عبدالغفار شكر لا ينكر أحد أن البلاد تمر بأزمة شاملة ويعيش المجتمع المصري حالة من الإنقسام الحاد بين معسكرين أحدهما يتولي السلطة ويسعي إلي الإنفراد بها دون أي اعتبار لمشاكل البلاد ومعاناة المواطنين، والثاني يرفض العودة إلي إحتكار السلطة لطرف بعينه، فقد عاشت مصر سنوات طويلة في ظل الحزب المهيمن الذي يحتكر السلطة وإلي جواره مجموعة من الأحزاب الا يسمح لها بالنمو إلي الدرجة التي تمكنها من منافسته علي السلطة وقد ثار الشعب المصري ضد هذه الأوضاع وقدم الشهداء أرواحهم من أجل تمتع المصريين بحرياتهم وحقوقهم، وإقامة دولة ديمقراطية يتم تداول السلطة في ظلها بين مختلف القوي السياسية من خلال انتخابات حرة ونزيهة، وما يجري اليوم علي أرض مصر هو إنحراف عن هذا الهدف ورغبة محمومة من الإخوان المسلمين للتمكن من مفاصل الدولة وإرساء القواعد التي تضمن إحتكارهم للسلطة ويعارضها دائرة واسعة من القوي السياسية والحركات الشعبية والاحتجاجية ومنظمات المجتمع المدني وشباب الثورة. وتتعمق الأزمة يوماً بعد الآخر مع عجز الحكومة عن حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الملايين، كما تتعمق الأزمة بسبب مشاعر اليأس والإحباط التي تنتاب الشباب لإحساسهم أن الثورة قد سرقت منهم وأن ما قامت من أجل تحقيقه من أهداف لم يتحقق ويتولد من مشاعر اليأس والإحباط توتر يدفع المجتمع إلي مواجهات عنيفة يسقط فيها ضحايا جدد. وما بين رغبة البعض في إحتكار السلطة ويأس البعض الآخر من أن تتحقق أحلامهم في الحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية توشك البلد أن تدخل متاهة لا يعلم إلا الله كيف ستنتهي، من هنا أهمية أن يتم إختراق الأزمة من خلال مبادرة يطرحها رئيس الجمهورية تتضمن سياسات جديدة تكون موضع رضاء الجميع واستعادة التوافق الوطني حول برنامج سياسي محدد للإنقاذ الوطني يقدم حلولاً حقيقية لمشاكل مزمنة كالبطالة والفقر والتهميش ومعالجة حقيقية للإنفلات الأمني وتحقيق العدالة الإنتقالية بمحاكمات سريعة لكل من أفسد الحياة السياسية ونهب ثروات البلاد. وبدون هذه المبادرة لاختراق الأزمة تكون السلطة قد فرطت في القيام بمسئولياتها وعندها لن نندهش إذا بادرت أطراف أخري لمنازعة هذه السلطة وإتهامها أنها قد فقدت شرعيتها. نائب رئيس مركز البحوث العربية والافريقية