د. عبد الرحمن السقا يتحدث »لأخبار اليوم« عندما بدأت الحوار مع الدكتور عبدالرحمن السقا رئيس هيئة التأمين الصحي استشعرت أنني سوف أخوض في عش الدبابير، ولكن إحساسي بمسئولية المشاركة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في خلق الفرصة الايجابية لوصول العلاج لمستحقيه، أصررت علي الحوار للكشف عن مناطق القصور في تلك الأزمة. هل يحمل المشروع الجديد للتأمين الصحي مزايا جديدة للمنتفعين كما يحلمون؟ بالتأكيد.. فالمشروع نتاج جهد كبير فهو يعالج سلبيات الوضع الحالي، فأبسط ملامحه انه سيضم شرائح جديدة لم تكن تتمتع من قبل بخدمات التأمين الصحي، مثل المرأة المعيلة التي تمثل 53٪ من تعداد السكان ومحدودي ومعدومي الدخل.. وكذلك كل أفراد الأسرة للمؤمن عليه طبياً، وهو ما لم يكن متوافراً في الشكل الحالي، بل سيتم تحمل العلاج بنسبة 001٪. ولكن النظام الجديد سيعتمد علي شهادات الفقر للتمتع بالرعاية الصحية، والذي سيحول العلاج إلي سلعة تباع وتشتري، بدلاً من كونه خدمة عامة؟ هذه الفكرة غير صحيحة بالمرة.. لأننا كهيئة التأمين الصحي لن نعتمد هذه الشهادات لتقديم خدماتنا لهؤلاء الذين ستشملهم مظلة التأمين الصحي.. واعتمادنا سيكون علي سجلات الدولة حيث تضم السجلات الرسمية حصرا شاملا لحالة الأشخاص المادية والصحية والتي يمكن الاعتماد عليها. ولكن الفكرة السائدة عن هيئتكم هو الجمود وعدم تطوير الخدمة للمنتفعين؟ ربما كان ذلك فيما مضي، ولكني لا أطلب منك، أو من أي إنسان يريد أن يدرك ما يحدث الآن، القيام بزيارة لمستشفيات وعيادات الهيئة علي الأقل، بل أقدم لك نماذج بسيطة لما سيقدم خلال الأسابيع القادمة، حيث سيتم افتتاح أكبر مركز لعلاج الأورام لأول مرة في هيئة التأمين الصحي، والذي سيقدم خدمة العلاج الاشعاعي والكيماوي والجراحي داخل مستشفي مدينة نصر، كما تم تجهيز المركز بتكلفة 021 مليون جنيه، وسيقدم الخدمة لنحو 82 ألف مريض. وهناك مستشفي بهتيم والذي سيكون مستشفي نموذجيا يقدم خدمات ذات طابع متخصص لضمان أكبر قدر من الجودة والذي سيشمل مركز زراعة قوقعة الأذن. ولكن تهمة القصور هي الشكوي الدائمة وان الهيئة لا تقدم علاجا لأمراض مزمنة في تخصصات عديدة تحتاج إلي رعاية خاصة. أي قصور هذا الذي تقصده فالهيئة التي تستقبل 04 مليون منتفع سنوياً في العيادات الشاملة بخلاف أكثر من مليون حالة تتردد علي استقبال المستشفيات بلغ عدد حالات الدخول والحجز بالمستشفيات نحو 085 ألف مريض أجرينا أكثر من 361 الف عملية جراحية 27٪ منها عمليات متقدمة، و21٪ عمليات كبري ومعقدة. اما بالنسبة للمرضي أصحاب الأمراض المتخصصة فهل تعلم أننا فقط بالنسبة لمرضي القلب أجرينا عمليات قلب مفتوح بلغ عددها نحو 31 حالة غير حالات القسطرة التشخيصية والعلاجية والتوسيع بالبالون وتركيب دعامات بتكلفة 53 مليون جنيه.. وفي حالة زراعة الأعضاء قمنا بزراعة 77 حالة زراعة كبد ساهمنا فيها ب5.6 مليون جنيه، و853 حالة زراعة قوقعة تكلفت نحو 51 مليون جنيه ومن باب تطوير خدماتنا قمنا برفع مساهمة التأمين في عمليات زراعة قوقعة الأذن إلي نحو 09٪ من اجمالي التكلفة الحقيقية لتصل الآن إلي 09 ألف جنيه للحالة الواحدة بالاضافة إلي حالات زرع النخاع وزراعة القرنية. رغم كل ما ذكرته من ايجابيات تتحقق ولكن في الواقع نري هروب الغالبية من المنتفعين للعلاج علي نفقتهم. حتي ننجح ونعالج مشاكل لابد من المصارحة، وإذا اعتمدنا علي الخداع فأننا سنظل