د. سيف عبدالفتاح خطر في ذهني وأنا أبحث عن عنوان لمقالي في العدد الأسبوعي لأخبار اليوم الجريدة العريقة، أن الكاتب مهمته الجلاء والبيان، والفحص والتحقيق، وبدا لي أنه من الضروري قراءة المجتمع كنص، وأن قراءة النص المجتمعي يغلب علي معظمها فكرة "اللقطات" من خلال حادثات تبدو فردية، ولكنها بالنظر العميق والدقيق فهي إن لم تمثل ظاهرة فإنها تؤثر عليها، وهي لقطات كالبؤرة المجمعة للصورة والعدسة اللامة للحدث وبلورته. المشاهد بمثابة شهادات و»الشهادات« جمع شهادة، يقال: شهد يشهد شهادة، وهي في اللغة لمعان عديدة كالعلم، والحضور، والرؤية، والإعلام، والإخبار، والمعاينة، فهذا الإعلام يتفرع علي تحقق العلم وحصوله عن طريق الحضور، أو الرؤية، أو غير ذلك، والشاهد يؤدي الأمر الحاصل عنده. قد لا نتعرض لمشاهد ظاهرة أو لظاهرة شهدت عناصر التراكم والاستمرار والاستقرار، إلا أنها تعبر عن أحداث كاشفة وفارقة علي فرديتها أو محدوديتها أو فرادتها، من خلال الكشف عن المشاهد الفارقة واللقطات الكاشفة، يحق لنا أن نطلب من الفكر أن يزيل الغشاوات والعتمات، وأن ينظم الواقع، وأن يكشف عن القوانين التي تحكمه، وهو مايعني ضرورة الكتابة للبحث عن المسكوت عنه في المشهد والكشف عن المستور فيه. ومن هنا قد نحول المشاهد إلي شواهد والشواهد إلي "شهادة" "شاهد ومشهود" يعبر عن تواصل هذه الرؤية المعبرة عمّا بين سطور "نص المجتمع مشاهده ومشاهداته وشواهده" وفكرة المشاهد ضمن هذا السياق توفر قاعدة لرؤية نقدية للحالة المجتمعية، وتوفر أيضًا قاعدة للتوجه نحو الإصلاح. إنها مشاهدات وشواهد وشهادات قد يعتبرها البعض "خواطر" وقد يسميها البعض الآخر "شجون"، وقد يتصورها نفر غير قليل مجرد "تأملات"، إلا أنني في حقيقة الأمر أسميها "قراءة في النص المجتمعي" تبدو عابرة، ولكنها عابرة نحو العبرة والتوقف والتفحص والقدرة علي التبين والبيان للظاهرة ومكنونها، تبدو وكأنها حديث "التجاذب" أو "شكوي الهموم"،إن لسان الحال ولسان المقال ينتقلان من التأمل إلي التألم ومن التألم الي صناعة الأمل. هذا الاختيار إنما يشكل تفعيلا لمدخل اللقطات ضمن هذا العمود الذي يحدد مشهدا فيرصده ويحلله ويقيمه ويقومه، هذا الأمر يجعلنا نتعمق في رؤية الحديث والوقوف علي أهم معانيه ومغازيه والعبرة والتعلم منه وعليه، وغاية الأمر أننا نقرأ المشاهد ضمن رؤية ثلاثية الأبعاد، البعد الأول متعلق بالوصف والرصد للمشهد، أما الثاني فيرتبط بالتحليل والتفسير ويكتمل البعد الثالث من خلال الاستفادة من المشهد واقتناص العبرة والفكرة في المشهد.