف القيد    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    حملات أمنية لضبط متجري المخدرات والأسلحة والهاربين من تنفيذ الأحكام    النيابة تحقق فى سرقة ملايين الدولارات من مسكن الدكتورة نوال الدجوى بأكتوبر    مصرع ممرضة في حادث تصادم أثناء توجهها للعمل بالمنوفية    «التعليم» تتجه لزيادة وتكثيف الإجراءات التأمينية بامتحانات الثانوية العامة 2025    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    «كتم أنفاسه ب كوفية».. تأجيل محاكمة المتهم بقتل زميله في القليوبية    أسعار تذاكر المتحف المصري الكبير قبل الافتتاح الرسمي.. ومواعيد الزيارات    قصور الثقافة تطلق العروض الختامية لشرائح المسرح بإقليم شرق الدلتا.. الخميس    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    إلهام شاهين تشيد بفيلم المشروع X: «أكشن بمستوى عالمي» (صور)    ركن نجيب محفوظ بمكتبة الإسكندرية.. ذاكرة حيّة لأديب نوبل    متى وقفة عيد الأضحى 2025 في مصر؟.. فضل صيامها والأعمال المستحبة في اليوم المبارك    مجلس الوزراء : لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية منتشرة بين الدواجن    بعد تشخيص بايدن به.. ما هو سرطان البروستاتا «العدواني» وأعراضه    محافظ الدقهلية يتفقد عيادة العباسي للتأمين الصحي    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    باستعدادات استثنائية.. صور من امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية    كشف ملابسات مشاجرة 5 أشخاص في المطرية    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    "أونروا": تضرر وتدمير 92% من المنازل فى قطاع غزة    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    صدامات نارية في إياب ربع نهائي كأس عاصمة مصر مساء اليوم    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    باكستان والهند تردان على "انتهاء وقف إطلاق النار"    "القومي للمرأة" يستقبل وفدا من كلية الشرطة الرواندية وكبار الضباط الأفارقة    "الإدارة المركزية" ومديرية العمل ينظمان احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    إطلاق مبادرة "دمتم سند" لتعزيز خدمات كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    نجم بيراميدز يرحب بالانتقال إلى الزمالك.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطن والمواطنة والمواطن

في مفتتح الأسبوع الماضي اجتمعت نخبة ثقافية وفكرية وسياسية في المقر الجديد لمكتبة الإسكندرية بالقاهرة‏,‏ وكان الموضوع الذي ناقشته ورشة العمل هذه‏,‏ موضوع يتعلق بالتوترات الدينية‏,‏ ورصد خرائطها‏,‏ ومحاولة فهمها‏,‏ فضلا عن قدرات المعالجة المجتمعية لأحداث التوتر الديني‏.‏ كان ذلك تذكرة مهمة لجهد قامت به جماعة من المهتمين بهذا الملف في وقت كانت فيه حكومة الدكتور عصام شرف بعد الثورة. أكدت هذه المجموعة أهمية هذا الملف في اطار يتعلق بالجماعة الوطنية ولحمتها, وقدرات تعايشها ووحدتها, وكانت الفرصة لأن أتحدث عن خبرة' لجنة العدالة الوطنية' التي باعتباره ملفا من أخطر ملفات هذا الوطن, وفي كل الأحوال تطورت هذه الأمور إلي أحداث طائفية تفاقمت في درجتها وتعاظمت في مآلاتها وتأثيرها, وكانت الفرصة في التعبير عن رؤية كلية لهذا الملف لا نراه ملفا طائفيا أو ملفا دينيا أو ملفا أمنيا كما كان يحلو للنظام البائد أن يتحرك فيه أو يحركه, وبدا الأمر مرة تلو المرة ومن خلال هذه النظرة الضيقة المحكومة بتحكمات الأمن مجالا لتلاعب كبير بهذا الملف ومفاصله رغم خطورته وحساسيته.
