سمىر عبدالقادر ينتابني القلق الشديد كلما قرأت في الصحف أن بعض كبار القيادات والمسئولين السابقين والحاليين من الذين احتلوا أهم المناصب في الدولة قد وجهت إليها الاتهامات، وقدمت ضدهم البلاغات.. ومصدر قلقي هو الخوف من عدم كفاية الادلة والاثباتات فتظهر بعد ذلك براءتهم.. مثلما حدث مؤخرا في قضية الطيران المدني، فقد صدر الحكم ببراءة جميع المتهمين دون استثناءات، ولم يصب مقدم البلاغ أي ضرر أو ايذاء ولم يتعرض لأي مساءلات! ولك أن تتصور ما يصيب هؤلاء الابرياء بعد محاكمتهم من الاكتئاب والاحباط.. وأحيانا يسقطون بالسكتة القلبية اثناء التحقيقات والمحاكمات من شدة حسرتهم علي ما لحق بهم من اهانات. أما عن زوجاتهم واولادهم المساكين.. فلا يمكن وصف ما يحل بهم من بلاء.. وكم تكون الصدمة للاهل والمعارف والاصدقاء!! وهناك مبدأ قانوني يقول أن المتهم برئ حتي تثبت ادانته، ولكن يبدو أن هذا المبدأ لا يطبق عندنا.. فالمتهم يصبح مدانا بمجرد ان تحوم حوله الشبهات.. ويصير مجرما يستحق اشد العقوبات!! وكثيرا ما تساءلت هل يمكن لمن صدر الحكم ببراءتهم أن يعودوا مرة أخرة إلي مناصبهم.. ويزاولوا اعمالهم ومسئولياتهم؟؟ ولكن كيف يستطيعون ذلك بعد أن طعنوا في شرفهم وكرامتهم.. وساءت سمعتهم.. والشرف كما قال فناننا الكبير يوسف وهبي مثل عود الكبريت لا يمكن اشعاله سوي مرة واحدة.. ولو كان مثل الولاعة لاختلف الأمر.. وكان بالامكان اصلاح ما كان.. وهذا المثال يجرنا إلي سؤال.. كيف نرد الاعتبار إلي هؤلاء المسئولين؟ أقول ان هذا من المستحيل.. فالحسرة التي ملأت نفوسهم ليس لها مثيل.. فقد تحولوا بفضل ما لاقوه من اهانات، وبعد ان نشرت اخبارهم وصورهم في الصحف والمجلات.. إلي حطام أو بقايا آدميين.. لا يستطيعون التدبير أو حتي التفكير!! وأرجو ألا يفهم من هذا الكلام.. انني اعارض مبدأ الرقابة علي المسئولين والقيادات واصحاب الاعمال وما يزاولونه من أعمال.. فالرقابة في رأيي ضرورية حتي تستقيم الاحوال.. ونطهر بلدنا من العابثين بالاموال.. ولكن ما أطالب به هو استحداث نص في قانون العقوبات يقضي بمحاكمة ومعاقبة كل من يقدم بلاغا يتهم فيه مسئولا كبيرا أو ناشطا سياسيا أو احد القيادات، ثم يتبين بعد ذلك انه بلاغ كاذب ليس الهدف منه سوي تشويه سمعته أو تصفية الحسابات، فقد يحد هذا النص من هذه البلاغات الكاذبة والتسرع في توجيه الاتهامات، كما يجب الحرص علي احاطة هذه الأمور بالسرية التامة، حتي تتجمع المعلومات المؤيدة لهذه البلاغات بالوثائق والمستندات.. وعند ضبط المتهمين سواء كانوا متلبسين أو في وضع لا يدعو إلي الشك بل إلي اليقين.. أن نراعي مشاعر الزوجة والبنات والبنين.. فنمنع نشر اخبارهم وصورهم في الصحف.. ولا نعاملهم معاملة المجرمين.. فهم مازالوا أمام القانون ابرياء.. حتي تصدر احكام القضاء.