نحرث في البحر، لابد أن نعترف أن معدل الاستفادة الفعلية للمنتفعين لا يتعدي 52٪ بينما 57٪ غير مستفيدين، لأنه ببساطة الميزانية المخصصة للعلاج في التأمين الصحي أقل من 5 مليارات جنيه في حين ان ما نحتاجه لتقديم خدمة متكاملة، فأنت تحتاج إلي 02 مليار جنيه وإذا أراد كامل المنتفعين الحصول علي حقهم في العلاج فإن الهيئة سوف تستنفد ميزانيتها خلال 3 شهور فقط.. والمطلوب الآن التفكير جدياً في مواجهة مشكلة توفير التمويل اللازم لتقديم خدمة حقيقية.. كما انه يجب ألا يقل الاشتراك السنوي عن 006 جنيه، فالاشتراك الفعلي لا يزيد علي 03 جنيهاً ويزيد الي 001 جنيه في حالات محددة سنوياً.. اشتراك الطالب لا يزيد علي 4 جنيهات سنوياً والدولة تدعمه ب21 جنيهاً، في حين ان الخدمات المقدمة قد تتعدي 001 ألف جنيه، في حين ان مرضي السكر من الأطفال يصل تكلفة دوائهم شهرياً فقط مالا يقل علي 052 جنيهاً. ويضيف د.السقا أن منظومة العمل تحتاج إلي تعديل وهذا يستلزم زيادة التمويل.. فالهيئة التي انشئت في الستينيات لخدمة 6 ملايين منتفع وكانت الخدمات محدودة معظمها للفحص الطبي للعمل والمتابعة، أصبحت تقدم الآن لنحو 84 مليون منتفع بينهم طلاب ومعاشات وأرامل والكوادر الوظيفية لهيكل العمل تحتاج إلي تطوير لتناسب التوسع الضخم في الخدمات، ولكننا لا نستطيع انشاء درجات وظيفية جديدة.. وهل تعلم ان عيادات التأمين الشاملة تصدر يومياً نحو 05 ألف روشتة علاج تتكلف سنوياً مليارا و002 مليون جنيه سنوياً. وماذا سيتم لسد الفجوة في ظل الظروف الحالية رغم الحاجة الشديدة إلي زيادة التمويل؟ هناك أمور يمكن اللجوء إليها مثل فرض رسوم بسيطة علي بعض الخدمات، مثال ما يفرض من الرسوم علي الشجائر ونحصل منه علي 005 مليون جنيه ويمكن رفع هذا الرسم ومضاعفته ليصبح 25 قرشا وهذا سيوفر مليار جنيه من وعاء واحد دون أن يمثل عبئاً حقيقياً علي دافعيه. ماذا عن سوء أسلوب التعامل من العاملين في مستشفيات التأمين؟ نعم هناك سوء من المعاملة قد يتعرض لها البعض بسبب ضغط العمل الزائد ثم هناك متغيرات طرأت علي سلوكيات معظم أفراد المجتمع، كلنا لسنا غائبين عنها ولكننا نتصدي أي مصدر شكوي في الحال، وقد اتخذنا اجراءات عملية للتخفيف عن المتعاملين واختصار جهدهم في السعي لإنهاء الاجراءات داخل العيادات والمستشفيات، وذلك بإنشاء أقسام خدمة العملاء والتي يضم كل قسم فريقا من الشباب المؤهل علي حسن معاملة المواطنين وحل مشاكلهم في الحال والقيام بالاجراءات المطلوبة في أماكنهم بدلاً من المرور علي الادارات المختلفة بالهيئة وجمع التوقيعات والأختام. ولكن هناك معاناة ملموسة في العيادات نتيجة عدم التزام الأطباء وتأخر الكثير عن الحضور أو غيابهم خاصة الاستشاريين بعضهم يفحص 03 مريضاً في أقل من ساعة؟ نحن نرصد مثل هذه الحالات ونتخذ إجراءات تصل إلي حد فسخ العقد مع الاستشاري، خاصة إذا شعرنا بأن عمله بالتأمين الصحي ليس سوي وسيلة لجذب مرضي التأمين للتعامل الخاص معهم من الخارج. مرضي التصلب المتناثر مأساة يعيشها صاحب المرض الذي يتهرب التأمين الصحي من علاجه رغم قسوة المرض.. فما الحل؟ كان ذلك سابقاً.. ولم تكن الهيئة تقدم لهم الخدمة العلاجية المتعارف عليها، ولكن الآن وفي ظل التطوير لأداء الهيئة وإدراكاً لمعاناة هؤلاء مع التقدم في العلاج بدواء جديد يتكلف 4 آلاف جنيه شهرياً، لا نستطيع سوي صرف العلاج بدعم 05٪ خاصة مع وجود أدوية وبدائل أخري متاحة لهم الدنيا.