وفي هذا المقام كان علي هذه اللجنة أن تصحح الرؤية الكلية لهذا الملف في إطار يجمع بين مداخل عدة لزوايا النظر إليه ومجهر الاهتمام به, وبدت خرائط هذا الملف تبدو من التعقد والتعدد والتمدد, وبدت خرائطه المركبةتشير إلي التاريخ القريب بجملة خرائط أحداثه التاريخية, وخرائطه الجغرافية, وكذا خرائطه الدينية, وخرائط الإشكالات الثقافية, وخرائط الخبرات في التعامل مع مشاكل وقضايا وتحديات تتعلق بأزمات الهوية والتكامل القومي, وبدا لنا من ترتيب هذه الخرائط أن نواجه هذا الملف بتراكماته وطبقاته بجغرافيته وخرائطه لنؤكد أن اجتماع المداخل وتكاملها في تفسير هذا الملف هي المدخل الحقيقي والصواب للتعامل مع المعالجة والحل لكثير من قضاياه ومواجهة تحدياته. ويتوجب أن ندخل إلي هذا الملف من خلال المدخل المدني الذي يتعلق بمعاش واجتماع الناس وهو أمر يشير إلي ضرورة ألا ننحبس في دائرة الملف الأمنية أو في دائرته الدينية سواء كان ذلك في التشخيص أو في العلاج وتقديم مقترحات للحل, أما المدخل الذي يترافق مع هذا الأمر وهو مما يمكن تسميته بالمدخل المجتمعيليتحرك هذا الملف ليتشابك مع أحشاء مشاكل المجتمع بأسرها هذا الملف المجتمعي يتحرك صوب' أن رؤية جديدة لصياغة مجتمع جديد كفيلة بأن تبدل منهج النظر لبعض قضايا هذا الملف وقدرات التعامل معه بل والعمل علي إنهائه', إن معان التشابك المجتمعي تعني أكثر ما تعني شمول النظر لطبيعة هذا الملف وشمول المعالجة والحل علي حد سواء.
ومن جملة المداخل التي ترتبط بهذا المنظور يقع ما يمكن تسميته بالمدخل القانوني الذي يجعل من التشريع أداة أساسية للتعامل مع هذا الملف وسد كثير من المنافذ التي تنفذ منها عناصر التعصب وأساليب التمييز ونعرات الطائفية, وحجية هذا المدخل إنما تقع في قلب ما يمكن تسميته بالوظيفة الاجتماعية والمجتمعية للقانون تؤكد علي ارتباط معني المشروعية القانونية بمعان الشرعية المجتمعية وحقائق القبول العام, هذا المدخل القانوني لابد وأن يقوم علي قاعدة من إعمال القيم الكلية المتعلقة بالعدالة والمساواة والحرية من دون تمييز وفي إطار من سيادة ودولة القانون.
ويبرز ضمن منظومة هذه المداخل المدخل الإعلامي الذي شكل في هذا الملف عملا اتصاليا سلبيا, بل إن الأمر لم يقف عند حد السلبية ولكنه انتقل إلي أشكال من الاتصال المفخخ والمفجر والمتفجر, لا شك أن الوقوف حيال هذا المدخل الإعلامييؤكد علي ضرورة معاني المسئولية الإعلامية في ملفات خطيرة تتعلق بمصالح الوطن وجوهر أمنه. إن هذا المدخل الإعلامي في هذا الملف علي وجه الخصوص الذي يتعلق بإقامة العدالة الوطنية وتأسيس قاعدة المساواة العامة يمكن أن يشكل طاقة إيجابية, وحركة فاعلية لو استطاع الإعلام أن يقوم بمهمته التي تتعلق بصناعة الوعي والتنوير الواجب لحقيقة القضية والتعامل معها.كذلك من أهم المداخل المدخل السياسي المؤسسي الذي يتحرك بطاقة المؤسسات السياسية المختلفة من حيث اجتماعها لتكون جزءا من الحل وليست تفاقما للمشكلة. إن مؤسسات الدولة السياسية وعلي رأسها مؤسسة الرئاسة وكذلك مؤسسات الحكومة والإدارة يجب أن تتعاون جميعا في التعامل الحساس مع هذا الملف بكل طاقة وبكل اخلاص يتطلب عمل الجميع وتكافل المجموع.
ويأتي المدخل التنموي والاقتصادي ليعبر عن امكانية حقيقية للتعامل مع هذا الملف بما يحقق مواجهة كل عناصر الافقار التي كان يتبعها النظام البائد ذلك أن الكثير من المشكلات الطائفية تبدو مسكونة بأسباب اقتصادية تتعلق في معظمها للفقر المدقع والجهل المتفشي, ومن ثم يعد المدخل التنموي حركة ايجابية لمعالجة هذا الملف مترافقا مع مداخل أخري ومسالك متنوعة للوقاية والحل.ومن المهم أن نشير كذلك ضمن منظومة هذه المداخل إلي المدخل الأمني الذي يقع في مقامه ومكانه لا باعتباره متحكما في هذا الملف ومفاصله, ويتوج كل ذلك مدخل تعليمي ودراسي وتربوي آن الآوان ليشكل طاقة إيجابية في تحقيق تماسك الجماعة الوطنية والتأكيد علي عناصر العيش الواحد المشترك في اطار من التعايش وإدارة التعدد مهما كانت صوره أو تجلياته, ويتأكد أيضا من جملة المداخل مدخل الجماعة الوطنيةالجامع القائم علي أساس خيار المواطنة والذي يؤسس لمثلث المواطنة والمواطن والوطن, يقع هذا المدخل في مواجهة المدخل الأقلوي الذي يثير ويستنفر الأغلبية والأقلية معا. إن مدخل الأقلية والأغلبية في الساحة السياسية أمر مرغوب ومطلوبأما مد هذا المنطق إلي ساحة المجتمع والاجتماع إنما هو محاولة استنفار كل مداخل الطائفية والتعصب بل ومحاولات ومناورات تفكيك المجتمعات.
وفي هذا المقام فلابد وأن نتوقف عند المدخل المفاهيمي والمعجم المستخدم في الخطاب المجتمعي حول هذا الملف من كلمات حساسة ربما تساهم في تفخيخ الأدمغة وفي تفجير العلاقات. إن الكلمات في هذا الملف الحساس يجب أن تكون بميزان حساس, ويأتي المدخل القيمي الذي يؤصل المعني والمبني المتعلق بمنظومة القيم لتأسيس قاعدة المساواة والعدل والحرية كقيم كلية حافظة للمجتمع وشبكة علاقاته المجتمعية. في هذا السياق يجب كذلك الوقوف عند اسهام كثير من مكونات المجتمع المدني للتعامل مع هذا الملف بما يستحقه من اهتمام من دون تهويل ربما يقع في بعض مصالح تمويلية, إن الأمر يتعلق بمصالح الوطن العليا في ملف لا يحتمل مثل هذا االنوع من التفكير, وهناك مداخل أخري أهمها ألا نقف عند حدود انتظار الأزمات والأحداث الطائفية حتي يمكننا التعامل معها, بل من الضروري أن تكون هناك مداخل وقائية واستباقية واستشرافية تتعلق بهذا الملف, كذلك فإنه من أهم المداخل أن تكون هناك قدرات لاستثمار طاقات في المجتمعات المحلية وفق أصول اللامركزية لإدارة هذا الملف في إطار من حراك سريع وعمليات احتواء في سياق مراصد للانذار المبكر الذي يتحرك بالسرعة الواجبة والفاعلية المطلوبة.
في اطار هذه المداخل المركبة الجامعة لشبكة التفسيرات والمعالجة والبحث عن حلول يكون من المهم أن نحيي ذلك المشروع خاصة أن له من الغطاء القانوني المتمثل في المرسوم الصادر بانشاء مجلس قومي للعدالة والمساواة, الأمر يستحق منا الاهتمام الكافي لتقديم الحل الشافي لمثل هذه الملفات التي تشكل مصدر خطر علي الوطن والمواطن والمواطنة.
المزيد من مقالات د.سيف الدين عبد الفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.